فيينا تصر على أناقتها مع حفلاتها الأوبرالية.. رغم الأزمة الاقتصادية

تقيم كونسيرت للقضاة وآخر لسائقي الشاحنات وأيضا لأصحاب المقاهي

144 زوجا من شباب وشابات أرفع الأسر النمساوية من بينهم أبناء بعض الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين بفيينا تم اختيارهم وتدريبهم لتقديم رقصة الافتتاح (رويترز)
TT

لا صوت يعلو فوق صوت الحفل الراقص بدار الأوبرا أو «الأوبرن بال» في العاصمة النمساوية فيينا، التي تصر على أن تبقى أنيقة فاخرة حتى مع الأزمة الاقتصادية والركود. وعلى جميع الحضور أن يلتزموا بلباس السهرة، أي الفستان الطويل للسيدات والسموكن للرجال مع كامل الإكسسوار.

ومنذ مطلع موسم الكرنفالات ظلت النمسا تشهد حفلات راقصة الواحد تلو الآخر، بدءا من حفل القضاة والموسيقيين، وحتى سائقي الشاحنات وأصحاب المقاهي والمسرحيين والدبلوماسيين. ولكل حفل قاعته المفضلة، ولكل حضوره ورونقه، بل حتى نوع وروده التي يزين بها قاعته. لكن ورغم كثرة هذه الاحتفالات فإن الحفل الذي يقام بدار الأوبرا يظل هو الأول، ليس نمساويا فحسب، بل وعالميا، ويحرص الجميع على أن يتحقق ذلك في كل لمسة من لمسات وبرامج الليلة التي تبدأ في الثامنة والنصف مساء بانتظام الحضور في مقاعدهم، ليبدأ الحفل تمام العاشرة مع دخول رئيس الجمهورية هاينز فيشر والسيدة الأولى. كما يحضر المستشار فيرنر فايمان بصحبة الليدي كاثرين أشتون وزيرة الخارجية والدبلوماسية الأولى بالاتحاد الأوروبي مباشرة من بروكسل عقب اجتماع للقيادات الأوروبية. وقد أعلن أنها ستطلب إذنا بمغادرة الاجتماع في حالة تأخره حتى تلحق بموعد الحفل في فيينا.

144 زوجا من شباب وشابات أرفع الأسر النمساوية، من بينهم أبناء بعض الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين بفيينا، تم اختيارهم وتدريبهم لتقديم رقصة الافتتاح التي تقرر أن تكون مقطوعة من البولكا البولندية على لحن ليوهان اشتراوس، فيما سيشمل البرنامج أوبريت من 3 مقاطع، يجمع لمحات من 14 أوبرا يتم تقديمها في 15 دقيقة.

وللمرة الأولى سيخصص مسرح للموسيقى الحديثة على طريقة الديسكو، بينما سيرقص الجميع الفالس. وقد شهدت المدينة قبل فترة كثافة في الإعلانات عن برامج تدريبية لإعداد الشباب والأجانب ممن لا دراية لهم بأصول الفالس، فيما نقلت برامج تلفزيونية عددا من المقابلات مع جدات ممن يجدن خطوات تلك الرقصة، وممن لهن اهتمام خاص بكل مراسم وبروتوكولات هذه الحفلات.

أما ورود هذا العام التي وقع عليها الاختيار لتزيين القاعة فستتنوع ما بين الزنابق والورد الأحمر، إلى ورود مخملية، بالإضافة لزهور وردية للمدخل الرئيسي. وبالفعل تحولت القاعة الرئيسية لمبنى الأوبرا منذ نهار الأمس إلى أكبر قاعة رقص تزينها بل تغطيها ورود طبيعية تم استيرادها خصيصا من هولندا وجنوب أفريقيا بتكلفة بلغت 600 ألف يورو.

ويتوقع أن يصل الحضور إلى 5 آلاف ضيف، وستنال كل سيدة هدية خاصة من شركة «لانكوم»، كما سينال كل ضيف من الضيوف قطعة من الفطير النمساوي المعروف باسم الكرابفن، وهو عجينة محمرة تحشى بالمربى أو الكريمة أو الشوكولاته، وترتبط تاريخيا بموسم الكرنفالات. من ناحية أخرى تتوافر للبيع كميات ضخمة من الأطعمة الخفيفة، معظمها ساندوتشات رفيعة من سمك السالمون، والأجبان واللحوم المقددة، إذ ليس هناك طعام عشاء بالمعنى المتعارف عليه، وغالبا ما يحرص الكثيرون على تناول وجبة متأخرة بعد مغادرتهم للحفل حتى ولو صباح اليوم التالي، بموقع من مواقع بيع المقانق والسجق الذي يتم التهامه في الشارع.. وذلك مشهدا يتكرر بصورة تقليدية محبوبة في معظم الأكشاك حول مبنى الأوبرا.

من جانبه، أعلن مدير أوبرا فيينا إيان هولندر، الذي يعتبر هذا الحفل حفله الحادي عشر والأخير، أن توزيع شرفات الجلوس الخاصة بين الحضور قد تم بصورة مرضية، إذ كثيرا ما تتنافس بعض الأسر والمؤسسات خاصة تلك التي تمول الحفل على الفوز بأهم المواقع، حيث تظهر سيداتها ورجالها من المتقدمين في العمر جنبا إلى جنب شبابهم ممن ينوون تقديمهم للمجتمع. وتحرص كثير من الأسر على دعوة أبرز وأشهر معارفها من رجال المال والأعمال والأسر المالكة من مختلف دول العالم.

من جانب آخر، لم يتضح حتى اللحظة إن كان نجم الحفل المثير للجدل المقاول النمساوي المعروف ريتشارد لوقنر سينجح في الحضور بصحبة ضيفته التي اختارها لهذا العام، الممثلة الأميركية ليندسي لوهان، إذ لم يتأكد حتى الأمس وصولها إلى فيينا، وذلك كعادته سنويا، إذ دأب على دعوة ممثلة من أشهر ممثلات هوليوود لتشاركه في شرفته وأسرته، وكانت من ضيفاته السابقات صوفيا لورين، وكلوديا كاردينالي، وباريس هيلتون، وغريس جونز، وديتا فون تيس.

بقى أن نذكر أن المنظمين قد أعلنوا عن نشاط محموم لجمع تبرعات من حضور الحفل لضحايا الزلزال بهايتي، فيما يتوقع أن تصاحب الحفل مظاهرة خارج دار الأوبرا يقوم بها مناهضون لهذه النوعية من الحفلات البازخة ومظاهر الثراء الفاحش.