شيماء.. أول فتاة عربية تحصل على لقب حكم دولي من «الفيفا»

وصيفة ملكة العرب السابقة تتمتع بشخصية حازمة داخل البساط الأخضر

شيماء... بدأت اللعب في منتخب مصر وعمرها 11 عاما («الشرق الأوسط»)
TT

شيماء منصور، فتاة مصرية في العشرينات من العمر.. جذبتها الساحرة المستديرة فلم تكتف بالتشجيع فقط، بل اتجهت إلى ملاعب كرة القدم وعمرها 11 عاما لتحترف اللعبة، ومنها إلى ممارسة التحكيم، لتكون أول وأصغر حكم مصري دولي لكرة القدم.

ورغم مظهرها الرقيق الذي أهلها للحصول على لقب الوصيفة الأولى لملكة جمال العرب عام 2007، ومن بعده لقب فتاة العرب الرياضية، فإنها تتمتع بشخصية قوية وحازمة داخل البساط الأخضر.. تصدر أحكامها ضد اللاعبين، ولا تقبل اعتراضهم عليها لأن قراراتها لا رجعة فيها.

تتحدث شيماء لـ «الشرق الأوسط» عن احترافها لكرة القدم قائلة: «قبل كرة القدم كنت أمارس ألعاب القوى والإسكواش في النادي الأهلي، وهو ما أتاح لي مشاهدة تدريبات فريق الكرة بالنادي. وبعدما تعرفت على المسؤولة عن كرة القدم النسائية في مصر د.سحر الهواري، أقنعتني باحتراف كرة القدم بعدما لمست مدى عشقي لها. وبالفعل بدأت اللعب في منتخب مصر وعمري 11 عاما.. وفي بداية دخول الكرة إلى مصر، لم يكن يوجد إلا فريق المنتخب، وكان عدد اللاعبات نحو 13 أو 14 فتاة فقط، وبمرور الوقت أصبح هناك أكثر من ناد يضم فريقا لكرة القدم النسائية، وهو ما أتاح لي اللعب في ناديي المعادي والأرسنال».

الطريف أن شقيق شيماء الذي يكبرها بعدة أعوام لا يمارس كرة القدم، بل إنه مولع بكرة السلة، ومع ذلك فقد شجعها كثيرا على الاستمرار في ممارسة هوايتها. أما والدها فلم يكن مؤمنا في البداية بلعب الفتيات لكرة القدم رغم أنه من عشاق الكرة، بل إنه كان يصطحب شيماء معه إلى التدريبات والمباريات وهي صغيرة، ولكنه لم يكن يتوقع أنها سوف تمارسها عندما تكبر.

وعن كيفية دخولها التحكيم، تقول: «هذه الخطوة جاءت بالصدفة، فقد كان عمري وقتها 15 عاما وكان من شروط اختياري أن أكون حاصلة على الثانوية العامة، ولم تتقبلني لجان التحكيم الأوروبية بسهولة حيث استنكرت وجود محكمة عربية تحت 21 سنة. ولكن الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» ساندني بشدة، إيمانا منهم بحقوق المرأة في العالم العربي. وكان الاتحاد الأفريقي وقتها يعقد اختبارات للفتيات لقياس مدى نجاحهن في التحكيم، وبالفعل اشتركت ونجحت بعدما مررت بعدة اختبارات ما بين العملي والشفوي والتحريري واختبارات اللياقة البدنية بالإضافة إلى اللغة. وقد أهلني لذلك مجموعة دورات تدريبية في التحكيم، من ضمنها كورس في الاتحاد المصري لكرة القدم أهلني لدخول مجال التحكيم، وكان ترتيبي الأول على البنات والـ25 على الشباب».

