«الوانيت».. تاكسي المدينة المنورة الذي رفض الخضوع

لأنه أرخص في التكلفة ومتوفر حول أرجائها

بات «الوانيت» وسيلة النقل الشعبية التي يحبذها زوار المدينة رغم عدم شرعيتها («الشرق الاوسط»)
TT

يقف العم مهدي محمد جانبا قرب طريق الملك عبد العزيز الواقع شرق الحرم المدني، منتظرا مجيء زبون جديد آخر فور انتهائه من إيصال زبونه الأخير من منطقة العنبرية إلى الحرم الشريف، ليصلي صلاة الظهر ويزور قبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

العم مهدي يعول 5 أبناء وهو موظف حكومي متقاعد يعمل سائق أجرة بسيارته من نوع (بيك أب) أو «الوانيت» كما يحلو لأهل المدينة تسميتها، وهي شهيرة بصندوق خلفي وشكل بدا مألوفا لدى أهل المدينة المنورة.

يقول العم مهدي وهو يقود «الوانيت» بسرعة متوسطة متجها نحو الطريق الدائري متجاوزا السيارات بطريقة تدل على خبرته العتيقة في الشوارع والطرقات «بعد تقاعدي لم أستطع توفير احتياجات المنزل وأولادي الخمسة من راتب التقاعد البسيط، مما دفعني لشراء «الوانيت»، إذ استطعت الحصول على تمويل من أحد البنوك، واشتريته بالتقسيط، حتى بات يدر دخلا جيدا يساعدني على تحمل سداد الأقساط، وتوفير نفقات المنزل ومجابهة أسعار السلع والمواد الغذائية المرتفعة».

ويفضل العم مهدي العمل خارج أرجاء المنطقة المركزية، بسبب بعض المضايقات من قبل الجهات الرسمية التي تشدد على عدم استخدام الوانيت في نقل الركاب، إلا أن موسمي رمضان والحج يفرضان عليه العمل بجانب الحرم المدني، لوفرة الزوار وكثرتهم خلال المواسم.

ويعتبر «الوانيت» في المدينة المنورة، وسيلة نقل شعبية ودارجة يستخدمها الراغبون في الركوب بأسعار منخفضة التكاليف قد لا تتجاوز في الأيام العادية 1 دولار للمشوار، و3 دولارات للمشوار في المواسم، كما يكثر تواجدها في أرجاء المدينة النبوية داخل وخارج المنطقة المركزية بحسب الشاب مسفر الموصلي، وهو موظف يعمل في الزراعة ويملك بستانا على أطراف المدينة المنورة من جهة الجنوب.

وأضاف الموصلي «قد تنتظر كثيرا عندما ترغب في إيقاف سيارة أجرة عامة وأنت خارج المنطقة المركزية، إذ تتمركز سيارات الأجرة في المنطقة المركزية بجوار الحرم المدني لجني الربح السريع والمضاعف بالنسبة للقادمين من الحجاج والزائرين من شتى أرجاء العالم، وقد يستغل سائق الأجرة الموسم لمضاعفة مكسبه من خلال العمل مع الزوار فقط».

وأكمل «قلما تفقد الوانيت خارج المنطقة المركزية، ويمتاز سائقوه بمعرفة الطرقات والأحياء بشكل جيد». مشيرا إلى ثقافتهم التاريخية في المدينة، فهم يملكون ذاكرة جيدة ومعلومات مفصلة حول المزارات والآثار التي تشتهر بها المدينة كالبقيع والمساجد السبعة ومسجد الجمعة».

وأردف الموصلي قائلا «ناهيك عن المطاعم الشعبية والراقية على حد سواء، فسائق الوانيت يعتبر دليلا شاملا».

المهندس سعود جعفر يعمل في القطاع الخاص في المدينة المنورة وهو قيادي في شركته ومسؤول عن قطاع الصيانة فيها، يقول المهندس جعفر «تعود أسباب انتشار الوانيت كوسيلة نقل شعبية إلى تعدد استخداماته، خصوصا لدى أصحاب المزارع والبساتين والأعمال». من جانبه، أكد المهندس زهير كاتب مدير المؤسسة العامة للنقل في المدينة المنورة على ضرورة عدم استخدام الوانيت كوسيلة لنقل الركاب. وقال «إن استخدامه بديلا عن التاكسي عملية غير شرعية».

وأكد كاتب أن المؤسسة العامة للنقل تنظم بالتعاون مع مرور المدينة جولات بين فينة وأخرى، «للحيلولة دون استخدام الوانيت كتاكسي في المدينة المنورة».

إلا أن فهد غالب، الشاب الذي ما زال يبحث عن وظيفة، قال بلهجة مدنية «التاكسي ما منو فايدة». معبرا عن جفاء الركاب للتاكسي نظرا لارتفاع سعر المشوار مقارنة بالوانيت.

وأضاف غالب مبررا أن «قيمة الوانيت نفسه لا تتجاوز 7 آلاف دولار، بينما تبلغ قيمة شراء التاكسي بين 10 إلى 17 ألف دولار».