مطعم إندونيسي بالإسكندرية يجتذب عائلات السلك الدبلوماسي

شعاره.. «استمتع بالأكل وشاركنا الغناء»

مدام سوزي صاحبة المطعم تعد الطعام لزبائنها بنفسها
TT

«استمتع بالأكل وشاركنا الغناء».. شعار طريف وضعته «سوزي» الإندونيسية الأصل لمطعمها الصغير بمحطة الرمل بالقرب من شاطئ عروس المتوسط الإسكندرية، وأطلقت عليه اسم «بامبو» من باب الحنين لشجرة البامبو، أحد أهم مفردات الطبيعة الخلابة في وطنها الأم إندونيسيا، الذي غادرته منذ 32 عاما، حيث تزوجت وعاشت بالإسكندرية.

ورغم صغر المطعم وغرابة ديكوراته، فإنه أصبح الطاولة المفضلة لمعظم عائلات قناصل ورجال البعثات الدبلوماسية من مختلف دول العالم من العاملين بالمدينة لتناول طعامهم المفضل من الأسماك والجمبري وفواكه البحر على الطريقة الإندونيسية خاصة في أوقات العطلات الأسبوعية.

ويطغى اللون الأخضر على المكان، ويتزين كل ركن بزهور ونباتات طبيعية منسقة على الطريقة اليابانية الشهيرة «واياكا»، وجميع المقاعد والمناضد مصنوعة من أخشاب البامبو. وعلى كل منضدة تتراص شموع صغيرة مضيئة تنبعث منها رائحة معطرة تم وضعها داخل كؤوس زجاجية مرسوم على أسطحها رسوم صغيرة لأشخاص بملامح مواطني دول الشرق الأقصى.

ورغم المساحة المتناهية في الصغر للمطعم فإنك لا تكاد تشعر بذلك، حيث تم استغلال كل سنتيمتر من المساحة بعناية شديدة.

صاحبة المطعم سوزان مرتجي إندونيسية تعيش في مصر منذ 32 سنة، تزوجت من رجل أعمال مصري وعاشت بالإسكندرية، وتحرص على الطهي بنفسها للزبائن، وتكون أول الموجودين مع طاقم المطعم الذي يتكون من مصريين وإندونيسيين، كما أنها آخر من يغادره مساء بعد انصراف آخر زبائنها.

تقول سوزان، التي ما زالت تعتز باسمها الأصلي الإندونيسي «سوزي ليوات»: قمت بافتتاح هذا المطعم الصغير ليكون ملتقى لكل الوافدين إلى مصر من جميع الجنسيات خاصة الآسيوية منها، ولا أهدف من ورائه للربح مطلقا، فأنا أستمتع بتقديم الطعام للزبائن، ويهتز جسدي طربا حين يتحول الأكل إلى طقس للمتعة والبهجة، وتتناهى إلى أذني كلمات الإطراء من هنا وهناك.. أنا أجد ذكرياتي وطفولتي وشبابي في هذا المكان، لذلك جعلته قطعة من إندونيسيا ولا يتم تقديم أي أكلات به سوى الأكلات الآسيوية بصفة عامة والإندونيسية بصفة خاصة.

وبحسب سوزان، أو سوزي كما يناديها زبائنها، فإن أهم ما يميز مطعمها الجو العائلي والدفء الذي يشعر به كل من يأتي إليها: «فهنا لا يغادر أحد المكان قبل أن نردد سويا الأغاني الفولكلورية الإندونيسية حتى العرب والأميركيون من الزبائن نحن نلقنهم الأغاني لنرددها معا في جو من المتعة والمرح، وهو تقليد لا نتنازل عنه هنا. فالجميع يجب أن يغني أيا كانت جنسيته ومهما كانت سنه، الأمر الذي يحول طاولة الطعام إلى منصة للمرح والمحبة».

وعن الوجبات الميزة لمطعم «بامبو» تضيف سوزي: أيضا من أهم ما يميز «بامبو» تقديم جميع الوجبات والأصناف من الغذاء الطبيعي الأورغانيك من دون مكسبات طعم صناعية على الإطلاق.

وعن اسم المطعم «بامبو» وسر اختيارها لهذا الاسم تقول: بامبو هو الاسم ذاته بالإندونيسية للشجرة الشهيرة نفسها، والتي تصنع منها مادة من الأخشاب وهي بالأصل شجرة آسيوية وألوانها مريحة جدا، كما أن البامبو يعد من أهم ملامح التراث الشعبي بإندونيسيا.

