اللوز البجلي في الطائف.. المذاق على الطريقة الجبلية

«القردة» لا تهادن في أكله.. والمزارعون يستخدمون الأعيرة النارية لحمايته

اللوز البجلي في مزارع ترعة ثقيف جنوب الطائف («الشرق الأوسط»)
TT

عرف عن اللوز في مدينة الطائف (جنوب غربي السعودية)، الذي تتم زراعته في بلاد ثقيف، أنه الأشهر والأغلى في فواكه الطائف ومحاصيله الزراعية، وسط مخاوف واسعة الانتشار تنذر من إمكانية انحسار زراعته وقلة الاهتمام به.

ومع طليعة شهر فبراير (شباط) من كل عام تتطلع الأسر شوقا، في البلاد الزراعية، نحو رؤية أشجار اللوز وهي تلتف بالأزهار، لتأخذ تموضع الزهور البيضاء المنسدلة على سفوح الجبال الخضراء في ثقيف وبني مالك وبالحارث (قرى ريفية جنوب الطائف)، معلنة إشارة البدء لسباق ماراثوني يمتد فيه اللوز من فبراير غضا طريا، وانتهاء بشهر يوليو (تموز) حين تكون الثمرة قاسية مشتدا لبها. ولأن المهمة شاقة، فإن أول الاهتمامات التي تتداعى لأذهانهم، هي تعيين خط دفاعي أول يقوم بحماية المنتوج من العدو الأول في نظرهم، وهو «القردة»، التي تتوثب لمهاجمة لوزهم متى ما تسنى لها ذلك، حيث تشرع السياجات الحديدية، وتسور المنطقة الزراعية بإحكام، فضلا عن اضطرار بعض الأسر في تلك الأماكن لاستخدام الأعيرة النارية وقتل القردة التي لا تهادن أبدا في الحصول على «القضيم» المعروف بـ«لب» اللوز.

يقول عيضة حسن المالكي، مدير فرع وزارة الزراعة في حداد بني مالك، لـ«الشرق الأوسط» إن اللوز البجلي شجرة معمرة تزرع بشكل واسع في جنوب الطائف، وخاصة في بني مالك وثقيف. وتكتسي أشجار اللوز بالأزهار البيضاء التي تنتج ثمار اللوز، حيث تكون غضة في بداياتها وتقسو تدريجيا حتى تكون صلبة وقت نضوج الثمرة، التي تسمى بـ«اللباب». ويقدم الناس على أكلها قبل نضوج كامل الثمرة وتسمى «قضيما»، وأما بعد اكتمال النضوج فيستخدم منها البذور (اللباب).

ويضيف: «أما الأزهار فتتوزع في جميع أجزاء النبات وتظهر في بداية فصل الربيع بلونها الوردي المائل للأبيض، وثمار اللوز خضراء في بدايتها تميل إلى الرمادي مع الوقت، ومغطاة بشعر كثيف أملس، وعند النضج ينشق هذا الغلاف ويسقط ويبقى الجزء الداخلي للثمرة وهو عبارة عن مادة صلبة خشبية، وعند كسر اللوز، ويسمى «فقا» في جنوب الطائف، يستعان بأشخاص يشتهرون بهذه العملية التي تتطلب وقتا وجهدا كبيرا، وهذا الجزء نجد داخله بذرة وأحيانا بذرتين بلون بني فاتح وذات طعم لذيذ، وهذا ما يسمى بـ(اللباب)، الذي تجاوز سعر الكيلو الواحد منه 150 ريالا. وهناك نوعان من اللوز البجلي؛ نوع حلو وآخر مر.

وعملية جني ثمار اللوز بعد نضوجها، كما يقول المالكي، تحتاج إلى بعض الجهد والمشقة، حيث يقوم العاملون في هذا المجال بضرب ثمار اللوز بعصا بشكل خفيف حتى تتساقط الثمار على الأرض، ومن ثم يقومون بجمعها، ويوضع على سطح المنزل لمدة 15 يوما في الشمس.. بعد ذلك تبدأ عملية أخرى للحصول على اللباب، وهي عملية تكسير ثمار اللوز المسماة بـ«الغضاريف»، وهي عملية طويلة وتحتاج إلى الصبر والعمل المتواصل لإنجازها.

ويجمع اللباب ليباع في الأسواق، بينما تخزن ثمار اللوز داخل أكياس لفترات طويلة من دون أن تفقد فائدتها وطعمها، ويقدم بعض المزارعين على بيع ثمار اللوز من دون استخراج اللباب منه، ويصل سعر كيس اللوز إلى 1000 ريال، حيث يقبل الأهالي في جنوب الطائف عليه بكثرة، فهو يقدم للضيوف ويعتبر من أساسيات الضيافة.

بينما يعمد الكثير من الأهالي إلى تقديم اللوز للضيف والقيام بتكسيره واستخراج اللباب أمامه تعبيرا عن كرم الضيافة والمكانة الخاصة التي يحظى بها. ويضيف حسين بن أحمد المالكي، صاحب أحد المشاتل، فيقول: «يتميز اللباب البجلي بطعمه اللذيذ، وتكون حبة اللباب البجلي أصغر من اللباب المستورد، ويشهد إقبالا كبيرا من المواطنين في جميع أنحاء السعودية وخارجها، وقد تسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة في قلة الإنتاج بشكل ملموس، مما أدى إلى رفع أسعار الكيلو منه إلى ما يتجاوز 150 ريالا، ويتراوح سعر الكيس الخشبي من 800 إلى 1000 ريال، ويتراوح سعر الشتلات من 25 إلى 30 ريالا حاليا، بسبب قلة الأمطار والمياه، ولكن يرتفع السعر عند هطول الأمطار حيث يقبل المزارعون على شراء الشتلات التي يرتفع سعرها إلى 45 ريالا للشتلة».