«الدراويش الشامية».. فرقة موسيقية جديدة في دمشق

تعتبر الأولى التي تعمل على إحياء رقص «السماح»

فرقة «الدراويش الشامية» في حفل فني بدمشق («الشرق الأوسط»)
TT

انتشرت في السنوات الأخيرة في العاصمة السورية دمشق ظاهرة تأسيس فرق الإنشاد الديني والصوفي والتخت الشرقي الموسيقي، حيث لا يمضي عام إلا ويعلن عن تأسيس فرقة جديدة في هذا المجال.

ومع أن فنون الإنشاد الديني والصوفي عرفتها دمشق منذ سنوات طويلة، لكن كانت، ولفترة زمنية امتدت منذ منتصف سبعينات القرن العشرين المنصرم وحتى بدايات القرن الحالي، محصورة في رابطة المنشدين السوريين وفي فرق قليلة لا يتجاوز عددها الثلاث فقط. وما يميز الفرق الجديدة أنها تستقطب الهواة من محبي الموسيقى الشرقية والغناء الصوفي ومن مختلف الأعمار، بحيث يشاهد في هذه الفرق من هم دون سن الثامنة عشرة وحتى الثمانين عاما. كما إن ما يميزها أن جميع حفلاتها التي تقدمها مجانية ولا تأخذ مقابلا ماديا، كما أن أعضاءها متبرعون بوقتهم وموهبتهم للعمل مع الفرق من دون أي مردود مادي ومعظمهم لديه أعمال أخرى يعتمدون على مردودها في معيشته. كما إن ما يميز مؤسسيها أنهم يعتمدون على إرث تراثي وعائلي حيث يرثون عن آبائهم وأجدادهم هذه الهواية ويعملون على إحيائها من جديد.

ومن أحدث فرق الإنشاد الصوفي والموسيقى الشرقية التي تأسست مؤخرا هناك «فرقة الدراويش الشامية» التي تحدث مؤسسها صباح قباني لـ«الشرق الأوسط» عنها وعما تقدمه وأنشطتها ومستقبل الفرقة في ظل وجود فرق عديدة منافسة لها: «تضم الفرقة 22 شخصا ما بين منشد ومولوي وموسيقي، ونستخدم آلات موسيقية متنوعة ومنها القانون، وأنا من يعزف عليه في حفلات الفرقة. وهناك الناي والكونترباص والإيقاع والفيولا والعود. أعمار أعضاء الفرقة متفاوتة، أكبرهم هو الخطاط والموسيقي زهير زرزور وعمره 85 عاما وأصغرهم عمره 16 سنة».

وكانت بدايات العمل، كما يقول قباني، «كهواة للموسيقى كنا نلتقي في جلسات شخصية نعزف فيها لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وكبر عدد المنضمين لمجموعتنا العاشقين للموسيقى الشرقية وهواة العزف على الآلات الموسيقية، وهكذا كانت انطلاقة الفرقة. والسبب في تأسيس فرقتنا هو الحفاظ على تراث الإنشاد الديني والفني، حيث نقدم موشحات دينية وأندلسية، كما نعمل بشكل خاص على إحياء موسوعة تراثية كتبها الشيخ عربي القباني قبل وفاته وجمع فيها 1500 موشح ووضع الإيقاعات والمقامات التي تستخدم لتقديم جميع هذه الموشحات، وكوني عاصرت والدي وسمعت منه هذه الموشحات، وبعضها وضعته معه من خلال آلة القانون، كانت مبادرتي بتدوين هذه الموشحات حفاظا عليها من الضياع. ونقوم حاليا كفرقة وموسيقيين وإيقاعات وأصوات جيدة بتسجيلها صوتا وصورة على أقراص كومبيوتر ونمشي في هذا الاتجاه حتى نصل لتحقيق هدفنا. ويساعدنا في تحقيق هذا الهدف الفنان السوري المعروف صباح فخري».

كذلك تلقى الفرقة وعلى الرغم من عمرها القصير، حيث تأسست قبل ثمانية أشهر فقط، من العديد من الموسيقيين السوريين المخضرمين وبشكل خاص من الموسيقي عدنان أبو الشامات (مؤسس فرقة أمية للفنون الشعبية) الذي يحضر بروفات الفرقة بشكل دائم ومن آخرين، المساعدة في تصحيح أي خطأ فني يمكن أن تقع فيه أثناء البروفات.

وحول خلو الفرقة من العناصر النسائية، قال قباني: «ستستقبل الفرقة في عضويتها المنشدات قريبا بعد أن نطلق نمط الموشحات الأندلسية ورقص (السماح) في عمل الفرقة، حيث نعمل حاليا في مجال الموشحات الدينية والتي انطلقنا منها». وحول وجود فرقته في ظل فرق مشابهة أقدم من فرقته ومدى إمكانية منافسته للفرق العريقة في هذا المجال، قال قباني: «نحن، وإضافة لتقديمنا الإنشاد الديني والصوفي، يميزنا عن غيرنا أننا نقدم أنماطا موسيقية لا يقدمها الآخرون، ومنها السماعيات الكاملة والبشارف واللونكات الموسيقية القديمة التركية والمصرية والسورية، حيث نعيد إحياء الموسيقى القديمة، ومنها على سبيل المثال في الحفلتين اللتين قدمناهما في دمشق كانت هناك فقرات (سماعي)، وهي قطع موسيقية تراثية كانت قد دخلت مرحلة النسيان، منها لموسيقيين قدماء ومنهم التركي جميل عويس ولعازف العود التركي الشهير جورج ميشيل وللسوري عبد الفتاح سكر». وهذا ضمن مبادئ عمل الفرقة، حيث لا بد للدرويش (حسب المفهوم الموسيقي والفني ـ وتسمى في تركيا مرحلة السمع خانة) أن يسمع موسيقى قبل أن يبدأ برقصة الدراويش الدائرية فيسمع حتى يشبع ذهنه بالموسيقى الشرقية.

وحول الأعمال والأنشطة المستقبلية، قال مؤسس الفرقة قباني: «هناك مشروعات موسيقية تراثية جديدة قادمة، ومنها مرافقة رقص (السماح) للموشحات الأندلسية، و(السماح) فن شرقي سنعمل على إحيائه في فرقتنا بدمشق، حيث لم ينتشر، باستثناء فرقة وحيدة قدمته وهي فرقة (أمية). ولدى الفرقة حاليا موقع على شبكة الإنترنت باسم (الدراويش الشامية) (www.dr ـ sh1.com) يتضمن مقاطع من أمسياتنا الفنية ولمحة عن أعضاء الفرقة».

وحول إمكانية أن يترك أحد الأعضاء الفرقة وبالتالي تتراجع وتغيب كما حدث لبعض الفرق في السنوات الماضية، قال قباني ضاحكا وواثقا من مستقبل فرقته: «هناك شباب يطلبون الانضمام لفرقتنا على الرغم من وجود ما يسمى الغناء الشبابي والموسيقى الغربية وغيرها، ومع ذلك نشاهد شبابا هواة متعطشين للعمل في مجال الموسيقى التراثية».