تونس: مشروع «الإرث المشترك» يهتم بأبنية القرنين 19 و20

في إطار الاهتمام الأوروبي بالتراث المعماري في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط

مبنى يعود إلى العهد الاستعماري ويقع في شارع رئيسي بالعاصمة التونسية («الشرق الأوسط»)
TT

في إطار برنامج «اوروماد 4»، تعكف المفوضية الأوروبية، حاليا، على تمويل مشروع «الإرث المشترك»، الذي يُعنى بالتراث المعماري الممتد عبر القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.

والواقع أن الكثير من الأبنية التي لا تزال قائمة في شوارع وساحات بعض أهم مدن الضفة الجنوبية للمتوسط، تمثل النماذج الأوروبية المعمارية والثقافية اللافتة من مخلفات حقبة هيمنة الدول المستعمرة، وفي حالات تونس والجزائر والمغرب، لعبت فرنسا وثقافتها بالذات، دورا معماريا مؤثرا، ولقد أصبح الاختلاف بين هذه الأبنية والأبنية التراثية التقليدية في المدن الإسلامية ذات الطابع الخاص والمعمار المميز محل اهتمام الباحثين.

وفي نطاق الاهتمام المباشر بتاريخ الفن المعماري في كل من أوروبا وتونس، وفي سياق مشروع «الإرث المشترك»، التقت مجموعة من الخبراء المتوسطيين تضم تونسيين وإيطاليين وفرنسيين في مقر «جمعية صيانة المدينة» بالعاصمة التونسية تونس للتساؤل حول ميزات الأبنية التراثية أو التاريخية، وما تحتويه من مواد بناء، وما بذل في تشييدها من مهارات، وما حظيت به من مواد تزويق داخلي وخارجي.

يهدف مشروع «الإرث المشترك»، في الأساس، إلى إدماج التراث في الدورة الاقتصادية، وخاصة في شقها السياحي، ومن ثم تبادل الخبرات الضرورية للمحافظة على التراث المعماري وتعهده وصيانته، ويلعب الخبراء المتوسطيون، خاصة من فرنسا وإيطاليا، أدوارا مهمة في إيصال الخبرات المكتسبة إلى نظرائهم التونسيين، باعتبار أن معظم الأبنية التي هي محل الاهتمام واقعة بمحاذاة «المدينة العتيقة»، في قلب العاصمة تونس، ويتجاوز اهتمام البرنامج، فعليا، بالأبنية القديمة في العاصمة التونسية حصرا، ليشمل أيضا ورشا إعدادية وتدريبية في المغرب وفلسطين، وذلك بالنظر إلى الكم الهائل من الأبنية التاريخية التي لا تزال موجودة في كل منهما.

حول هذا المشروع، قالت فائقة البجاوي، المشرفة على البرنامج في تونس: «إن الزينة المميزة للأبنية القديمة تشي بالكثير من الكفاءة والمعرفة في المجال المعماري، وبالإمكان استنباط خصوصيات تلك الأبنية وتوظيفها توظيفا ذكيا في المباني الحديثة».

وأضافت البجاوي موضحة: «أن هذه الأبنية في حاجة أكيدة للدراسة المعمقة، وذلك لكي نقف على طريقة البناء، والمواد الموظفة في تركيبتها، وعلى خصائصها الفيزيائية ولا سيما لدى اعتبار قدرتها الطبيعية على تحمل تقلبات المناخ من دون اللجوء بصفة ملحة إلى وسائل التدفئة الحديثة، ثم إن الزينة المميزة لهذه الأبنية تظهر الكثير من المهارة التي يمكن نقلها إلى المباني الحديثة، خاصة أن معظم تلك الأبنية له من العمر أكثر من 80 سنة».

الجدير بالإشارة، أن «جمعية صيانة المدينة» كانت قد تبنت في الماضي عمليات تجميل شارع الحبيب بورقيبة، الذي يعد الشارع الرئيسي وسط العاصمة التونسية، وأيضا مقرها الواقع في «دار الأصرم» وهو أحد الأبنية التاريخية المعروفة وهو المبنى الذي احتضن اجتماع الخبراء المتوسطيين، أما عن البرنامج الأوروبي فقد عقد في يونيو (حزيران) 2009 اجتماعا في مدينة فاس بالمغرب، ثم عقد اجتماعا ثانيا في مدينة رام الله الفلسطينية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واختتم نشاطه خلال عام 2009 باجتماع ثالث استضافته مدينة الرباط عاصمة المغرب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وجاء الآن دور تونس لتحتضن الاجتماع الرابع.

وتضم تدخلات البرنامج في مدينة تونس منطقة وسط العاصمة، وخاصة نهج (شارع) «بوخريص» ونهج «عبد الوهاب» ونهج «الحقيقة» ونهج «سيلوس»، بالإضافة لنهج «إنجلترا» ومحيط السوق المركزية بالعاصمة.