فراولة الإسماعيلية تغزو أسواق العالم.. وأفراحها تجوب الشوارع والميادين

المدينة تعتز بإنتاجها من الفراولة.. وتكرمها في «احتفالات الربيع»

الفراولة الإسماعيلاوية معروضة في صناديقها في أحد المتاجر («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من الشهرة الطاغية التي تتمتع بها مدينة الإسماعيلية المصرية بزراعة المانغو، فإن الفراولة (أو الفريز)، الشهية بلونها الأحمر القرمزي، تشكل مصدر فرح خاص لأهالي المدينة الرابضة على ضفتي قناة السويس. وما إن يحل موسم الفراولة حتى يتوافد تجار مختلف المدن المصرية - بل وحتى من بعض الدول الأجنبية المستوردة - لتوقيع صفقات شرائها. مع الإشارة إلى أن الإسماعيلية تتميز بالتربة الرملية، وهي التربة المثلى لنمو الفراولة، التي غدا إنتاج المدينة المميز منها «ماركة مسجلة» في جميع الأسواق.

في الواقع، تنظم محافظة الإسماعيلية سنويا في «احتفالات الربيع» مسابقة تخصص للبنات الصغيرات من سن الرابعة حتى سن الثامنة لاختيار «أجمل طفلة»، وبالتالي، بجانب لقب الجمال لقب «أميرة الفراولة». وبعد الفوز تلبس «الأميرة» تاجا يسلمه لها المحافظ بحضور القيادات التنفيذية والشعبية بالمحافظة. وعلى دقات الطبل والمزمار البلدي يجوب موكب «أميرة الفراولة» شوارع الإسماعيلية وميادينها، مع عروض استعراضية لبعض الفرق الشعبية.

تنتشر مزارع الفراولة داخل جميع مراكز محافظة الإسماعيلية، وخاصة مركزي الإسماعيلية والقصاصين، حيث يتركز فيهما أكثر من 50% من مزارع المحافظة. ويعتبر الأكاديميون والخبراء الزراعيون الفراولة من الخضار، لكن العامة يعتبرونها من الفواكه لاحتوائها على نسبة معتدلة من السكر.

داخل إحدى المزارع كان صبية صغار السن هم الذين يقومون بعمليات جمع الفراولة ووضعها في سلال صغيرة ينقل بعضها إلى أقفاص كبيرة. ويجمع هؤلاء الصبية الفراولة من نوعية «الفريش»، وهي أفضل الأنواع المخصصة للتصدير، وتتميز بكبر حجمها ولونها الأحمر الفاتح ونسبة السكر أو الحلاوة المعتدلة فيها. وهذا النوع يكثر الإقبال عليه في الأسواق العربية والأوروبية، ويطرح منه كميات في بالأسواق المحلية، إلا أن أسعارها تبدو مرتفعة عن بقية الأنواع.

وفي المقابل، أكثر أنواع الفراولة رواجا في السوق المحلية «الشليدر» الذي يتميز بحجمه المتوسط ولونه الأحمر القاني وارتفاع نسبة حلاوته. ثم هناك نوع «المنتخب» الصغير الحجم والمعتدل الحلاوة، ونوع «الكارموزا» العالي الحلاوة الدائري الشكل، ونوع «الكستفان» الذي يتأخر موسمه، وبالتالي حصاده، إلى أبريل (نيسان)، ويتميز بلونه الأحمر الفاتح وحجمه الكبير، ويقبل على شرائه أصحاب مصانع العصائر والمعلبات.

محمد علي (12 سنة)، تلميذ في الصف الأول الإعدادي، يقول إنه يعمل مع زملائه بالمدرسة في موسم حصاد الفراولة في المزارع القريبة من منازلهم بمنطقة أبو دهشان - في الإسماعيلية - لمدة ثلاث ساعات يوميا، من الساعة الثانية ظهرا عقب عودته من المدرسة حتى الساعة الخامسة مساء مقابل 25 جنيها يوميا. بينما تشرح شيماء عبد الرحمن (18 سنة) عملها في جمع الفراولة بالقول: «مقاول الأنفار يتفق مع آبائنا أن يعطي لكل منا المبلغ مقابل عملنا بجمع المحصول. والجمع يستلزم حرفية، وقطف الثمرة بحرص و«شياكة» من دون الإضرار بالثمار غير الناضجة، وتحاشي قطع الشتلة الصغيرة نفسها. ويتم الجمع في أطباق بلاستيكية، يؤمنها لنا صاحب المزرعة. وبعد ذلك يبدأ «الفرز» واستبعاد الثمار الأقل جودة والفاسدة كي لا تفسد باقي الثمار، ثم ترص الثمار المنتقاة في صناديق خشبية، بالتوازي، وبطريقة منظمة، لتبدو جميلة في تناسقها لدى عرضها.