وعن أهم الأكلات الإندونيسية التي يقدمها المطعم يقول عماد سعيد مدير المطعم: «سويت آند ساور» هو الطبق الرئيسي بالمطعم. وهو من أشهر الوجبات الإندونيسية، ويتميز بأنه يجمع بين الطعم الحلو والمملح في الوقت نفسه.. ويضيف: تتكون الوجبة من قطع الجمبري والسبيط ويتم خلطها بكومبوت الأناناس الطبيعي، وتقدم الوجبة مع البهارات الإندونيسية لتعطى مذاقا فريدا يجمع بين الحلو والمملح.

وعن المطعم يقول أحد زبائنه، أدهم محمد، طالب إندونيسي يدرس بكلية طب الإسكندرية: «نحن نعتبر (بامبو) بيتنا.. فهنا نجد الجو الأسري الدافئ الذي نفتقده خاصة أننا ندرس هنا بعيدا عن أسرنا». وتؤكد المعنى نفسه صديقة أدهم سوزان عمارو، وهي أيضا إندونيسية وتدرس بطب الإسكندرية، فتقول عمارو: «نقضي معظم أوقاتنا بعد الدراسة هنا ونعتبر مدام سوزي، صاحبة المطعم، أمنا في مصر، فهي تشعرنا بالدفء والأمان بمعاملتها الجميلة لنا».

ويعتبر أحمد الفخراني، طالب مصري الأصل أميركي الجنسية، أحد الزبائن المستديمين بالمطعم، خاصة أثناء الإجازة السنوية التي يقضيها بمصر مع أسرته، أن أهم ما يميز مطعم بامبو هو الطعم البيتي للأكل، حيث تشعر كما لو أن هذا الطعام تتناوله في بيتك، ويضيف: أيضا لديهم الشاي الإندونيسي المختلف عن أي طعم شاي آخر في أي مكان بالعالم، بحسب تعبيره.

وعن أشهر زبائن المطعم تقول سوزي: «نحن هنا نستقبل مشاهير الزوار من كل مكان.. لكن الزبائن الرئيسيين هم أسر العاملين بالسلك الدبلوماسي من جميع الدول التي لها تمثيل قنصلي بالإسكندرية، وقد ساعد على ذلك علاقاتي الممتدة بهم على مدى الأعوام الاثنين والثلاثين التي قضيتها بالإسكندرية، حيث إن لي صداقات عديدة بهم بحكم أنني بدأت الحياة هنا مثلهم كأجنبية إلى أن انخرطت في المجتمع السكندري وأصبحت لي علاقات وصداقات بالجانبين، المصري والأجنبي.

وبنبرة لا تخلو من الزهو تتابع سوزي: السفير الإندونيسي بمصر عبد الرحمن فاخر يأتي دائما بانتظام خلال إجازاته الأسبوعية مع أسرته إلى المطعم لتناول الوجبات الإندونيسية.

ومن أشهر رواد المطعم من العرب والمصريين البارزين في المجتمع السكندري تقول سوزي: عامر عيد نقيب الصحافيين الأسبق بالإسكندرية، فهو يعد من أهم رواد المطعم ويحضر معه أحيانا ضيوفا من الفنانين والممثلين المصريين، ومنهم الفنان الكوميدي محمد نجم، حيث حضرا معا هذا الموسم أكثر من مرة، حيث يقدم نجم مسرحيته بالإسكندرية على أحد المسارح القريبة منا.

وتتذكر سوزي أبرز زبائنها وتقول: هناك أيضا رجل الأعمال اللبناني الأصل نديم زيدان، وهو نجل مؤسس «دار الهلال» الصحافية بمصر والذي يعيش بالإسكندرية.

وحول الأسعار الزهيدة بالمطعم وتنوعها بشكل لا يقارن مع أي مطعم مصري، تؤكد سوزي أنها لا تريد أن تكون أسعار الوجبات عائقا أمام أي شخص يريد أن يكون من رواد المطعم أيا كانت إمكاناته المادية، مشيرة إلى أن هذه فلسفتها منذ فكرت في إنشاء المطعم، فهي تريد أن يستمتع زبونها بالطعام أولا وقبل أي شيء آخر.