«الجنبية».. حزام الصغار والشباب والكبار في نجران

منع استيراد قرون وحيد القرن تسبب في دخول المقلدة ورفع أسعار الأصلية

بعض الجنابي الأصلية قد يصل ثمنها 100 ألف ريال («الشرق الأوسط»)
TT

لا أدل من محبة سكان نجران للجنبية، وحرصهم على اقتنائها، صغارا وشبابا وكبارا، أكثر من القصة التي حدثت الأسبوع المنصرم، ورصدتها «الشرق الأوسط»، حيث أبرمت الأسبوع الماضي صفقة غريبة نوعا ما وذلك بمقايضة جنبية مقابل سيارة هايلكس غمارتين موديل 2008 في سوق الجنابي بنجران.

ويقول صاحب الجنبية «البائع» مسفر نتاش آل زمانان: إن قيمة الجنبية قدرت بـ 70 ألف ريال وكان المشتري يخشى أن تضيع منه الصفقة لعدم وجود المبلغ نقدا معه، فاضطر إلى تقديم سيارته مقابل الجنبية وتمت الصفقة بوجود تجار السوق.

وأشار مسفر نتاش إلى أنه «كان يعرف في الماضي من مئات السنين البيع بطريقة المقايضة ولكنها تلاشت بشكل كبير في وقتنا الحاضر مع وجود الأوراق المالية، مؤكدا أن الصفقة كانت عادلة؛ فقد قدرت قيمة الجنبية وقدرت أيضا قيمة السيارة بنفس القيمة والجنبية تستحق ذلك المبلغ نظرا لما تتميز به من مواصفات ودقة صنع ومادة خام تؤهلها لسعر أعلى وقيمة أكبر».

ويعتبر سوق الجنابي بنجران الأبرز والأشهر على مستوى السعودية نظرا لحجم المبيعات وحركة البيع والشراء فيه، ويقع في حي البلد القديم غرب مدينة نجران كسوق شعبي تراثي فيه بضعة دكاكين مبنية من المواد الإسمنتية ومسقوف بالمواد المسبقة الصنع كالحديد، ولا يمكن للزائر أو السائح إلى نجران أن يغادر المنطقة دون أن يزور سوق الجنابي.

ويشتهر أهالي منطقة نجران بارتداء الجنبية وهي نوع من الخناجر العربية تربط بحزام يلف حول خاصرة الرجل وتعطيه ثقة أكثر بنفسه، فقد كان الناس قديما يلبسونها تحسبا لأي طارئ دفاعا عن النفس كسلاح قاطع كالسيف، وتستخدم حاليا لزينة الرجل وتلبس في المناسبات كرمز للأصالة ومصدر للفخر، ولها قيمة اجتماعية عالية يتفاخر بها الناس فيما بينهم إلى درجة أنها تعتبر أغلي هدية يقدمها النجراني إلى من يحب.

وقال عواش بن مهدي أحد تجار الجنابي بنجران لـ«الشرق الأوسط»: «إن الجنبية عرفت من عهد الحميريين وسبأ والدليل على ذلك النقوش الأثرية على جبال نجران التي توضح أن الجنبية كانت تستخدم في ذلك الحين». مشيرا إلى أن اليهود كانوا يعيشون في نجران قبل أكثر من 100 عام وعرف عنهم البراعة في صنع الجنابي.

وأضاف: «إن الجنبية تتكون من 4 أجزاء أولا المقبض أو الرأس فالجنابي الجيدة تعرف بنوع مقبضها وهو من يتحكم في سعرها، ولعل أبرز أنواع الرؤوس هي الزراف والصيفاني والقرن وتصنع من قرن وحيد القرن، وتستخدم القطع الذهبية والفضية في تزيين مقبض الجنبية، إلى جانب أن دقة الصنع وقدم الجنبية يسهمان في رفع سعر الجنبية».

ويستطرد: «ثانيا النصل أو السلة، وهي قطعة معدنية حديدية مائلة إلى اليمين بالغة الحدة، فكلما ثقل وزن الحديد المصنوع منه النصل زاد وزنها وقوتها».

ويضيف: «الثالث الغمد ويصنع من الخشب وشجر العشر، وهو مجوف الشكل وتوضع الجنبية داخله ليحميها من التلف، ويأتي على الغمد حرف فنية عديدة كالأعمال الفضية والجلدية. والرابع الحزام ويصنع من الجلود ويستخدم لربط الجنبية حول الخاصرة بعرض 2 – 3 بوصة».

وهنا يذكر محمد بن أحمد اليامي صاحب محل بسوق الجنابي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إنه بعد قرار الاتحاد العالمي للحفاظ على البيئة الذي يقضي بمنع دخول قرون وحيد القرن إلى الأسواق اليمنية، على اعتبار أن اليمن تقع ضمن أهم الدول التي تهدد بانقراض وحيد القرن، أدى ذلك إلى ارتفاع سعرها وظهور أنواع مقلدة من البلاستك رخيصة الثمن».

وأضاف محمد اليامي: «إن الإقبال على سوق الجنابي يكون أكبر في الأعياد وفي فصل الصيف حيث تكثر المناسبات». مشيرا إلى أن هنالك تزايدا تدريجيا داخل المجتمع لاقتناء الجنبية فيعتبرها الكثير ضرورة لا بد منها». وعن الأسعار يوضح أن «أسعار الجنابي متفاوتة بين 1000 ريال وتصل إلى نحو 100 ألف ريال». مشيرا إلى أنهم كأصحاب محلات يشترون رأس الجنبية جاهزا ويقومون بعمل النصل والغمد والحزام في ظرف أسبوع ومن ثم يبيعونها. وعن الجنابي المقلدة قال: لها معايير يميزها أصحاب الخبرة فقط، وأكد أن السوق يضم جنابي بمئات الألوف ولم يسجل في يوم من الأيام سرقة ولكن يجب الاحتياط وتعيين حراس أمن.