بيوت عشوائية تظهر وسط مقابر البصرة

ربة أسرة لـ «الشرق الأوسط»: سكني بين الأموات حسّن وضعي المعيشي

جانب من البيوت العشوائية في مقبرة الأطفال بمحلة إبراهيم الخليل في البصرة («الشرق الأوسط»)
TT

لم تسلم حتى المقابر القليلة في البصرة، التي اعتاد سكانها دفن موتاهم في النجف، من زحف البناء العشوائي تحت وطأة أزمة السكن والفقر.

واتسعت هذه الاستباحة لحرمات المقابر في الأعوام التي تلت الإطاحة بالنظام العراقي السابق عام 2003 تحت مظلة توجيهات الحكومة المركزية بإيقاف تطبيق القوانين السائدة في حق المتجاوزين وتعليق إجراءات الحفاظ على تنظيم التخطيط العمراني للمدينة.

ووجدت أم علي، في العقد الخامس من العمر، ذات نظرة ثاقبة وملامح قاسية، ترملت منذ 5 أعوام، حيزا صغيرا في أرض مقبرة محلة إبراهيم الخليل بين منطقتي الجزائر والبصرة القديمة، وشيدت عليها بيتا من الصفيح يتكون من غرفة ومطبخ وحمام بنوافذ ضيقة وباب مهلهل لتسكن فيه مع 3 من أيتامها. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تعرضت في البداية كغيري من القاطنين في المقبرة إلى مضايقات كثيرة من القسم البلدي في المنطقة ودائرة الأوقاف، إلا أنهم توقفوا عن ذلك بعد صدور أوامر نوري المالكي، رئيس الوزراء، بحمايتنا». وترى أم علي أن السكن الجديد في المقبرة أسهم في تحسن وضعها المعيشي، إذ أضاف إلى ما تحصله من حياكة خيوط الألياف التي تقتنيها كمواد أولية من سوق الحبّال في العشار على شكل «ليف استحمام» وتبيعه بالجملة للدكاكين، يقوم أولادها ببيع احتياجات زوار المقبرة من ماء ومرطبات وسجائر وما شابه.

وقضى السكن العشوائي على معظم مساحة مقبرة اليهود في منطقة السعدونية، ولم يبق منها الآن غير 6 قبور متجاورة، يحمل واحد منها لوحة حجرية مدون عليها باللغة العبرية معلومات عن صاحب القبر، وهي المنطقة التي كانت تشغل معظم مساحتها القبور قبل سنوات قليلة.

ويرى خالد الناصر، رئيس المجلس البلدي في المنطقة، أن «العشوائيين الذين سكنوا المنطقة حرصوا على عدم هدم بقية القبور كي تكون علامة دالة على عائدية المنطقة للوقف اليهودي وعدم أحقية الجهات البلدية في طردهم منها»، وأضاف لقد «خضعت الدوائر الخدمية إلى الأمر الواقع وامتنعت عن قطع الخدمات عن بيوت المنطقة». وقال: «ارتفعت أثمان بيوت المقبرة بشكل كبير قياسا إلى البيوت العشوائية في المناطق الأخرى بعدما قررت الحكومة تمليك بيوت العشوائيين لشاغليها نظرا لوقوع معظم الدور في أماكن مخصصة أصلا لبناء مدارس ومراكز صحية أو تجري أسفلها شبكات للماء الصافي وكابلات للكهرباء وغيرها».