تونس: مهرجان لمذاقات التراث الغذائي يعرف بـ«المطبخ البيولوجي»

السيّاح يشاركون في جني الزيتون وإعداد الخبز التقليدي

خبز طابونة تونسي و زيت زيتون تونسي («الشرق الأوسط»)
TT

تحتفظ مدينة بومرداس من ولاية (محافظة) المهدية، الواقعة على بعد 250 كلم في وسط تونس، بمهرجان نظمت دورته الأولى عام 2003. ولقد حافظ هذا المهرجان على دوراته المعرّفة بالتراث الغذائي التونسي، الذي يعاني من منافسة شديدة من الأكلات الخفيفة.. وكذلك الوجبات السريعة الكثيرة الدسم.

مهرجان «مذاقات التراث الغذائي»، كما هو معروف، احتفى أخيراً على امتداد ثلاثة أيام بزيت الزيتون التونسي الفاخر وخبز الطابونة. وعمل على تقريب التراث الغذائي التونسي من المواطنين من أبناء البلد من جهة، ومن جهة أخرى السياح الأجانب الذين يقصدون تونس خلال هذه الفترة الباردة من السنة.. ولا سيما في أوروبا الشمالية. ولقد تضمنت التظاهرة التي نظمتها جمعية صيانة مدينة بومرداس خلال أيام 20 و21 و22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي جملة فعاليات ثقافية وحضارية وسياحية إلى جانب العديد من الفقرات المهمة مثل المسابقات المفتوحة للجمعيات والأفراد والمؤسسات، ومعرضا للصناعات التقليدية التراثية ومعرض زيت الزيتون المحلي.

في الواقع من أبرز أهداف المهرجان لفت الأنظار إلى الجوانب الصحية والعلاجية للتراث الغذائي في تونس والتعريف به والترويج له، إلى جانب التأكيد على التلازم الغذائي الحاصل بين زيت الزيتون وخبز الطابونة. وكذلك إشعار المستهلك بأهمية التراث الغذائي وأسس المطبخ البيولوجي، ولا سيما لجهة تشجيعه على الرجوع إلى التراث الغذائي التقليدي، وبالذات في ما يتعلق بزيت الزيتون. ومعلوم أن هذا المنتج الذي يشكل حقاً ثروة غذائية وصحية يعيش هذه الأيام تراجعاً تدريجياً أمام زحف الزيوت والدهون النباتية والمصنعة ذات القيمة الغذائية المتدنية. أما بالنسبة للخبز التقليدي فهو، كما يعرف كل من تذوقه وقرأ عنه، غني بالألياف المغذية والموفرة للصحة والعافية.

حول هذه الدورة، قال عز الدين الحاج مبروك، رئيس المهرجان لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه «إن الدورة الجديدة عرفت عددا من الإضافات، من بينها إقامة معرض لزيت الزيتون لأول مرة تحت اسم «زيتوليفا» شارك فيه 11 منتجاً للزيت. كما برمجت الهيئة المديرة للمهرجان معرضاً للصناعات التقليدية التراثية ضم الفخار والكريستال (البلّور) والحرير وصناعة البرنس...». وأكد الحاج مبروك أن الدورة الجديدة «شهدت مضاعفة عدد الزائرين، بالمقارنة مع الدورة السابقة، ربما بفضل السمعة الطيبة جداً التي تحظى بها منطقة بومرداس في مجال إنتاج الزيت البيولوجي». على صعيد آخر، دعا بوبكر الكراي، مدير معهد الزيتونة، إلى «الرجوع الفوري إلى زيت الزيتون كمادة غذائية لا غنى عنها والامتناع بتاتاً عن مقارنتها ببقية الزيوت النباتية». وأردف الكراي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» قوله «إن المواطن التونسي يستهلك ما معدله 23 كلغ من الزيوت بأنواعها خلال السنة.. لكننا لا نجد منها سوى 7 كلغ من زيت الزيتون. إن هذا معدل ضعيف بالنسبة لبلد منتج للزيتون والزيت». وتأكيدا على أهمية أشجار الزيتون في تونس قال الكراي «إن برنامجا لتعويض 130 ألف هكتار من الزيتون الهرم قد انطلق ومن المنتظر أن يساهم في زيادة الإنتاج».

من جانبها، قالت سعاد البحري، وهي حرفيّة من بومرداس، «إن مشاركتها اعتمدت على الصناعات التقليدية على غرار النسيج والطريزة والنقش على البلّور والصوف... وهي كلها منتجات ذات طابع تقليدي يتماشى مع طبيعة هذه التظاهرة». وعددت سعاد مزايا اللباس التقليدي في بومرداس مثل «حرام الحرير» و«الملة الحمراء»، وأوضحت «أن معظم نشاطات المهرجان تعتمد على المرأة بدءا بالخبز التقليدي وصولا إلى اللباس التقليدي بأنواعه». دعت بالمناسبة إلى انطلاق المهرجان بسهرة تجمع كل المشاركين في المهرجان، وهو ما لم يحصل في السابق، كما دعت إلى تخصيص فضاء أرحب لعروض الصناعات التقليدية.

كلمة أخيرة عن هذه التظاهرة التراثية اللافتة. لقد استقبل مهرجان بومرداس وفوداً سياحية من خلال ركن «عيد السياحة والزيتونة»، وأتيح لأفراد هذه الوفود التعرّف على طرق استغلال المعاصر، كما شاركوا في ألعاب الزيتونة التراثية بما جعل المشاركة تعتمد بالخصوص على عناصر الاكتشاف. كذلك واكب أعضاء الوفود السياحية الزائرة، بالإضافة للتعرف على أصول جني الزيتون وعصره على الطريقة التقليدية المعروفة بـ«الكرد»، مراحل إعداد الخبز التقليدي وطهيه. وفي هذا المجال اكتشف الزائرون أنواعاً جديدة عليهم تماماً من الخبز التقليدي من خلال المسابقة الوطنية للتراث الغذائي، وذلك على غرار «فطاير الغناي» و«خبز الطابونة» و«الرفيسة».