«تاكسي المعرفة».. صيحة جديدة للقراءة في شوارع القاهرة

50 سيارة تعمل تحت شعار «اقرأ على الطريق»

في «تاكسي المعرفة» هناك ما يناسب كل الأذواق من الكتب (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

تجربة جديدة تشهدها شوارع القاهرة بإطلاق مبادرة «تاكسي المعرفة»، التي تهدف إلى إنشاء مكتبات صغيرة داخل سيارات التاكسي لتسلية القارئ في البداية، ولتصبح القراءة بعد ذلك عادة يومية بالنسبة له، وذلك لتشجيع المصريين على القراءة خلال استقلالهم سيارات التاكسي، مما يعمل على نشر الثقافة بين عامة الناس وتشجيعهم على القراءة وكسر الحاجز بينهم وبين الكتاب، خاصة في ظل المؤشرات والإحصائيات التي تشير إلى انخفاض معدل القراءة بشكل عام في العالم العربي.

خرج المشروع للنور بشعار «اقرأ على الطريق»، وأطلقته مكتبة تم افتتاحها في يوليو (تموز) 2009 وتملكها الشركة العربية الدولية للتوكيلات التجارية، واقتبست في تصميم فروعها داخل القاهرة وخارجها كثيرا من التراث الأندلسي، وخلال هذه الشهور القليلة قدمت المكتبة كثيرا من الأنشطة والفعاليات الثقافية مثل الندوات وحفلات التوقيع وورش العمل في مجالات متعددة مثل الصحافة والرسم وكتابة السيناريو.

وائل عبد الله، أحد القائمين على تاكسي المعرفة، يشير إلى أن فكرة المشروع جاءت خلال بحثهم عن وسيلة للوصول إلى الأشخاص الذين لا يهتمون بالقراءة ولا تشكل الثقافة اهتماما لديهم، فالمكتبة منذ إنشائها وهناك كثيرون يحضرون إليها أو يشاركون في أنشطتها المختلفة، ولكن كان الملاحظ أن كل من يشارك في فعاليات المكتبة يكون مهتما بالقراءة في الأساس، فكان التفكير في كيفية الوصول بالكتاب إلى من لا يحب القراءة. يقول وائل: «في الدول المتقدمة نجد الشخص يستقل وسيلة الموصلات ومعه الكتاب أو الجريدة ليتصفحها، أي أن اهتمامه بالقراءة موجود من الأساس، ولكن هذا غير متوفر لدينا على الإطلاق؛ فمن النادر جدا أن نشاهد شخصا يقرأ في وسيلة مواصلات، من هنا جاءت فكرة (تاكسي المعرفة) لكي نصل إلى هذا الشخص غير القارئ خلال وقت وجوده في التاكسي، وذلك بتوفير مجموعة من الكتب البسيطة ليتصفحها خلال فترة استقلاله للتاكسي».

كانت المشكلة التي واجهت أصحاب الفكرة أن هذه التجربة ليس لها مثيل في العالم يمكن الاسترشاد به والبناء عليه، والشيء الوحيد المشابه هنا هو فكرة «المكتبات المتنقلة»، وإن كانت تختلف في أن من يرتادها يكون أيضا لديه اهتمام بالقراءة، أي أنه هو من يسعى إليها وليست هي من تسعى إليه.

يضيف: «تطلب الأمر منا دراسة متأنية للمشروع للبحث عن كيفية تنفيذه حتى يخرج إلى النور في صورة ناجحة على جميع المستويات، فالكتب التي ستستخدم في المشروع لا بد أن تكون لها طبيعة خاصة؛ فهي في الأساس موجهة لقارئ لا يهتم بالقراءة، كما أنه سيقرؤها على الطريق، فلا بد أن تكون كتبا صغيرة وبسيطة في مواضيع مثل الأدب الساخر أو الكتب ذات الفصول القصيرة المتفرقة لأنه من الصعب أن يقرأ رواية مثلا، مع مراعاة أن تكون العناوين شيقة لتجذب القارئ لتصفحها». «السائق المثقف» كان من أهم الشروط التي ينبغي توافرها في التاكسيات لنجاح المشروع، إلى جانب أن يكون متحمسا للفكرة وعلى درجة من الاهتمام بها وأن يشجع الناس على القراءة، وهو ما استغرق بعض الوقت من جانب القائمين على المشروع للوصول إلى سائقين بهذه المواصفات.

يتابع وائل: «بدأ المشروع بخمسين سيارة، سوف تزيد مع الوقت بإذن الله، فالأفكار الثقافية تتطلب وقتا طويلا ليتقبل الناس الفكرة ويقتنعوا بها وتبدأ في الانتشار، كما أن الاستثمار في الثقافة يحتاج إلى صبر وجهد وانتظار لأن نتائجه لا تأتِ بسرعة». وعن مدى نجاح الفكرة يوضح وائل أن ردود الفعل حتى الآن جيدة جدا سواء من سائقي التاكسي أو الركاب، «هناك جهات كثيرة اتصلت بنا تطلب الاشتراك في المشروع، مثل مؤسسات عمل لديها سيارات لنقل العاملين، وجمعيات أهلية خارج القاهرة طلبت مساعدتها في نشر المشروع في المحافظات، وكل هذه مؤشرات جيدة على قبول الناس للفكرة وتفاعلهم معها».

جذبت فكرة تاكسي المعرفة أيضا مشاركة كثير من دور النشر، إضافة إلى الدعم الذي وجده أصحابها من كثير من الكُتاب والمثقفين الذين تحمسوا للمشروع منذ البداية مثل بلال فضل وعمر طاهر وحنان مفيد فوزي.

أما عن الجديد لدى تاكسي المعرفة، فيشير وائل إلى أن هناك نية للتوسع في المشروع بتنفيذ أفكار كثيرة مستقبلا، مثل وجوده في أتوبيسات المدارس، ووضع كتب للأطفال في التاكسيات، مضيفا: «تطوير الفكرة وتنفيذ المشروع على نطاق واسع يحتاج إلى جهد في التنفيذ، حيث إن كل مكان وكل جمهور له ما يناسبه من الكتب وما يناسب اهتماماته، التي يجب أن نرضيها لننجح في الوصول إليه».