السعودية: كأس العالم ليست للفرجة فقط

تقليعات المقاهي والشركات تستغل الفرصة حتى بعد انتهاء المونديال

أحد المقاهي في جدة وقد علقت أعلام الفرق المشاركة على بوابته («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من عدم مشاركة المنتخب السعودي الوطني في المسابقة لهذا العام، فإن فرجة كأس العالم في السعودية هذا العام لم تقتصر على المباريات والتحليلات الفنية المرتبطة بها، فضلا عن الأخبار والتقارير الصحافية الصادرة عن الصحف ووكالات الأنباء والفضائيات في أرجاء العالم، فقد مثّل الموسم فرصا لأنشطة تجارية كثيرة، ومساحة لسبر التوجهات للمتابعين والمهتمين، منذ انطلاق صافرة المباراة الأولى.

وقبل أن تعلن الصافرة الختامية بطل كأس العالم 2010، قرر أصحاب الأعمال وشركات الدعاية والترويج في البلاد، التوسع في العروض المغرية والإعلانات المثيرة، الموجهة مباشرة إلى المستهلك عبر شتى الطرق، بداية من الفضائيات والراديو والصحف، مرورا بالحافلات والبوسترات الإعلانية في الشوارع والمراكز التجارية، وانتهاء بالمواقع الإلكترونية والمقاهي الثقافية التي تحولت في يوم وليلة إلى مرصد مونديالي ضخم.

وفور أن تستقل سيارتك في طريق المدينة الرابط بين جنوب جدة وشمالها، ستلفت نظرك حافلة نقل داخلي تغري أنظار السائقين ومرتادي الشوارع في المدينة الساحلية، بصور ترويجية لإحدى شركات السيارات.

وما إن تدلف إلى أحد الأحياء الراقية، حتى تستقبلك الأعلام، في المقاهي الناقلة لكأس العالم، فقد شرع كل مقهى في وضع ما تيسر من تلك الإعلام كل على طريقته الخاصة، لكسب رضا المشجعين وجذبهم، بيد أن اللافت في المقاهي هو التجهيزات والتقليعات التي اتخذوها.

أحد المقاهي وفر أزياء لكل المنتخبات، ليلبسها طاقم الخدمة لديه أثناء قيامه بخدمة المشجع، فالجرسون الذي يرتدي قميص المنتخب المفضل لديه أثناء المباراة، لا يقدم الشاي أو الشيشة فقط، فهو يشجع ويقفز مع العملاء تماما، وربما سيزيد ذلك من غلة «البقشيش» لدى انتهائهم من ذلك.

بينما استثمر مقهى آخر أرضا فارغة بجانبه، وخصص خيمة لكأس العالم، خاصة بالعائلات، حيث يوفر الخصوصية لدى المجتمع المحافظ في السعودية، وبالحماس والإثارة نفسهما اللذين تحملهما المقاهي الشبابية.

وفي الوقت نفسه، لم تتوان المقاهي الثقافية التي عادة ما تقدم الكتب ويرتادها المثقفون والأدباء والمطلعون، في استغلال الفرصة، إذ تحولت إلى مقاه لاستقبال مشجعي ومتابعي كأس العالم، فيما أبرزوا أعلام المنتخبات في الداخل، والكتب الكروية بما فيها تلك التي تروي تاريخ كأس العالم، إلى جانب أخرى تروي سير بعض أساطير الكرة كـ«بيليه» ودييغو مارادونا وزيدان.

حسن حجازي، طبيب يعمل في مستشفى حكومي في جدة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «كرة القدم ثقافة أيضا، وهي تجذب زوارا بشكل واسع، يزيد بنحو الضعف عن مرتادي المقاهي الثقافية».

ويبدو الأمر أخف وطأة لدى بعض شركات المأكولات والمشروبات أيضا، حيث اكتفت تلك الشركات بإعلانات للاعبين مشاركين في المونديال تبثها عبر الفضائيات، بينما اكتفت بعض المطاعم بوضع الإعلام لجذب العملاء.

ومن جهة أخرى، تنافست بعض شركات السياحة في وضع عروض السفر إلى جنوب أفريقيا، ليس إلى المونديال، ولكن بعد نهايته، وهي بحسب أحد العاملين في شركة سياحة «طريقة لجذب غير المهتمين بكأس العالم، ممن لا يحبون التجمعات والازدحام»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن مكتبه أصدر نحو 300 تذكرة ذهاب وعودة شاملة العروض الترويجية لسعوديين قرروا الذهاب إلى جنوب أفريقيا بعد كأس العالم.

وزاد «ربما كانت الأجواء الباردة التي يكشفها النقل التلفزيوني لأحداث كأس العالم، تزيد من رغبة السعوديين الذين يعانون من ارتفاع درجة الحرارة، باللجوء إلى أجواء باردة في بلد كان محط أنظار العالم أجمع».

إلى ذلك، استغل محبو التعليق والتحليل على الأحداث في السعودية، من مستخدمي أجهزة الـ«بلاك بيري»، أجهزتهم هذه في تحليل ونقل الأحداث عبر برامج المحادثة، ولم يكتفوا بالتحليل النصي فقط، إذ استخدموا صورا وشعارات وروابط إلكترونية للأهداف والبطاقات الحمراء والصفراء على مواقع الإنترنت المختلفة.

وفي المقابل، يتخذ بعض الشبان بيوتهم أو شققا مؤجرة كمراكز لمتابعة كأس العالم، ويتقاسم الأصدقاء دفع التكلفة التي تنقص كلما ازداد عدد الشبان. يقول مؤيد بن قناص، وهو شاب يدرس في جامعة العلوم والتكنولوجيا في جدة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه جمع ثلاثة آلاف ريال من 12 شخصا، وقام باستئجار خيمة خاصة في مقهى شعبي في المنطقة الصناعية في جدة حيث يقوم وأصدقاؤه بمتابعة المباريات معا.

وأضاف أن «النظام لدينا صارم، فقد اتفقت والأصدقاء على عدم جلب أي شخص من خارج المجموعة، بينما سمحنا بعد ذلك بإحضار شخص واحد من طرف كل صديق». وتابع أن «طقوس كأس العالم جمعتنا في وقت ينشغل فيه الطلاب حاليا بالاختبارات، لكن مع نهاية الأسبوع الحالي سنتمكن من الاستمتاع بكأس العالم، في ظل انتهاء الاختبارات».