«جنغل لاند».. غابة أفريقية في غرب الجزيرة العربية

أخشابها من جنوب أفريقيا وصخورها من المكسيك والتقنية من الأرجنتين

قرية مرسال تعد صورة للحياة البسيطة («الشرق الأوسط»)
TT

يصعب على أي زائر، عند تجواله في أرجاء قرية مرسال، أن يتصور أنه يحيا في القرن الحادي والعشرين لا في العصور الأولى، ومن الصعب أيضا أن يشك في أن هذه القرية تقع في غرب القارة الأفريقية وليس في غرب الجزيرة العربية.

فصانعو هذه القرية، التي تبعد مسافة 20 كم عن مدينة جدة (غرب السعودية)، تعمدوا أن تكون قطعة من الأدغال في قلب المحميات الأفريقية، وصورة للحياة البدائية البسيطة الهادئة.

ويطلق على هذه المنطقة من قرية مرسال اسم «جنغل لاند». فبمجرد دخولك فيها، تشتم رائحة الغابات وهي تطالعك بأشجارها التي تبدو كأنها أشجار أفريقيا الاستوائية. وتضم الغابة مجموعة من أكواخ الريف الأفريقي، كما تنتشر في أرجائها الأكواخ البدائية المعلقة فوق الأشجار، موحية بأن طرزان «فتى الغابة» يقطن فيها.

وتضم الغابة أيضا عدة أكواخ داخل الكهوف، لتمثل صورة للحياة البدائية في تلك العصور، وفي فصل الصيف تشهد هذه الغابة مجموعة من المهرجانات الفلكورية، التي تعبر عن التراث الأفريقي.

وفي جنبات الغابة، تنتشر المطاعم والمقاهي التي تم تصميمها على شكل «عش الغراب»، كما صممت بعض المطاعم على شكل كهوف، مقتبسة أسماءها من أسماء أفريقية تنسجم مع طبيعة المكان كمطعم الكونغو، ومطعم موباسا.

وعبر رحلة قصيرة لمدة 5 دقائق من خلال قطار المنجم داخل أحد كهوف «جنغل لاند»، يمكن للزائر أن يستمتع بمشاهدة الحياة داخل الجبال التي تجسد حياة عمال المناجم، حيث المكان شبه المظلم، ورائحة الفحم التي تعم أرجاءه. وتحكي الرحلة حياة العمال ومعاناتهم في استخراج الفحم من المناجم في تلك العصور، حيث تم تصميم القطار الذي يأخذ الزائرين في هذه الجولة بالشكل نفسه، الذي كان يستخدم في نقل العمال إلى داخل المناجم.

وحول المواد التي استخدمت في بناء القرية، يقول هيثم نصير الرئيس التنفيذي لقرية مرسال لـ«الشرق الأوسط»: «تم بناء القرية من مواد أولية توحي للزائر بأنها غابة طبيعية، مضيفا أن الأخشاب تم استيرادها من جنوب أفريقيا، والصخور تم جلبها من المكسيك، أما التقنية فتم استيرادها من الأرجنتين، موضحا أن تكلفة بناء القرية تجاوزت 200 مليون ريال سعودي». وتعد قرية مرسال إحدى ركائز مهرجان «جدة غير»، الذي يقام سنويا في فصل الصيف، حيث تستقطب القرية زوار مدينة جدة، كما أنها تعد أحد المرافق السياحية لمدينة جدة.

وفي هذا الصدد، يقول نصير: «إن القرية تجذب أكثر من 30 ألف زائر في فصل الصيف فقط، حيث تعد نقطة استقطاب للسياح من داخل السعودية، موضحا أن فكرة بناء القرية تأتي نمطا حديثا للقرى السياحية بالسعودية».

ولم تكتف قرية مرسال بتجسيد الحياة البدائية في الغابات، إذ تتوسع فكرة الحياة البسيطة لتشمل تجسيد الحارات القديمة بشكلها العربي، مخترقة بأصوات أم كلثوم وفيروز، التي ترافق الزائر وهو يتجول في أزقتها، التي تشبه حارات دمشق القديمة، كما أن بيوتها القديمة وأبراج الحمام تشعر الزائر بأنه في أحد الأرياف المصرية، وتم تصميم الدكاكين الحارة لتبدو في ضيقها وشكلها الخارجي كأنها دكاكين «خان الخليلي» في العاصمة المصرية القاهرة، فالحارة القديمة قي قرية مرسال تجسد صورة تلاشت مع تطور التكنولوجيا والحداثة، لتشعر زائر هذه القرية بأن عجلة الزمن تعود إلى الوراء.

وكشف نصير لـ«الشرق الأوسط» عن «أن القرية سيتم توسيعها وبناء مزرعة خاصة للأبقار، مشيرا إلى أن الخطط التطويرية للقرية تتم كل 3 سنوات».

وحول فكرة تحويل المدن الترفيهية إلى غابات، يقول نصير: «على الرغم من حداثة القرية، فإننا نسعى إلى تحويلها إلى نموذج مصغر لمدينة ديزني لاند الأميركية، مضيفا أن الشركة المالكة للقرية تلقت عدة عروض من دول عربية لبناء نموذج مشابه لقرية مرسال».