الجزائريون يقبلون على وصفات أعشاب لمواجهة إنفلونزا الخنازير

بعد تسجيل 32 حالة وفاة بالفيروس

التهافت على الأعشاب لمواجهة إنفلونزا الخنازير في الجزائر.. ظاهرة أم هستيريا؟ («الشرق الأوسط»)
TT

تشهد دكاكين بيع الأعشاب الطبية والعقاقير التقليدية في الجزائر إقبالا غير مسبوق، بسبب مخاوف الجزائريين من زحف إنفلونزا الخنازير الذي قتل 32 شخصا، حسب آخر حصيلة رسمية. ويقول الذين يقصدون متاجر الأعشاب إنهم لا يثقون في اللقاح الذي استوردته السلطات ولم توزعه بعد على المراكز الصحية.

ففي منطقة الحراش الواقعة بالضاحية الشرقية للعاصمة، شهد بيع الأعشاب الطبية، خاصة الأصناف المضادة لكل أشكال الإنفلونزا، انتعاشا كبيرا. وتزايد الإقبال عليها مع ارتفاع أعداد المصابين بفيروس «إش 1 إن 1»، ومع ارتفاع حصيلة المتوفين المتضررين من الانتشار المذهل للفيروس.

وقال صاحب دكان «أعشاب الشفاء» بوسط مدينة الحراش لـ«الشرق الأوسط»، إن شائعات كثيرة يتداولها سكان المنطقة عن «خلطة سحرية» من الأعشاب تقضي نهائيا على الفيروس أو تحصن الجسم ضد الإصابة به، بحسب الاعتقاد السائد. ويضيف صاحب الدكان: «جاءني شاب يبدو متعلما يحمل في يده قصاصة من الورق هي عبارة عن وصفة تقي من إنفلونزا الخنازير، فقال لي إن صديقا له يسكن في بريطانيا أرسلها له عبر الإنترنت ونصحه بأن يتبع ما فيها ويقنع أفراد أسرته وكل من يعرفه بالبحث عن الدواء الذي تتضمنه هذه الوصفة». وأوضح أن الأمر يتعلق «بمادة اسمها اليانسون، وهي صينية، كما قال لي لكننا نسميها في الجزائر حبة الحلاوة حسب الشكل الذي ظهر في القصاصة». وأضاف: «كتب على الوصفة أن احتساء كوب من اليانسون الدافئ في الصباح الباكر لمدة أسبوع، يجنب الإصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير، وأن هذه المادة أكثر فعالية من اللقاء المضاد للفيروس». وتابع: «رغم أني غير مقتنع بهذا الدواء، فقط اتبعت ما يوجد في الوصفة وقدمت له الخلطة التي لم يسبق لي أن أعددتها من قبل، وجاءني آخرون وأعطيتهم نفس الدواء».

ويجري الحديث في عدة أحياء بالعاصمة عن هذا العلاج حيث كثر عليه الطلب منذ أسبوع، إلى درجة أن «حبة الحلاوة» أصبحت نادرة في دكاكين الأعشاب الطبيعية. وأوضح حمود عمورة من بلدة أولاد سلامة جنوب العاصمة، أنه طلبها من متجر الأعشاب قرب منزله وطلب غيرها من العقاقير التي تقي من كل أنواع الإنفلونزا. وأوضح نفس الشخص: «لقد أصبنا في العائلة بحالة هستيريا بعدما أصيبت ابنتي الكبرى بزكام مصحوب بارتفاع غير عادي في درجة حرارة جسمها، حيث اعتقدنا أن إنفلونزا الخنازير دخلت بيتنا فهرعت مذعورا إلى المستوصف لعلاجها، ومع أن الطبيب أكد لي أنه زكام موسمي طبيعي ونصحها بأخذ الدواء العادي في مثل هذه الحالات، إلا أني لا أثق في الوصفات الكيميائية حيث عزمت على السفر إلى قرية في الشلف (البعيدة بحوالي 200 كلم) لأني سمعت أن بها عجوزا ماهرة في علاج أخطر أنواع الزكام بواسطة أعشاب نادرة».

ويعاني كثير ممن يقصدون محلات بيع الأعشاب من الإنفلونزا الموسمية وآخرون من مشاكل في التنفس، وهم يدركون أنهم الأكثر عرضة للإصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير. ووجد باعة الأعشاب في هذا الظرف غير العادي فرصة لرفع أسعار موادهم التي تعرف الإقبال في موسم الشتاء أكثر من أي فترة أخرى، مثل الزنجبيل والعسل الصافي والثوم والشيح والقرفة.

وتتزامن هستيريا التهافت على الأعشاب الطبيعية مع ارتفاع حصيلة الوفيات جراء الإصابة بالفيروس. وأعلنت وزارة الصحة مساء أول من أمس عن 8 حالات وفاة جديدة ليرتفع عدد قتلى الفيروس إلى 32، ويوجد من بينهم رضيع في شهره الـ19 وصبي لا يتجاوز عمره عامين. وذكرت الوزارة أنها أحصت 553 إصابة مؤكدة بالفيروس زيادة على 8 آلاف حالة محتملة.