أوباما ومونيكا لوينسكي يلتقيان في معرض للسيارات بكردستان العراق

مصطلحات تعريف جديدة أطلقها الأربيليون

واجهة أحد معارض السيارات الحديثة في كردستان العراق («الشرق الأوسط»)
TT

في زحمة السير بشوارع إقليم كردستان العراق غدت حوادث المرور أمرا معتادا ويوميا، ولا سيما، أنه مع انتعاش الحالة الاقتصادية لم يعد امتلاك سيارة خاصة حلما بعيد المنال كما في السنوات السابقة، بل أصبحت أحدث موديلاتها في متناول الجميع، ويندر أن تجد عائلة كردية لا تمتلك سيارة أو أكثر.

وما زاد الطين بلة هو ظهور مئات الشركات التي بدأت بيع سياراتها عبر وكلائها في كردستان بالتقسيط المريح، وهذا ما ساعد على ظهور طبقة متهوّرة من الشباب دون السن القانونية لا يحملون إجازات السوق، لكنهم مع ذلك، يلعبون بسياراتهم الحديثة لعبا وسط الشوارع، مما فاقم من أزمة المرور التي تعاني منها معظم مدن الإقليم الكبرى.

فالإحصاءات الرسمية تشير إلى وصول عدد السيارات في مدينة السليمانية، التي يسكنها مليون مواطن إلى نحو 200 ألف. وهذا رقم ضخم بالنسبة إلى مدينة لا تقارن من حيث الحجم بكبريات مدن أوروبا. ثم إنه يضاف إلى هذا الرقم المرتفع أصلا توافد عشرات الآلاف من السيارات التي تحمل أرقام محافظات عراقية أخرى، وهذا الازدحام يؤدي حتما إلى ارتفاع مطّرد في وتيرة حوادث المرور. إلا أن الجانب الطريف لهذه الحال.. أن يقدم «أوباما» على نطح «مونيكا لوينسكي» في أحد شوارع أربيل، أو تمرّغ «ليلى علوي» أنفه في التراب على مرأى من المطرب الكردي «عارب عثمان»!.

أهالي مدينة أربيل، كبرى مدن الإقليم، بالمناسبة، معروفون بحسهم الفكاهي واختراعهم أسماء غريبة وظريفة لإطلاقها على أحياء مدينتهم وشوارعها وأزقتها. ولكن الأمر ما عاد يقتصر على المسمّيات الجغرافية فقط، بل بادروا قبل بضع سنوات مع ظهور شركات الهواتف الجوالة إلى إطلاق أسماء شهيرة على موديلات بعض أجهزة «الجوال»، ومن ثم انسحبت هذه العادة على إطلاق أسماء مشاهيرهم ومشاهير الدنيا على الموديلات الحديثة للسيارات المستوردة إلى إقليم كردستان. وهكذا، أصبحت «ليلى علوي» و«مونيكا لوينسكي» – كما يقال – «دقة قديمة» بالمقارنة مع نجمة المسلسل الكردي «العاصفة» الممثلة الجميلة «وه نه وشه» التي تتبختر بكبرياء وغنج ودلال في شوارع كردستان وطرقها.

في لقاء مع أحد تجار السيارات في معرض بمدينة أربيل، عجز التاجر عن تحديد مصدر بعينه وراء إطلاق هذه الأسماء على السيارات، بيد أنه أشار إلى «وجود مجموعة من الأشخاص الذين يلقبون بـ«بائع وشاري»، أي الذين يمتهنون شراء وبيع السيارات في المعارض، هم الذين يخترعون هذه الأسماء بمجرد النظر إلى السيارة المستوردة حديثا! وهذه الحالة تشبه اختراع النكات التي نسمعها، لكن لا أحد يعرف مصدرها. ومع هذا، ولأن سامع النكتة يشعر بوجود حبكة متقنة في اختراعها تهدف إلى الإضحاك، فإنه يبادر إلى نشرها، وهكذا تنتشر هذه النكات عبر العالم من دون أن يُعرف المصدر الأصلي لها.

