القراءة في الطائرات.. أشكال وألوان تمليها طبيعة الرحلة

إقبال على الروايات البوليسية.. النساء يفضلن المجلات الفنية والرجال الرياضية

اتجاهات قراءات المسافرين تشهد تحولات كبيرة من الصحف إلى المجلات والكتب
TT

تتنوع القراءة في الطائرات بحسب طبيعة الرحلة، فإذا كانت طويلة تستغرق الكثير من الساعات فهذا يوفر مجالا أرحب للقراءة المعمقة، أما إذا كانت قصيرة تستغرق ساعة أو ساعتين، فغالبا ما تنحصر القراءة في الصحف والمجلات.

أحد أوجه هذه القراءة لفت نظري إليه بمطار جدة الدولي بالمملكة العربية السعودية وجود عدد من روايات الراحل نجيب محفوظ في صالة الانتظار بالمطار أثناء قيامي بإحدى الرحلات الداخلية في المملكة. وكان من بينها روايات «اللص والكلاب»، «حضرة المحترم»، «ملحمة الحرافيش»، «عصر الحب».

كتب نجيب محفوظ كانت تحتل قسما خاصا في الصالة فوق منضدة خاصة إلى جوار عدد من الكتاب الآخرين الذين تتنوع مؤلفاتهم بين علم النفس والاقتصاد والإدارة، وقد كان ذلك حافزا لي لتوجيه سؤال إلى المسؤولين في منفذ بيع الكتب هنا عن حجم مبيعاتها، فقالوا إنها تلقى رواجا مقبولا.

من جهته، قال باحث علم النفس الدكتور بركات ممدوح إنه ليس هناك ارتباط مؤكد بين نوعية القراءة والسفر بالطائرة، فالاتجاه للقراءة لدى بعض المسافرين قد يكون له علاقة بنوعية المهمة وطبيعة الرحلة والهدف منها سواء كانت علمية أو دينية، وأشار إلى أنه عندما يكون مشاركا في أحد المؤتمرات العلمية يستغل وقت الرحلة في مراجعة البحث الذي سوف يقدمه.

ومن هنا يمكن القول إن الاتجاهات القرائية قد تتحدد تبعا لطبيعة رحلة المسافر نفسه، أو هواياته، التي تجعله يتجه لقراءة نوعية معينة من الكتب دون غيرها، وذكر أن هناك من لا يقرأون أثناء رحلاتهم، لأنهم ببساطة لا علاقة لهم بالقراءة من الأصل، كما أن هناك من يفضل الاسترخاء والنوم بخاصة في الرحلات الطويلة.

وحسب إحصائيات متوافرة فإن عدد الركاب الذين استقلوا طائرات «الخطوط الجوية السعودية» الداخلية عام 2008 بلغ 28 مليونا من النساء والرجال. وتفاوت رغبات هؤلاء بين قراءة المجلات الفنية والجرائد، فضلا عن روايات أغاثا كريستي.

وليد الهوكي، مسؤول بيع الكتب في مطار جدة الدولي، قال إن كثيرا من المسافرين من الرجال يفضلون قراءة الجرائد الرياضية أثناء رحلاتهم بين مختلف مدن ومناطق المملكة، وتأتي جريدتا «الرياضي» و«الرياضية» من بين أكثر الجرائد الرياضية مقروئية لدى الشباب الذين لا يتوقفون، حتى أثناء رحلات الطيران، عن البحث عن أخبار نجومهم المفضلين في الأندية المختلفة.

أما عن النساء فقد أشار الهوكي إلى أنهن يأتين في المقدمة من حيث قرارات الشراء، حيث يوصين أزواجهن ومرافقيهن من الرجال دائما بالبحث عن الكتب التي تعينهن على معرفة الحياة وتفاصيلها، وأن مشترياتهن من المجلات الفنية والاجتماعية قد تتساوى مع حجم مشتريات الرجال من الصحف الرياضية.

