بوسنية تتطلع للفوز بالمرتبة الأولى في مسابقة الخط العربي بالرياض

مليحة توباريتش لـ«الشرق الأوسط»: العيش مع فنون الخط العربي حياة

شاركت مليحة في الكثير من المعارض والمسابقات الدولية داخل بلادها البوسنة وفي الخارج.. منها على سبيل المثال اسطنبول وإسلام آباد وطهران والنمسا.. وفي الإطار إحدى لوحاتها («الشرق الأوسط»)
TT

تعد مليحة توباريتش (31 سنة) الأيام مع الساعات والثواني، في انتظار مسابقة الخط العربي الدولية، التي ستقام لأول مرة بالعاصمة السعودية الرياض نهاية هذا العام. حيث تعد من المرشحين لخوض المسابقة والفوز بإحدى جوائزها، لما أبدته طيلة السنوات الماضية من تفان في إجادة الخط العربي والإبداع فيه، من خلال معارضها ومشاركاتها في المنتديات، والمسابقات، والمعارض الدولية، في البوسنة واسطنبول وإسلام آباد وفيينا وغيرها.

أنهت مليحة ثانوية الفن التشكيلي عام 1996 في سراييفو، ووالداها من المهتمين بفن الكاريكاتير، والفن التشكيلي عموما، لكن علاقتها مع فنون الحرف العربي بدأت في الفترة الجامعية، في أكاديمية الفنون في العاصمة البوسنية سراييفو. وكانت رائعتها كتابة سورة الفاتحة بشكل مبدع غير مسبوق، الأمر الذي جعل أستاذتها يتوقعون لها مستقبلا زاهرا في فنون الكاليغراف.

وقالت مليحة توباريتش لـ«الشرق الأوسط»: «منذ صغري كنت مولعة بالرسم، لا سيما أن والدي من المهتمين بالفن التشكيلي والكاريكاتير، وقد أنهيت الثانوية الفنية، ثم سجلت في أكاديمية الفنون، حيث تعرفت على الحرف العربي ودرست فنونه فتعلقت به، وأصبح معلما مهما في حياتي الخاصة والمهنية التخصصية». ولا تخفي مليحة تأثير والديها في توجهها نحو الفن التشكيلي، لكن الأقدار وحدها هي التي دفعتها لعالم الخط العربي، وفنونه، وطرق كتابته المبدعة «كانت البداية مع صديقة، علمتني كتابة الحرف العربي، وكنت مندهشة لطريقة الكتابة العربية، وقد استوعبت فنون الخط بسرعة، قبل الدراسة الأكاديمية على يد أساتذتي». وتشعر مليحة بالسعادة لأن فن خط العربي يملأ حياتها، رغم تأخرها حتى الآن عن الزواج «أنا سعيدة بهذا، وأشعر بأن كتابة الخط العربي، وإعداد لوحاتي، كل حياتي، وليس مجرد مهنة فقط، وليس هناك وقت معين للعمل مثل الكثير من المهن، لكن الوقت دائما للعمل».

ولأن الوقت دائما للعمل، كما تقول، فإنها حصلت على درجة الماجستير، وتعد لنيل درجة الدكتوراه في فن الخط العربي. ورغم أنها عضو في جمعية أكاديمية للفن التشكيلي، فإنها تكافح من أجل التميز المعرفي والإبداع من خلال الاحتفاظ والإضافة من دون تجاوز، ففن الخط له تقاليد مرعية، يمكن الإضافة إليها من دون المس بأي شيء من مقوماتها العريقة، وتفردها المتوهج مع مرور الزمن. شاركت مليحة في الكثير من المعارض والمسابقات الدولية في داخل بلادها البوسنة، وفي الخارج، منها على سبيل المثال اسطنبول، وإسلام آباد، وطهران، والنمسا. وكانت قد شاركت في ملتقى مارتن انغل بالنمسا الذي استمر ما بين 27 و31 مايو (أيار) من العام الحالي. وشاركت في مسابقة الحرف العربي بإيران سنة 2007، التي استمرت لمدة 10 أيام. وحصلت على الجائزة الأولى في مسابقة اسطنبول سنة 2007، حيث فازت بعض لوحاتها بحرف الديوان، وشاركت في مسابقة عقدت بإسلام آباد سنة 2008، وأقامت 5 معارض وحدها حتى الآن في مدينتها سراييفو، كما قالت لـ«الشرق الأوسط».

لا تعتبر مليحة أن «الفن في أزمة» كما يذهب إلى ذلك الكثيرون، ولأنها تجمع بين الكثير من الفنون (الخط، والرسم، والتصاميم) فإنها لا تشعر بوجود أي مشكلة «ليس بيع اللوحات وحده ما يمكن العيش من عوائده، وإنما لدي أعمال في مجال التصاميم والتخطيط وغيرهما، وهذه مع هذه توفر القناعة المالية لأمثالنا». وحول رسالتها للدكتوراه أفادت بأنها ستكون حول «تاريخ الفن العثماني في البلقان، وهذا سيحتاج مني لبحث أكاديمي ميداني، وسأزور عدة دول لهذا الغرض لإنهاء البحث».

من الأسرار التي كشفت عنها مليحة توباريتش لـ«الشرق الأوسط» خطها السيئ بالحروف اللاتينية مقارنة بخطها العربي الجميل والمبدع «تعلمت الحروف اللاتينية في البيت وفي المدرسة وأكتب بها منذ صغري، لكن الجميع يقولون إن خطي سيئ، بينما يعترف لي أساتذتي بجمالية خطي العربي، لكني أعتقد أن جمال الخط العربي في ذاته، حتى لو كتبه مبتدئون». وعن مدى الإقبال على لوحاتها، أكدت على أن «العهد الشيوعي كان دمارا للثقافة والفن الإسلامي، لكن بعد الحرب أصبح هناك اهتمام كبير بالثقافة الإسلامية، والناس يقبلون على اقتناء اللوحات، كأحد مظاهر العودة للذات، أو مرحلة اكتشاف الذات وانكشاف خداع الكثير من المصطلحات الطنانة التي يتم تجاوزها بواقع ما بعد الحداثة». وأردفت «الناس يشترون اللوحات لإهدائها أو الاحتفاظ بها في المنزل»، وكشفت عن سعيها لتدشين موقع على الإنترنت خاص بها. وحول مشاركتها في مسابقة الرياض للخط العربي التي ستقام آخر هذا العام قالت «أنا مستعدة لهذه المسابقة، وسأشارك بلوحاتي التي أعددتها لنيل درجة الماجستير».