حيدر محمد، أحد «الباعة البائعين (أو المشترين)» عدد خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» أسماء الكثير من هذه السيارات، ومنها «أوباما» و«مونيكا» و«مرزية» (مرضية) و«وه نه وشه» و«الأرملة» و«العفريت» و«الدلفين» و«الحواجب» و«عارب عثمان» و«المعطف» و.. حتى «الحمار النافق»! وشرح لنا محمد أسباب تشبيه هذه السيارات بأصحاب الأسماء، فقال إن وصول سيارة «أوباما إلى كردستان تزامن مع انتخاب الرئيس الأميركي الحالي، في حين تزامن وصول «مونيكا» - وهي سيارات «تويوتا لاند كروزر» اليابانية - مع انتشار فضيحة مونيكا لوينسكي والرئيس السابق بيل كلينتون قبل عدة سنوات. أما «مرزية»، وهي مطربة كردية معروفة، فأطلق أسمها على نوع من «اللاند كروزر» لأنها تشبّه في ضخامتها وبدانتها بالمطربة الكردية، في حين أن «وه نه وشه» قد أطلق على نوع حديث من هذه السيارات لجمال تصميمها، تيمنا بأجمل ممثلة كردية شاركت في مسلسل كردي محلي ونال إعجاب عدد كبير من المشاهدين. وبالعكس، فإن سيارات «عارب عثمان» حمّلت هذا الاسم، وهي بالأساس نوع من الشاحنات الصغيرة (الـ«بيك آب») لصغر حجمها، تشبيها بالمطرب المذكور، وهو ضئيل الجسم.

أما خارج نطاق أسماء المشاهير، فإن «العفريت»، مسمى أطلق على طراز من سيارات «المرسيدس بنز» لضخامتها وسرعتها على الطرق الخارجية كأنها عفريت، و«الدلفين» أطلق على أحد طرازات سيارات «الشيفروليه» الأميركية لأنها كبيرة وواسعة وضخمة بضخامة الحيتان التي تقطع المحيطات والبحار.

ويستطرد حيدر محمد في شرحه بقية أوصاف السيارات وسبب ربطها بالأسماء الطريفة، فيقول إن سيارة «الأرملة» أطلق عليها هذا الاسم لأنها في الأصل كانت سيارة أجرة باع صاحبها رقمها وحوّلها إلى نوع خصوصي (ملاكي)، وهذا يعني أنها فقدت أنوثتها وجمالها فلم تعد مرغوبة، مثلها مثل الأرملة، و«الحواجب» يدل اسمها على جمال مصابيحها الأمامية التي تشبه العيون وفوقها الحواجب، و«المعطف» أطلق عليها هذا الاسم، وهي عموما للسيارات القديمة لأنها مثل المعطف لا تباع إلا في فصول معينة. ولكن ماذا عن «الحمار النافق»؟! علل حيدر السبب بأن هذا الاسم يطلق على أحد موديلات طراز من سيارات «مازدا» الذي لم يلق رواجا كبيرا فكان يتأخر بيعه في المعارض قبل أن يقدم أحد على شرائه.

من جهة أخرى، اللافت في الأمر أن هذه الأسماء بقيت حتى الآن محصورة في مدينة أربيل، إذ لا وجود لها في السليمانية التي هي ثانية كبرى مدن إقليم كردستان. فتجار السيارات هناك لا يطلقون مثل هذه الأسماء على سياراتهم، على الرغم من أنهم مضطرون في بعض الأحيان إلى «مسايرة» تجار أربيل، خصوصا، في حال شراء أو بيع السيارة وإعطاء أوصافها للشخص المقابل إذا كان من أربيل، والسبب أن الأربيليين باتوا معتادين على تعريف السيارات بالأسماء التي اخترعوها.. وليس بأسمائها الأصلية.

وفي حين يلاحظ أن عادة إطلاق أسماء جديدة على الهواتف الجوالة الحديثة توقفت حاليا، فإنها لا تزال بالنسبة للسيارات، ولا أحد يدري ماذا ستكون الأسماء القادمة، ولذا يقترح البعض على شركة «تويوتا» اليابانية المبادرة لمعالجة مشكلة دواسات السرعة والكوابح في سياراتها قبل أن تصل إلى أربيل، فالأربلييون يقفون لها بالمرصاد لإطلاق الاسم المناسب لتلك السيارات.. وقد أعذر من أنذر؟!.