غزة: مكاتب السياحة والسفر تتحول إلى مكاتب للحج والعمرة

بعد توقف الرحلات الخارجية بسبب الحصار وإغلاق المعابر

مجموعة من الحجاج الفلسطينيين عند معبر رفح (أ.ب)
TT

عبثا حاول طاهر الحايك، 43 عاما، على مدى السنوات الأربع الماضية العثور على مكتب سفر يساعده على السفر في رحلة سياحية لتركيا أو سورية أو أي دولة أجنبية، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، فجميع مكاتب السفر التي كان قطاع غزة يكتظ بها تلاشت، منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع وإغلاق معبر رفح، المنفذ الوحيد لغزة إلى الخارج.

في هذا الصيف كان هناك ما أثلج صدر الحايك، فقد عادت مكاتب السفر إلى الظهور بعد أن أعادت مصر فتح معبر رفح بشكل جزئي، ونجح عبر مكتب السفر في تنظيم رحلة سياحية إلى تركيا هو وعائلته المكونة من ثمانية أفراد.

وقال الحايك، وهو صاحب مصنع للعصير، لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات وأنا أحاول الخروج من سجن قطاع غزة للترفيه عني وعن أولادي، إلا أن محاولاتي باءت بالفشل لأن إغلاق المعابر جعل من المتعذر تنظيم رحلات سفر سياحية. كل سكان قطاع غزة بحاجة إلى الترفيه في الوقت الحالي، وذلك للتخفيف من الآثار النفسية الناتجة عن الحصار الذي تلته الحرب الإسرائيلية على القطاع».

قبل الحصار والإغلاق كان هناك عدد من شركات السياحة والسفر تعمل في قطاع غزة على تسيير رحلات سياحية جماعية للموسرين من الغزيين، إلا أن الحصار أدى إلى إغلاق أبواب هذه الشركات التي تحولت فقط إلى مكاتب لتنظيم رحلات الحج والعمرة، وحتى تنظيم هذه الرحلات لم يكن يتم بسلاسة بسبب الانقسام الداخلي وحالة المناكفات بين حكومتي رام الله وغزة.

وقال قال عمر دبابش، صاحب أحد مكاتب السفر في غزة، لـ«الشرق الأوسط»: «قبل انتفاضة الأقصى كنا ننظم الكثير من الرحلات سنويا للسياحة في الخارج إلى سورية وتركيا والإمارات ومصر بشكل شبه دائم، لكن مع الانتفاضة تقلصت هذه الرحلات وأصبحت تتم بشكل شبه دوري وفي أوقات محددة عبر معبر رفح المصري».

وأشار دبابش إلى أن عمل مكاتب السياحة والسفر لم يعد كما كان في السابق عندما كانت المعابر مفتوحة بشكل دائم للمسافرين، مؤكدا أن فتح المعبر يسهل عملهم ويسهل تسيير رحلات خارجية للمكاتب، في حين يؤدي الإغلاق إلى توقف عمل شركات السفر بشكل كامل، بحيث لا تعمل إلا في حالات التنسيق مع الجانب المصري أو الجانب الإسرائيلي لإخراج أناس معينين، مشددا على أن عمل شركات السفر يرتبط بشكل أساسي بالواقع السياسي الداخلي.

ودعا دبابش إلى تجنيب المعبر وحركة المسافرين أي مناكفات سياسية، وإعطاء الحرية للمسافرين في التنقل، مشيرا إلى أن غزة في ظل الحصار أصبحت سجنا كبيرا لا يمكن الخروج منه بشكل طبيعي.

طبعا الحصار لم يقتل السياحة الخارجية فحسب، حسب قول دبابش، بل حتى السياحة الداخلية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحديدا السياحة الدينية. فحتى اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر (أيلول) 2000 كان يسمح لسكان القطاع بالذهاب إلى مدينة القدس بشكل أسبوعي للصلاة في المسجد الأقصى عبر معبر ايرز (بيت حانون) شمال غزة، لكن هذه الرحلات توقفت، ليس منذ الحصار فحسب، بل منذ اندلاع الانتفاضة الثانية.

وقال محمد أمين مشتهى، أحد أصحاب مكاتب السياحة والسفر، إنه في ظل هذه الأوضاع لم يتبق أمام أصحاب هذه المكاتب سوى الاتجاه للعمل بما هو مسموح من قبل الجانب الإسرائيلي، والاكتفاء بتنظيم رحلات الحج والعمرة. وأشار إلى أن مكاتب السفر كانت قبل إغلاق معبر رفح تتغلب على المنع الإسرائيلي وتقوم بتسيير رحلات عبر ترتيب تجميع المسافرين في مصر والانطلاق إلى الخارج بالتنسيق مع شركات السياحة والسفر في الخارج، مؤكدا أن تكلفة الرحلة والواحدة للشخص الواحد تتراوح ما بين 500 إلى 1000 دولار. ويشير مشتهى إلى أن أصحاب مكاتب السياحة في قطاع غزة لا يتمكنون من تنظيم رحلات سياحية داخلية لأن مساحة القطاع صغيرة جدا، وأغلب السكان يعرفون كل جوانبها، وبالتالي لن تجذب أحدا.