والمعروف أن ربات البيوت يقبلن على شراء كميات كبيرة من الفراولة لتخزينها واستخدامها في غير مواسمها كعصائر، أو لتزيين الفطائر والحلويات، أو صنع المربى. وحسب منى الصادق، الكيميائية في مستشفى جامعة قناة السويس، فإنها تنتظر موسم الفراولة لتشتري كميات كبيرة منها، ومن ثم تعكف على غسلها وتجفيفها وتخزينها داخل مبرد كبير لتتمكن طول العام من استخدامها في تزيين الحلويات وإعداد العصائر لأطفالها. بينما تشتري أسماء السمطي، وهي مدرسة اقتصاد منزلي، الفراولة لتصنع منها المربى لأصدقائها وجيرانها، وذلك بعد غسلها ونقعها في السكر لمدة يوم ثم طهوها وتعبئها في عبوات زجاجية وتوزيعها كهدايا.

هذا، وتزين كميات عصير الفراولة المتراصة وجهات محلات بيع العصائر في الإسماعيلية، لافتة انتباه المارة، فيقبلون على احتسائها، خاصة مع بداية ارتفاع درجات الحرارة ودخول فصل الصيف مبكرا. ويقول سيد عاشور، العامل في إحدى محلات عصير الفاكهة بالإسماعيلية، إن «إدارة المحل تتعاقد مع إحدى المزارع لشراء كميات كبيرة من الفراولة بسعر أقل من المطروح في الأسواق، ويصار إلى نزع الورقة الخضراء من الثمرة، وغسل الثمار ثم وضعها في عبوات بلاستيكية محكمة الغطاء ورصها في المبردات بدرجات حرارة منخفضة. وبعد انتهاء الموسم تستخدم الكميات المخزنة بعد تذويب الثلج وضربها في الخلاط بعد إضافة السكر وفق رغبة المشتري».

خبراء التجميل ينصحون باستخدام الفراولة لعلاج حروق الشمس التي تتعرض لها النساء في المصيف سواء في الوجه أو الأكتاف، بعمل كمادات من عصيرها. ولقد ثبت أن لها مفعولا قويا في ترطيب البشرة وعلاج التسلخات والحروق. كما ينصحون بتناول عصير الفراولة بصفة متكررة لأنه يعد مبيضا للأسنان.

وعن طرق زراعة الفراولة، يقول ياسر دهشان - أحد أصحاب مزارع الفراولة المحليين - إن «الأرض الرملية التي تتميز بها الإسماعيلية بيئة مثالية لهذا المنتج الزراعي المهم، وهي ما يميز جودة الفراولة في الإسماعيلية عن باقي محافظات مصر». ويضيف «أن زراعة شتلات الفراولة تبدأ في منتصف سبتمبر (أيلول) وبداية أكتوبر (تشرين الأول)، إذ تنثر الشتلات في صفوف متوازية، بمسافة تتراوح بين 20 إلى 30 سم بين الشتلة والأخرى، لتتوفر لها رقعة كافية للنمو والتمدد. ثم تروى الأرض وتغذى بالسماد اللازم طوال فترة نمو الثمار التي تمتد حتى فبراير (شباط) ومارس (آذار)».

وعن الأسعار، يقول محمود أبو النور، تاجر الفراولة، إن أسعارها هذا الموسم تتراوح ما بين 175 قرشا إلى 300 قرش داخل الأسواق المحلية، مرجعا انخفاض السعر هذا الموسم لزيادة الإنتاج. مع العلم، أن إحصائية مركز المعلومات بمديرية الزراعة بالإسماعيلية تشير إلى أن مساحات الأراضي المزروعة بالفراولة في الإسماعيلية تبلغ 2280 فدانا، ويصل إنتاجها السنوي إلى ما يقرب من 41 ألف طن.