بلدة كردية غابت عن الخريطة العراقية.. تحتضن ثقافات 4 قارات

«كلار» تستيقظ على وقع الموسيقى والرقصات الفولكلورية لفرق من 11 دولة

قلعة شيروانة تحولت بعد ترميمها إلى معلم سياحي («الشرق الأوسط»)
TT

من أقصى الشمال الأوروبي إلى أقصى جنوب غربي آسيا مرورا بأميركا اللاتينية جاءوا بضيافة بلدة كردية هي «كلار» التي كانت مفقودة على الخريطة العراقية، ومهجورة في نهاية الثمانينات، حيث تركزت في مناطقها حملات الأنفال التي سيق معظم سكانها إلى حتوفهم في صحارى الجنوب العراقي في عهد النظام السابق، لكن هذه البلدة تجاوزت جراحاتها واستيقظت صباح أول من أمس على وقع الموسيقى الفولكلورية والرقصات الشعبية لفرق فنية جاءت من عدد من الدول تمثل أربع قارات في العالم.

نزعت منطقة كرميان رداء الحزن على ضحاياها، ونهضت لتستقبل الحياة مجددا منفتحة على العالم الخارجي، وكانت بادرتها الأولى احتضان فرق شعبية من 11 دولة في العالم بمهرجان دولي لثقافة الشعوب بمشاركة فرق من البرازيل وتشيلي وبوليفيا والسويد وكرواتيا وبولونيا ومصر وإيران والعراق وكردستان، إضافة إلى فرقة أطفال كلار، وقدمت هذه الفرق عروضا جميلة وزاهية أبهرت الحاضرين.

وانطلق المهرجان الذي سيستمر إلى السابع من الشهر الحالي برعاية رئيس حكومة إقليم كردستان برهم صالح من قلعة شيروانة ببلدة كلار التابعة لمحافظة السليمانية.

وقلعة شيروانة التي جرى ترميمها بعد أن تبرع لها الرئيس جلال طالباني بربع مليون دينار في التسعينات، وتحولت إلى صرح سياحي مؤخرا بفضل اهتمامات حكومة الإقليم، هي قلعة أثرية تقع بمدينة كلار في جنوب كردستان العراق، بناها محمد باشا الجاف رئيس عشيرة الجاف العريقة في القرن التاسع عشر الميلادي وكان مركزا لإقامته وإدارة شؤون حكمه، وهي قلعة جميلة شامخة واقعة على ضفتي نهر سيروان وتعتبر أحد المعالم الأثرية البارزة في منطقة كرميان. تم بناء القلعة بشكل مستطيل وسميت بقلعة «شيروان» وتعني (عرين الأسد)، بناها محمد باشا لتكون له قاعدة عسكرية ومركزا لإدارة حكم الإمارة التي امتد نفوذها تاريخيا إلى مناطق كفري والسعدية شهرزور وشيروان وكرمنشاه في منتصف القرن التاسع عشر ميلادي 283 هجرية. وكان الأمير محمد بك قد نال رتبة الباشوية من العثمانيين لمهابته ونفوذه في المنطقة، فيما أنعم عليه الشاه ناصر الدين القاجاري بلقب «الخان» في عام وهو أحد الألقاب الكبيرة في الدولة.

والمهرجان الذي تنظمه وزارة الثقافة بحكومة إقليم كردستان هو أول مهرجان ثقافي دولي تشهده كردستان، ويتوقع أن ينظم سنويا وأن تدعى له معظم الدول في العالم.

وقدمت الفرق الفنية المشاركة في المهرجان فعاليات متنوعة بين الغناء والرقص الفولكلوري عبرت عن ثقافات شعوب العالم وأمتعت الحاضرين إلى ساعات متأخرة من الليل، وكان الحضور العراقي لافتا في المهرجان من خلال مشاركة الكثير من الفرق البغدادية في تقديم الفعاليات التي امتزجت بأغان شعبية وفولكلورية شهيرة ما زالت معلقة في ذاكرة الأجيال العراقية، فجاوبتها الفرق الفولكلورية الكردية بدبكاتها الشعبية على وقع الأنغام الكردية لتمتزج وتتعانق الأنغام العراقية الأصيلة وتحوم فوق القلعة التاريخية.