ويشير الهوكي إلى أن رغبات النساء القرائية تختلف عن رغبات الرجال، وذكر أنهن يفضلن قراءة مجلات مثل «زهرة الخليج» و«سيدتي». أما عن قراءتهن الكتب والروايات فإنهن يفضلن الروايات البوليسية وتأتي في مقدمتها روايات أغاثا كريستي.

وفي مقدمة تلك الكتب التي تهتم المرأة بقراءتها للتعرف على الحياة، حسب ما قاله الهوكي، تأتي مؤلفات مثل «كيف تسيطر على الآخرين» لبيرتون كابلان، و«التفاوض للفوز» لجيم توماس، و«عش الحياة التي تريدها» لنيكولاس بات، و«فن القيادة» لويليام كوهين، فضلا عن كتب مثل «لا تقع فريسة لزلة لسانك» تأليف ماتياس بوم، و«الذكاء الاجتماعي» لكارل البريخت. وهناك كتب أخرى مثل «علم الثراء» لـمؤلفه ولاس دي واتكر، وهو كتاب يفضله الشباب من الجنسين بسبب موضوعه الذي يلعب على طموحات الأفراد في الثراء وامتلاك المال.

وذكر الهوكي أن من أكثر الكتب مبيعا، والتي يتطلع الكثير من النساء المسافرات لاقتنائها، تلك التي يكون موضوعها منصبا على الجمال، ورغبة المرأة في قوام ممشوق، ومنها كتاب ماري شيرز «خطة التخلص من الدهون»، وكتابا «حمية الثلاث ساعات» و«8 دقائق في الصباح أقصى حد لإنقاص الوزن» وهما من تأليف جورج كروز.

وحول تأثر دفة القراءة بمواسم المناسبات، أشار الهوكي إلى أن اتجاهات قراءات المسافرين تشهد تحولات كبيرة في مواسم الحج والعمرة، حيث يتجه المسافرون من الرجال والنساء إلى كتب الشعائر التي توضح أركان الحج والعمرة، فضلا عن كتب الأذكار. ومن الكتب الدينية الأكثر رواجا لدى المسافرين تأتي كتب مثل «شمائل المصطفى» تأليف وهبة الزحيلي، و«نبينا رأي العين» لبسام عطية فرج، و«صحابيات حول الرسول» لمحمد راجي، ولا تغيب عن المشهد كتب الصحابة مثل كتاب «عمر بن الخطاب» تأليف علي محمد الكلابي.

وقال عمر محمد الأسمري، أحد المتجهين إلى جدة، إنه يسعى دائما وهو في طريقه لزيارة أقاربه هناك إلى أن يأخذ معه بعض الصحف الرياضية، مثل جريدة «الرياضي» وجريدة «الرياضية»، وذلك لمتابعة أخبار فريقه المفضل نادي الاتحاد ونجومه أمثال محمد نور ومحمد أمين ورضا تكر. وذكر عمر، وهو طالب في إحدى المدارس الخاصة بمحافظة خميس مشيط، ويحلم بأن يكون طيارا في المستقبل، أنه يحب الشعر خاصة مؤلفات الشاعر خالد المريخي، ويبحث عنه في الجرائد المختلفة لمتابعة إبداعاته الجديدة. وذكرت نوال حسن أن دراستها للصيدلة أدخلتها في حالة من البحث الدائم عن أحدث الاكتشافات العلمية في مجال العقاقير الطبية، مشيرة إلى أنه لا يوجد لديها وقت لمتابعة غيره، وأنها تهتم فقط بما ينشر في الصفحات العلمية والطبية في الصحف التي تقع بين يديها. وأضافت أنها اعتادت على قراءة الأذكار قبل إقلاع الطائرة، لذا تصطحب معها كتيبا صغيرا يحتوي على بعض منها، وهي في طريقها لزيارة أقاربها الذين ينتشرون في عدد من مدن المملكة.