اللبنانيون يحتفلون بـ«عيد الاستقلال» على الدراجات الهوائية

مجموعة «كزدورة» تدعو المواطنين إلى التخلي عن سياراتهم للحاق بها

معا على الدراجات الهوائية من أجل الحرية والاستقلال («الشرق الأوسط»)
TT

كل واحد يحتفل بعيد الاستقلال في لبنان على طريقته وهواه. وإذا كان هذا العيد صادف يوم أمس وأقيم له عرض عسكري وسط بيروت بحضور رئيس الجمهورية وكبار الرسميين كما جرت العادة كل سنة، فإن الاحتفالات الشعبية بدأت من يوم أول من أمس الأحد، حيث اختارت كل منطقة طريقتها وأسلوبها.

ثمة من اكتفى بتزيين مدينته بالأعلام اللبنانية مثل «جبيل» «البترون»، وهناك من نظم مباريات في الركض مثل منطقتي عكار والضنية في الشمال، حيث شارك الأهالي مع نواب كل من المنطقتين في ماراثونين منفصلين، تسابق فيهما الكبار والصغار وحتى المعاقين على كراسيهم المتحركة، دون أن ينسى أي من السياسيين التذكير بشعاره السياسي ولو من باب الرياضة. أما مدينة طرابلس فقد اختارت الدراجات الهوائية لتحتفل بعيد الاستقلال. ونظم منذ الصباح الباكر نشاطان مختلفان شارك فيهما محترفون وهواة.

فعند الساعة الثامنة صباحا انطلق «سباق الاستقلال» الذي نظمته «مؤسسة الصفدي» التابعة للوزير محمد الصفدي، بالتعاون مع «الاتحاد اللبناني» للدراجات على كورنيش الميناء، الذي شارك فيه محترفون. وعند الساعة 11:30 ظهرا انطلقت جولة أخرى على الدراجات نظمت للمجتمع المدني بكافة أطيافه في وسط مدينة طرابلس، وفي شوارعها الرئيسية.

المبادرة انطلقت من مجموعة «كزدورة» التي تعني بالعامية اللبنانية (النزهة) وانطلقت من أمام بلدية طرابلس ظهر أمس ما يقارب 250 دراجة هوائية لتجوب المدينة، وتوقفت حركة السيارات إفساحا في المجال أمام الدراجات لتقوم بجولتها الاستقلالية. وشارك في الجولة النائب السابق مصطفى علوش ونائب رئيس بلدية طرابلس مصطفى جلاد، كما شارك شبان ينتمون إلى تيارات سياسية مختلفة لا سيما «تيار المستقبل» التابع للرئيس سعد الحريري، و«العزم والسعادة» الجمعية التابعة للرئيس نجيب ميقاتي. وتوقف الدراجون أمام نصب أقيم في شارع المصارف إحياء لذكرى من سقطوا في الانفجار الذي دوى في هذا المكان في 13 أغسطس (آب) 2008 وأودى بحياة عدد من عناصر الجيش، إضافة إلى مدنيين. ووضع النائب السابق علوش إكليلا من الزهور على النصب باســـــــــم رئيس الـــــــــــــــوزراء سعد الحريري، كما وضع إكليل باســـــــــــــــم «شباب العزم والسعادة»، وإكليــــــــــــــــل آخر باسم مجمــــــــــــوعة «كزدورة» التي نظمت الحــــــــــــدث، بحضور أعضاء من المجلس البلدي. وأكمل الدراجون جولتهم عائدين إلى البلدية. واللافت مشاركة رجال ونساء من مختلف الأعمار. وكان ثمة طفل في الرابعة يعدو بدراجته الصغيرة إلى جانب الكبار، وأطفال آخرون أكبر سنا من أعمار متفاوتة، في محاولة لتشجيع السكان على استخدام الدراجات في تجوالهم، حفاظا على البيئة، وتخفيفا من حدة التلوث. وقال أحد المنظمين لنا: «نحن وفرنا نحو 200 دراجة لمن يريد المشاركة لكننا نعجز دائما عن توفير العدد الكافي من الدراجات، لذا يضطر البعض أن يحضر دراجته معه». وهذا ما حدث، فقد جاء البعض بدراجته الخاصة كي يتمكن من مشاركة الآخرين عندما بدا أن العدد المتوفر من الدراجات للمجموعة المنظمة لم يعد كافيا. ومجموعة «كزدورة» المدنية بدأت مبادراتها منذ عدة أشهر، وتنظم جولات، كل يوم أحد، على الدراجات التي توفرها للمشتركين، ليس في طرابلس وشاطئ الميناء وحسب بل في مناطق مختلفة، جبلية أو ساحلية. وبات السكان يعرفون وهم يشاهدون الدراجات تجوب الشوارع أنهم أمام مجموعة «كزدورة». اتخذت هذه المبادرة في محاولة للفت النظر إلى أهمية الدراجات كوسيلة للتنقل، لكن أصحاب السيارات لم ينظروا، يوم أمس، إلى هذا الأمر بعين الرضا في بعض الأحيان، ومنهم من تذمر لقطع الطرقات أمام سياراتهم، لأسباب لم يعتبروها جدية. ومع ذلك فإن مجموعة «كزدورة» التي فتحت لنفسها صفحة على موقع الـ«فيس بوك»، عليها رقم هاتف، وخطة العمل لكل أسبوع، كانت تطلب من المشاركين، يوم أمس مراجعة الصفحة باستمرار، والمثابرة على المشاركة في النشاطات، وتشجيع كل من نعرفهم للمشاركة أيضا أسبوعيا في جولات على الدراجات. وبينما كان الناس يحتفلون بالاستقلال تبعا لهواياتهم الرياضية كان السياسيون يحتفلون على طريقتهم هم أيضا بوضع أكاليل من الزهور على أضرحة رجال الاستقلال، استذكارا لجهودهم التي بذلوها من أجل إنهاء الانتداب الفرنسي عن لبنان، في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1943.