تونس: كسوة العروس المستعادة تستقر في متحف الفنون والتقاليد الشعبية

نحو مزيد من تعزيز الثقافة التراثية

جانب من دار بن عبد الله («الشرق الأوسط»)
TT

استعادت تونس من فرنسا خلال شهر فبراير (شباط) الماضي قطعة فنية تراثية نفيسة تتمثل في كسوة عروس تسمى «قمجة» مصنوعة من خيوط الفضة، كان قد عثر عليها منذ سنتين في بلجيكا، وتعود إلى القرن التاسع عشر. وأضيفت هذه التحفة بعد استعادتها إلى محتويات متحف «دار بن عبد الله» في مدينة تونس العتيقة، في قلب العاصمة التونسية.

هذه القطعة، التي اطلع عليها خبراء، وارتأوها، بعدما دققوا في خصائصها، يعود أصلها إما لمدينة قرطاج، أو لجزيرة جربة جنوب تونس. ويرجح بعض خبراء التراث أن هذه القطعة كانت من بين مكونات جهاز العروس في جزيرة جربة المعروفة بالعناية الفائقة بملابس العروس، والمحافظة على جزء كبير من تقاليد الزواج الضاربة في القدم. والجدير بالذكر أن هذه القطعة الفنية الأثرية تعد الثانية التي تستعيدها تونس، بعدما سبق لها أن استعادت خلال الفترة القليلة الماضية قطعة ذهبية مرصعة بالماس تسمى «فكرونة»، وذلك بهدف إثراء محتويات متحف «بن عبد الله» بالعاصمة الذي يشهد حاليا أشغال ترميم واسعة في الوقت الحاضر.

من جهة ثانية، تعمل وكالة التعاون المشترك التونسي - الفرنسي على مساندة تونس في برنامج عملها في مجال المحافظة على التراث وترميم معالمه. ويقول جان بيار مانغيابان، رئيس الوكالة، إن خبراء من فرنسا قد أشرفوا ابتداء من أكتوبر (تشرين الأول) 2008 حتى يناير (كانون الثاني) 2010 على إعداد 40 ورشة عمل تونسية في ميداني المحافظة على التحف الأثرية والقديمة، والترميم والتذهيب، والرسم على الخشب، وهندسة الترميم والنسيج.

ومن جانبه، أوضح فتحي البجاوي، المدير العام للمعهد التونسي للتراث، أن هذا التكوين في مجالي الترميم والمحافظة على التراث «يرمي إلى تدعيم القدرات الفنية لحرفيي المستقبل، وحسن التعامل مع القطع الأثرية، سواء المتوافرة منها في تونس، أو تلك التي تطالب تونس باستعادتها من بعض البلدان».

هذا، ويضم متحف الفنون والتقاليد الشعبية بتونس، المعروف تحت اسم «دار بن عبد الله» الذي استقبل «كسوة العروس» المستعادة، معطيات مهمة من مراحل الحياة في مدينة تونس العتيقة منذ الولادة إلى الوفاة. وهو يعرض ملامح من الحياة الخاصة والعائلية في إطار العلاقات الاجتماعية والثقافية التي كانت سائدة خلال القرنين الماضيين. وتمثل «كسوة العروس» حلقة مهمة في تحديد نمط العلاقات داخل الوسط الحضري ومتطلبات الزواج ولوازمه خلال فترة تاريخية بعينها من عمر تونس.

وبالنسبة للمتحف، ذاته، فإنه كان في الأصل قصرا من قصور أعيان العاصمة التونسية، ويرجع تاريخ بنائه، حسب الوثائق المتوافرة، إلى عام 1797. ولقد أصبح هذا القصر ملكا للدولة التونسية منذ عام 1941. وفي عام 1978 صدر قرار بتحويله إلى متحف جهوي (أي إقليمي) متخصص في التراث التقليدي التونسي. وحقا، تعرض قاعاته الأربع مظاهر العادات والتقاليد لسكان الحضر.

فالغرفة الأولى تعرض الملابس والمجوهرات والحمام العربي، والغرفة الثانية خاصة بالرجل وملابسه، أما الغرفة الثالثة فتعرض كل ما يتعلق بالطفل كالولادة والطهور وتعليم الفتاة، وأما الغرفة الرابعة والأخيرة فتعرض تعليم الأطفال والمدرسة القرآنية.