منذ عام 1999 وحتى الآن تعمل شيماء بالتحكيم الدولي لكرة القدم النسائية والرجالية، آخرها التحكيم في كأس العالم للسيدات. كما تقوم بتحكيم مباريات الناشئين في النوادي المصرية، وكذلك مباريات البطولات الأكبر سنا والدوري. وتضيف: «في أولى مبارياتي لم أكن معروفة كحكم، ولكن كان معروفا من الإعلام وجود فتاة سوف تقوم بالتحكيم.. ولم تتوقع الناس أن تراني. وتصادف أكثر من مرة أني دخلت أماكن لا يوجد بها فتيات غيري، فيستوقفني الأمن وعندما أخبرهم بأنني الحكم يؤكدون لي عدم وجود مباريات للبنات، ويفاجأون عندما يعرفون أنني حكم مباراة للرجال».

أما عن شخصيتها داخل الملعب فتقول: «أثناء عملي مع الناشئين أهتم بالدور التوجيهي لهم لبناء شخصيتهم في الملعب بما يسمى اللعب النظيف، ولكن مع اللاعبين الكبار أشدد دائما على عدم المناقشة معي في أرض الملعب لأن قراراتي لا رجعة فيها، ساعدني على ذلك دراستي لعلم النفس فاكتسبت منها خبرات الثبات الانفعالي وكيفية التصرف مع اللاعبين داخل الملعب خاصة أن مجتمعنا الشرقي لا يتقبل أن تكون المرأة في وضع أقوى من الرجل أو مسيطرة على أفعاله، كما تتم محاسبتي على أخطائي كأي حكم رجل واتحاد الكرة يدعمني بشدة كوني الفتاة العربية الوحيدة التي تعمل بهذا المجال».

لم تمنع كرة القدم شيماء من الاشتراك بمسابقة ملكة جمال العرب في عام 2007، والتي جاءت عن طريق المصادفة أيضا، تقول: «جاء اشتراكي بالمسابقة عندما أخبرني مكتب السيدة حنان نصر رئيس المسابقة برغبتها في تنسيق يوم رياضي كبير لملكات جمال العرب، وبعدها بيومين أخبرتني بأنها أخذت موافقة من مكتب وزير السياحة لأمثل مصر في المسابقة، وكان التحدي بالنسبة لي أنني كنت مع ملكة جمال لبنان، كما أن طريقة مشي الـ «كات ووك» كانت صعبة بالنسبة لي جدا وظللت نحو شهر أتدرب عليها وعلى ارتداء الكعب العالي».

انتهت المسابقة بالإعلان بفوز شيماء بلقب الوصيفة الأولى لملكة جمال العرب، وهو ما ترى فيه ردا عمليا على من يرددون أن الرياضات التي تتمتع بطابع ذكوري تهدد أنوثة الفتاة وشكلها، تستطرد: «أكثر ما أسعدني هو حصولي على هذا اللقب الجمالي الثقافي، فأنا أول رياضية تحصل على هذا اللقب، والأجمل هو تكريمي العام الماضي في المسابقة نفسها وحصولي على لقب فتاة العرب الرياضية».

وبرأي شيماء أن «كرة القدم تحديدا لا تغير مظهر البنت أو طباعها فلاعبات منتخب أميركا هن لاعبات كرة قدم في النهار وعارضات أزياء في الليل، كما أن كرة القدم تهذب الجسم ولا تبني العضلات بصورة مبالغ فيها، ولا تفرض على الفتاة سلوكيات الرجال، فالرياضة بشكل عام تنقي الجسد من الطاقة السلبية المخزونة به وتجعل الفتاة أكثر ثقة بنفسها».

ما تتمناه شيماء فيما يخص مسيرتها في التحكيم أن تقوم بالتحكيم لمنتخب مصر لعشقها الشديد له، أما أكثر ما يحزنها في كرة القدم فهو الشغب والتعصب الأعمى بين الفرق والمنتخبات العربية في الرياضات عامة ومباريات كرة القدم خاصة، وهو ما توضحه بقولها: «زيادة التعصب لا يليق بشعوب عربية شقيقة، وهو ما يجعلني كثيرا أفكر جديا في ترك كرة القدم والتحكيم إذا كانت هذه هي أخلاق الرياضة، فالمفترض أن الرياضة تقرب الشعوب من بعضها البعض وتخلق بينهم نوعا من الألفة والمشاركة وليس التنافر والتعصب».