تونس: أصناف شهية من الخبز ترافق شهر رمضان

منه «الطابونة» و«الملاوي» و«المطبقة» و«الغرايف» و«المبسس»

بعض أنواع خبز رمضان الشهي في تونس («الشرق الأوسط»)
TT

الحديث عن الخبز بأنواعه في تونس حديث ذو شجون حقيقية. فاستهلاك الخبز يجري بشكل يومي ويدخل في كل الوجبات الغذائية من دون استثناء، حتى إن متابعي نمط الاستهلاك على المستوى المحلي يقدرون نسبة استهلاك الخبز في تونس بين النسب على مستوى العالم.

للتأكيد على ما تقدم، يشير المتابعون إلى حقيقة أن الفرد التونسي يستهلك الخبز حتى مع الكسكسي ومع المعكرونة ومختلف المعجنات الأخرى، أي استهلاك عجين مع عجين، وهو أمر لا يستقيم إطلاقا في قاموس اختصاصيي التغذية.

أما خلال شهر رمضان المبارك، فإن الحديث يصبح أكثر شجنا، وهنا نحن نتحدث عن قائمة طويلة وعريضة من الخبز الذي يرافق شهر الصيام، إذ نرى أنواعا وأصنافا قد لا تخطر على بال.. كلها مطلوبة من الجميع. ومن هذه الأنواع، الخبز العربي بأصنافه المتعددة؛ من خبز «الطابونة» إلى خبز «الملاوي» إلى «المطبقة» إلى «الغرايف» وغيرها من الأصناف التي ترافق دخول رمضان، لكنها قد تصوم عن الظهور باقي السنة. وبخلاف الخبز العربي، ثمة أنواع خبز أخرى تظهر في المخابز المتخصصة، وهي كذلك متنوعة الأشكال والألوان والزينة؛ حيث إنها تجلب اهتمام الصائم وتجبره تقريبا على شرائها.

ما يجدر ذكره هنا، أن الأشهر العادية من السنة في تونس لا تعتمد سوى على نوعين أساسيين من الخبز يتمثلان في: «الباقات» وهو خبز صغير الحجم لا يزيد سعر القطعة (الرغيف) الواحدة منه عن 200 مليم تونسي، وهو مخصص لسكان المدن والعائلات المرفهة، والخبز المعروف باسم «الكبير» وسعره مقدر بـ250 مليما تونسيا (نحو ربع دينار تونسي)، وهو مرغوب بصورة مباشرة عند العائلات كثيرة الأفراد.

في رمضان الوضع مختلف؛ إذ تظهر في السوق وسط رواج كبير قائمة طويلة من أنواع الخبز؛ بدءا بـ«البانات»، ومرورا بالخبز التركي، وخبز «القوقاس»، وخبز «الزيتون»، وخبز «القطانية»، وخبز «الشعير»، والخبز الكامل غير المنزوع القشرة، وانتهاء بالخبز المبسس، وغيره. مع العلم بأنها جميعا تباع بأسعار مرتفعة جدا مقارنة بخبز الاستهلاك العادي، باعتباره يخضع للتسعيرة ويحظى بدعم الحكومة. ذلك أن الخبز المنوع الذي يظهر في رمضان لا تطبّق عليه التسعيرة الحكومية، وهو ما يجعل «الخبازة» أي أصحاب المخابز، يبيعونه بأسعاره الحقيقية غير المدعومة.

وإذا رجعنا إلى أنواع الخبز المعروض خلال شهر الصيام نلاحظ أن خبز «القوقاس»، على سيبل المثال، خبز يقدم بنكهة البسباس (الشمار أو الشومر أو الشمرة)، أما الخبز الكامل فيصنع من القمح الصافي، أي كامل المكونات، بما فيها القشرة أو «النِّخالة»، وتباع الخبزة الواحدة منه بنحو 600 مليم تونسي. وتشتمل القائمة على خبز «البانات»، وهو مصنوع من مادة الفارينة دون غيرها، وهو خبز يؤكد مستهلكوه أنه سهل الهضم ولا يخلف مشكلات تذكر بالنسبة إلى المعدة. أما الخبز المبسّس فيتضمن زيت الزيتون في تركيبته، وهو ما يجعل نكهته مميزة. وهناك كذلك الخبز المزيّن بحبات الزيتون وبالبسباس، وكذلك الخبز التركي، وكلها تباع بسعر موحد مقدر بنحو 450 مليما.

وتضم القائمة كذلك خبز «القطانية» الذي لا يحتوي على الفارينة، وسعر القطعة الواحدة منه 450 مليما، والخبز المبسّس المصنوع من الفارينة، وسعره 300 مليم. ثم الخبز المبسس المصنوع من السميد وسعره 250 مليما. كما تخصص المخابز التونسية خبز القمح الخالي من الملح، وهو موجه بالخصوص للذين يعانون من الأمراض المزمنة، على غرار السكري والكولسترول وارتفاع ضغط الدم.

وحول أنواع الخبز التي يكثر عليها الطلب خلال شهر رمضان، قال منير السلامي، المسؤول عن مخبزة منذ 15 سنة، وهو الذي يشرف على عمليات إنضاج الخبز، شارحا: «الخبز المبسس هو الأكثر طلبا خلال رمضان، ولكن على الرغم من كثرة الأصناف؛ فإن كمية الخبز تقل خلال رمضان بحكم النقص المسجل في عدد الوجبات المتناولة وضغط الوقت على الصائمين».

كذلك قال فتحي بن عرفة، المتخصص في عجن الخبز منذ 12 سنة، إن «الطلب على خبز الشعير والخبز الكامل بـ(النِّخالة) تضاعف خلال شهر الصيام. والمخبزة، أو (الكوشة) كما يسميها التونسيون، لا تصنع الأنواع العجيبة من الخبز مثل (البانات).. وهي تقتصر على أنواع الخبز التونسي المحلي المعروف».

من ناحيتها، قالت جميلة القويدري، وهي ربة بيت، إنها تشمر عن ذراعيها وتصنع خبزها بيدها «طوال شهر الصيام.. وأكثر طلب العائلة يتوجه نحو الخبز العربي، وخاصة خبز الطابونة»، وهي سعيدة كل السعادة بتلبية رغبات العائلة خلال هذا الشهر الفضيل.

وعلى الرغم من الإقبال الكبير على استهلاك الخبز خلال شهر رمضان، وتفضيل الخبز المبسس وخبز الزيتون وخبز «البانات» وخبز «النخالة» على بقية أنواع الخبز، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن كل ما يشترى من الخبز يصار إلى استهلاكه، بل إن محمد بوعنان، رئيس الغرفة التونسية لأصحاب المخابز يشير إلى أن كمية الخبز «البايت» الزائدة عن الحاجة، مقدرة خلال شهر رمضان الحالي بنحو 13 ألف خبزة على المستوى الوطني، بعدما كانت خلال شهر رمضان الماضي لا تزيد عن 7 آلاف خبزة فحسب.

ومن المتوقع، حسب بوعنان، أن تكون كمية الفواضل من الخبز وحده خلال شهر رمضان الحالي في حدود 390 ألف خبزة إذا اعتبرنا أن فواضل كل مخبزة من بين 2670 مخبزة تنشط في البلاد مقدرة يوميا بـ50 خبزة. ويقدّر بوعنان عدد المخابز «العشوائية» التي تظهر خلال شهر رمضان ثم تختفي بعد ذلك بأكثر من 200 مخبزة، «وهو ما يضر بمصالح المخابز القانونية التي تتكبد مصاريف وأداء متنوعا لتضمن الاستمرار في النشاط».