البصرة: سمك الصبور يطل عزيزا هذا الموسم

كان حاضرا يوميا على موائد الفقراء لكنه أصبح تناوله حصرا على الميسورين

أحد باعة سمك الصبور في البصرة يعرض بضاعته النادرة («الشرق الأوسط»)
TT

غابت سمكة الصبور هذه الأيام عن موائد سكان البصرة في عز مواسم الصيد، وهي المفضلة من بين عشرات أنواع السمك البحري.

ولا أحد يعرف سر العلاقة بين البصريين والسمكة الفضية التي يطلق عليها الصبور رغم كثرة ودقة أشواك عظامها المتشابكة بين لحمها القليل قياسا إلى الأسماك الأخرى، كما لا أحد يعرف سبب بيعها بالزوج وليس بالوزن كسائر الأسماك النهرية والبحرية المعروفة.

وتحتفي ربات البيوت بالصبور بطريقتهن المتفردة في إعداده لوجبة الغداء بكثرة الاستحضارات التي يتطلبها من مطيبات وتوابل وثوم وتمر هند وشواء على نار هادئة تمنحه مذاقا خاصا، فيما يعلن الصبور عن مكان شيه بين بيوت المحلة الواحدة من الروائح الجذابة المتبخرة منه.

ويتصدر الصبور ما سواه موائد الدعوات في البصرة، وخاصة إذا كان الضيوف من مدن أخرى، فيما اعتادت العوائل أن يكون لكل واحد من أفرادها صبورة بمفرده، وخاصة في وجبات الغداء أيام الجمع والمناسبات.

ويقول صيادو الفاو وهم الأشهر بصيده من خلال نوعية الشبك المستخدم «إن موسم صيده يبدأ في منتصف مارس (آذار) من كل عام حين تبدأ طلائعه بالوصول إلى المياه البحرية قبل الولوج بشط العرب، ثم تتصاعد موجات هجرته من شبة القارة الهندية والمحيط الهادي أواخر شهر أبريل (نيسان) وحتى نهاية أغسطس (آب) وتزداد كلما كانت الرياح جنوبية شرقية».

ويتصابر الأهالي على عدم شرائه لارتفاع أسعاره، إذ وصل ثمن الزوج منه إلى ما يعادل 20 دولارا، بانتظار كثرته وانخفاض أسعاره لكن دون جدوى لقلة المعروض منه في الأسواق، حيث يكتفي المتسوقون بالنظر إليه ولسان حالهم يقول «حتى أنت... يا».

ويعلل خليل السماك (صاحب محل بعد أن كان صيادا) أسباب قلة المعروض من سمك الصبور بالظروف غير الطبيعية في المياه الإقليمية الوطنية، وقال إن «كل الصيادين يعرفون أن الصبور من السمك المترف والرقيق ويموت حال ارتطامه بالشبكة، وبالتالي فهو يبحث عن بيئة آمنه ومستقرة كالسائح الذي يقصد الأماكن الهادئة والجميلة»، مستدركا «الظروف التي يمر بها البلد انعكست بشكل سلبي على المياه، إذ لم تعد مياه شط العرب خليطا من مياه الأنهار العذبة والبحر المالحة التي يفضلها سمك الصبور ويقصدها بحرارة، إضافة إلى كثرة الملوثات من النفط المهرب وسط البوارج الحربية وكثرة المناورات العسكرية واستخدام وسائل جائرة من قبل الصيادين الطارئين». وأكد أن «سمك الصبور بعد أن كان حاضرا يوميا على موائد الفقراء أصبح زائرا عزيزا في الدعوات المخملية للميسورين».