غسل السيارات في الأردن مهنة ابتكرها العمال الوافدون

الحكومة تحاول وضع ضوابط لها.. ومحطات الغسيل ترفع الشكاوى

يقول العامل الوافد كمال عثمان إنه يحقق مردودا يعادل 500 دولار شهريا من هذه المهنة («الشرق الأوسط»)
TT

غسيل السيارات أمام المنازل مهنة ابتكرها العمال الوافدون، في العاصمة الأردنية، وخاصة المناطق الغربية منها، وقد وجد هؤلاء العمال أنفسهم مضطرين لغسل السيارات بعد أن أصبحت فرص العمل شحيحة أمامهم وارتفاع تكاليف المعيشة في ظل ارتفاع الأسعار وتدني الرواتب.

العامل الوافد يهمه في نهاية الشهر توفير مبلغ محدد لتحويله إلى أهله، خاصة أنه حضر من بلاده لتوفير حفنات من الدولارات لسد التزاماته في بلده، خاصة إذا كان متزوجا ولديه عائلة تنتظر كل نهاية شهر تحويل مبلغ من المال يسد حاجتها.

في الآونة الأخيرة شددت وزارة العمل الأردنية الرقابة على سوق العمل وحددت مهنا محددة للعمل بها، منها قطاع الزراعة والإنشاءات والخدمات والنظافة، وعلى ضوء ضبط سوق العمل وتحديد الأجور أصبحت الحياة صعبة عليهم فهم بحاجة للقيام بأكثر من وظيفة كي يحصل على مال لسد احتياجاتهم.

وعلى الرغم من أن مهنة غسيل السيارات أصبحت مألوفة في عمان فإن محطات غسيل تأثرت سلبا بهذا السلوك، وتراجعت إيراداتها نتيجة انتشار هذه الخدمة في الأحياء. ويقول العامل الوافد كمال عثمان إنه يحقق مردودا ما يعادل 500 دولار شهريا من هذه المهنة.

أما عثمان الذي يباشر عمله يوما بعد يوم، يستيقظ في الساعة الثالثة صباحا، ليحمل سطل ماء وقطعة إسفنج وصابونا وفوطة تنظيف، ويقوم بغسل نحو 70 سيارة، باتفاق مسبق مع أصحابها. ويوضح أن «متوسط تكلفة مواد غسل السيارات، لا يتجاوز 25 دينارا شهريا».

عثمان يتقاضى عن كل سيارة يقوم بغسلها خمسة دنانير شهريا، ويبذل «جهودا كبيرة في تأمين زبائن جدد؛ لتوسيع قاعدة عمله»، بحسب قوله.

ولتحقيق ذلك، يلجأ العاملون في غسل السيارات في الأحياء، إلى أسلوب يقنع مالكيها، ببقاء سياراتهم نظيفة طيلة أيام الأسبوع، من خلال غسل منتظم مقابل أجر معقول، يخفف عنهم عناء الذهاب إلى محطات غسل السيارات، بحسب عثمان، الذي تمكن نتيجة عمله في غسل السيارات، من توفير تحويل منتظم بقيمة 300 دولار لعائلته شهريا.

ويضيف عثمان أنه وزميله يقومان بنفس العمل وأحيانا يساعدان بعضهما لإنجاز أكبر عدد ممكن من السيارات ضمن برنامج أسبوعي حيث يتم غسيل السيارة 3 مرات أسبوعيا.

وعلى ضوء اتساع نشاط سوق العمالة الوافدة، التي باتت تضم نحو 450 ألف عامل وافد، واحترافهم مهنا غير منظمة، انعكس سلبا على أصحاب المنشآت المرخصة، في القطاعات ذاتها التي ينشط في ظلها الوافدون.

ويقول صاحب إحدى محطات غسل السيارات، خليل أبو فارس، إن «غسل السيارات من قبل العمال المتجولين، أثر سلبا على محطات الغسل؛ كون معظم المواطنين الذين يمتلكون سيارات، أصبحوا يغسلونها من قبل هؤلاء العمال».

