مركز «التكعيبة».. واحة ثقافية مصرية خاصة في الهواء الطلق

يصقل تجارب الهواة والموهوبين في المسرح والفن والموسيقى

من نشاطات مركز «التكعيبة للتنمية الثقافية والفنية»: العروض الموسيقية («الشرق الأوسط»)
TT

استوحى اسمه من «تكعيبة» العنب الشهيرة التي تشع الدفء والخضرة في البيوت، كما يمكن اعتباره رئة ثقافية خاصة، تحرص على التنفس في الهواء الطلق، وذلك انطلاقا من مقره الإداري الصغير في منطقة «وسط البلد» الثرية بالعاصمة المصرية القاهرة.

إنه مركز «التكعيبة للتنمية الثقافية والفنية» الذي يبلغ 3 سنوات فقط، إلا أنه مع ذلك استطاع أن يكون أحد أبرز المراكز الثقافية والمبادرات الفردية التي تشهدها القاهرة لنشر الثقافة والفن بين جموع الناس.

جاءت هذه التجربة الرائدة بجهود ذاتية من أفراد مصريين، ونجحت في تحقيق هدفها القاضي بالتوجه إلى المبتدئين والهواة والأشخاص الذين تنقصهم الخبرة في المجالات الثقافية والفنية والموسيقية المختلفة، للعمل على الارتقاء بمستواهم، ومحاولة خلق مشاركين جدد في الساحتين الثقافية والفنية. أما أبرز المؤشرات على نجاح تجربة مركز «التكعيبة» فحجم الإقبال على نشاطاته من الهواة والمثقفين، حتى إن مرافق المركز، في أوقات كثيرة، بالكاد تستطيع استيعاب الأعداد المتقدمة للمشاركة في الفعاليات المختلفة التي تقدمها على مدار أيام العام.

الأستاذ أحمد حسن، مدير مركز «التكعيبة»، التقته «الشرق الأوسط»، مؤخرا، فقال شارحا: «بدأ مركز (التكعيبة) من خلال بضعة أفراد.. وتشاركنا من واقع عملنا داخل العمل الثقافي والتنموي. وكانت رغبتنا منذ البداية إنشاء مكان مستقل يقدم فكرا جديدا ويسعى لنشر الثقافة والفن بين العامة من الناس. نحن هنا لا ننافس أحدا ولا نسعى لذلك، بل نسعى لتقديم الأشياء نفسها.. ولكن بشكل وصورة مختلفين عما يقدمه الآخرون».

وأضاف: «أحد أهم أهدافنا هو خلق جمهور جديد واعٍ ومثقف، ومساعدة ذوي المواهب وتنمية قدراتهم ليكونوا أكثر وعيا وأكثر قدرة على المشاركة في تنمية المجتمع والارتقاء بمجالاته المختلفة الفنية والثقافية والتنموية. ثم إننا، بشكل أساسي، لا نهدف إلى الربح، مما يتيح لنا تقديم خدمات مجانية للمشاركين في نشاطاتنا المختلفة. فالهدف الأساسي لمركز (التكعيبة) هو تقديم خدمات ثقافية للمبتدئين والهواة وأولئك الذين ليس لديهم خبرة في مجالات المسرح والتصوير عبر توفير ورش العمل التي يتيحها المركز، والنتيجة أن كثيرين ممن شاركوا في هذه النشاطات صار لهم وجود ومشاركات في المجالات التي اختاروها».

جدير بالذكر، أن بين أهم المشاريع التي تنفذ في مركز «التكعيبة»، على المستوى الثقافي، مهرجان «النشر للجميع». وهو عبارة عن مسابقة لهواة الكتابة في مجالات القصة والشعر وتتولى الإدارة نشر الأعمال الفائزة ومسؤولية تسويقها. وكذلك هناك مشروع «استبدل كتابك» وهو عبارة عن تجمع ينظم في أحد الأماكن العامة تُعرض فيه كتب متنوعة ويشارك الناس بإبدال كتاب من عندهم بأي من الكتب المعروضة من دون أي قيود أو شروط. وحسب مدير «التكعيبة» لاقى هذا المشروع «نجاحا كبيرا جدا».

أما على المستوى الفني، فينشط مركز «التكعيبة» في تنظيم مهرجان «يوم عرض» بالتنسيق مع إحدى الدول التي يرتبط المركز معها باتفاق للتبادل الثقافي، وهو - كما شرح مدير المركز - يأتي بمثابة تعاون ثقافي مع بعض الدول مثل النمسا وهولندا في مجال عروض الأفلام، ما يتيح للجمهور المصري الاطلاع على ثقافات أخرى، كما يمكن من نشر الإنتاج الفني للمبدعين في مصر على نطاق أوسع من خلال عرضه على الجمهور في الخارج. وبخلاف المهرجان قدم مركز «التكعيبة» لجمهوره 10 ورش فنية في مجالات التصوير الفوتوغرافي، والعديد من الورش في مجال المسرح، إلى جانب العروض الموسيقية، وكلها تجرى في أماكن مفتوحة في الهواء الطلق.

واستطرد أحمد حسن خلال اللقاء، مشيرا إلى أن المركز «يحاول أن يواكب مناسبات واحتفالات عالمية كثيرة غير منتشرة في مصر بدرجة كبيرة، مثل (اليوم العالمي للتسامح) و(اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة). كذلك قمنا بعمل مبادرة (مصريون من أجل النيل) الداعية إلى ترشيد استهلاك المياه، خاصة أن هذا الموضوع بات يشكل تحديا كبيرا ولا بد من مواجهته ونشره بين الناس. ثم إننا باشرنا بتقديم نشاطات وورش عمل تنموية ثقافية وفنية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والأيتام والمتسربين من التعليم وأطفال الشوارع، باعتبار أن هذه الفئات تحتاج إلى عناية وجهد إضافيين للارتقاء بمستواهم ومحاولة دمجهم في المجتمع والاستفادة من طاقاتهم بشكل إيجابي».

الواقع أنه بعد مرور 3 سنوات على إنشاء مركز «التكعيبة»، ووسط تزايد الإقبال، تشجع القائمون على هذا المشروع الطموح على إنجاز المزيد. وهذا ما أكده مديره بقوله: «إننا اليوم نسعى لزيادة رقعة انتشارنا الثقافي والفني والتوسع مكانيا أكثر؛ إذ إننا نتمنى أن يصبح (التكعيبة) مركزا ثقافيا شاملا يقدم للجمهور كل ما يتعلق بالفن والثقافة ويسعى للوصول إلى جميع الطبقات والفئات ونشر الثقافة والفن بينهم. ومع أنه، بطبيعة الحال، سيستغرق تحقيق هذا الطموح وقتا طويلا، فإننا بدأنا فعلا إطلاق نشاطات خارج القاهرة في المحافظات المصرية كانت باكورتها في المنيا والإسكندرية».