ويضيف أبو فارس أن «غسل المركبات من قبل هؤلاء العمال، يوقع ضررا بالغا على طلاء السيارات».

ويطالب السلطات الحكومية، بضرورة وقف العمال الذين يقومون بغسل المركبات في المنازل، «لا سيما أن معظم العمال من الوافدين، ولا يمتلكون تصاريح عمل، فضلا عن أنهم يلحقون خسائر بمحطات غسل المركبات».

يشار إلى أن نسبة البطالة في الأردن تصل إلى نحو 13 في المائة وأن هناك 170 ألف أردني عاطل عن العمل ولا يقبلون على مهن قطاع الزراعة والإنشاءات وغيرها من الخدمات.

ويقول علي توفيق صاحب محطة سيارات أخرى، إن وجود العمال المتجولين الذين يقومون بغسل المركبات في المنازل، أو في أماكن العمل، أدى إلى تراجع الإقبال على محطات غسل المركبات.

ويوضح أن معظم المواطنين الذين يمتلكون مركبات، أصبحوا يفضلون غسل مركباتهم من قبل العمال المتجولين؛ نظرا للتكلفة المنخفضة، واستثمارا للوقت، مقارنة بالذهاب إلى محطة الغسل.

ويشير توفيق إلى أن هناك شريحة محددة ترفض غسل مركباتها من قبل العمال المتجولين؛ لعدم ثقتهم بهؤلاء العمال.

ويقول المواطن هاني مسعود (45 عاما): «أفضل أن يقوم العامل الوافد بغسل سيارتي في الحي؛ لتوفير المال والوقت». ويضيف مسعود، الذي يعمل في القطاع الخاص، «أدفع أجرة للعامل الذي يغسل سيارتي مقدارها 5 دنانير شهريا، مقابل قيامه بتنظيفها يوما بعد يوم».

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور قاسم الحموري، إن «سلوك المواطن، ونظرته للعمل، تختلف عندما يكون بالخارج، فتجده يعمل في مهن لا يقبل على العمل بها داخل بلده، بسبب القيم الاجتماعية أو ما يعرف بـ(ثقافة العيب)».

ويبين أن إقبال العمال الوافدين على مهن حرة كغسل السيارات، تعتبر فرص عمل ووظيفة ذات مردود مالي جيد لأبناء البلد، موضحا أن قيام هؤلاء العمال بتحويل مبالغ من المال خارج البلاد، يزيد من عبء ميزان المدفوعات بسبب خروج المال.

وشدد الحموري على ضرورة تغير مفهوم ثقافة العيب، عن أبناء المجتمع، من خلال حملات تعليمية وتوعوية للشباب عن فرص العمل. وتصنف مهنة غسل السيارات، ضمن اقتصاد الظل، التي لا تدخل في حسابات الدخل القومي.

ويعرّف اقتصاد الظل، على أنه «جميع الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الأفراد أو المنشآت، ولا يتم إحصاؤها بشكل رسمي، ولا تعرف الحكومات قيمتها الفعلية، ولا تدخل في حسابات الدخل القومي، ولا تخضع للنظام الضريبي، ولا للرسوم ولا للنظام الإداري والتنظيمي».

من جهته أبلغ الرائد عامر السرطاوي «الشرق الأوسط» أن هذا العمل مخالف لشروط إصدار تصاريح العمل ولا يوجد في وزارة العمل تصاريح تسمح بغسل السيارات في الشوارع، مشيرا إلى أن أي إجراء بحق هؤلاء يصدر عن وزارة العمل التي تستعين بالشرطة لتنفيذ القانون.

وأكد أن إذا ضبط مخالف لا يوجد معه تصريح عمل أو إقامة فإنه يعمل على تسفيره، أما في حالة وجود تصريح عمل مع مخالفة القانون فإنه يترتب عليه مخالفة لتصويب وضعه، وإذا ما تكررت المخالفة مرة أخرى فإنه يتم تسفيره إلى بلده.