«فريق 2010».. لقب يتنافس عليه «متطوعون» سعوديون

شبان وفتيات في المملكة يحبسون أنفاسهم ترقبا للنتيجة

ثورة العمل التطوعي تجتاح السعودية وتجذب الشبان والفتيات بينما الحضور الأبرز لا يزال لصالح الأنشطة الاجتماعية («الشرق الأوسط»)
TT

رغم حداثة التجربة، تمكن مفهوم «التطوع» في المملكة العربية السعودية من تجاوز دائرة البدايات إلى التسابق نحو التتويج والمراكز الذهبية. إذ يتنافس 14 فريقا تطوعيا يوم بعد غد الاثنين على لقب «الفريق المثالي لعام 2010»، في احتفال هو الأول من نوعه؛ لتتويج أفضل المتطوعين من الشبان والفتيات، والظفر بجائزة أطلقتها إحدى الجمعيات الخيرية، وتضع اللمسات الأخيرة عليها خلال الساعات القليلة المتبقية، استعدادا للحفل الذي سيقام برعاية الأميرة جواهر بنت نايف، حرم أمير المنطقة الشرقية بالنسبة للنساء، ورعاية وزير الشؤون الاجتماعية أو من ينوب عنه بالنسبة للرجال.

منيرة الحربي، مديرة جمعية «جود» النسائية الخيرية في مدينة الدمام، بالمنطقة الشرقية من السعودية أوضحت خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن هدف الجائزة هو «تعريف المجتمع بجهود هؤلاء الشباب، ليحظوا بالدعم والعون من مؤسسات المجتمع وأفراده»، مبينة أن لجنة التحكيم «أعدت استمارة تقييم تتضمن شروط الأعمال المشاركة ومزاياها ضمن المعايير المحددة، وذلك لانتقاء العمل الأجود، حيث سيصار إلى تكريم الفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى.

وعن إمكانية التوسع في الجائزة لتشمل جميع الفرق التطوعية في السعودية، قالت الحربي «استهدفنا هذه المرة المنطقة الشرقية فقط، لكننا قد نطورها لمناطق أخرى بحيث تصبح على مستوى السعودية كلها، خاصة أننا أعددنا استبيانا مسحيا لأخذ آراء حضور الاحتفال حول استمرارية الجائزة ودوريتها.. كل سنة أو كل سنتين». ولدى سؤال الحربي عن مجمل الفرق التطوعية الموجودة حاليا في المنطقة الشرقية، أجابت بأنها في حدود الـ25 فريقا، مما يعني أن حجم المشاركين في المسابقة يتجاوز النصف.

هذا، وتضمنت شروط المشاركة: ألا يقل عمر الفريق عن 9 أشهر، وأن يكون للفريق إنجازات وأعمال تطوعية سابقة بالمجتمع، وأن يكون العمل المرشح ميدانيا، وأن يحتوي العمل المرشح على أفكار إبداعية ومبتكرة (أي تصور جديد وغير مكرر). كما يشترط على الفرق المتقدمة للترشح: تقديم خطة العمل التي سبقت التنفيذ، وتقديم تقرير وافٍ وواضح للعمل مدعما بالصور والعرض بعد إتمام تنفيذه، وأن يكون له أثر إيجابي على المجتمع (قياس الأثر)، وعرض مدى تحقيقه للأهداف المتوقعة منه، وحجم الشرائح المستفيدة، والدعم الذي حصل عليه العمل ماديا أو معنويا، والوسائل المستخدمة لتنفيذ البرنامج.

«ولكن مع (ثورة) العمل التطوعي في السعودية، تبقى إشكالية التكرار وتشابه الأعمال هي الصورة الأبرز»، كما تؤكد مديرة جمعية «جود». وهي تشرح بأنه «لوحظ أن معظم أعمال الفرق التطوعية المشاركة في المسابقة تركز على الجانب الاجتماعي، وتحديدا على شريحتي الأطفال والأيتام. علما بأن المنافسة تشتمل كذلك على قضايا البيئة والإغاثة والصحة وغيرها».

من جهتها، تصف بثينة الدوسري، مسؤولة فتيات فريق «وجهة» التطوعي، مشاركة فريقها في المسابقة، قائلة «شاركنا في (الباقة الرمضانية)، وهي عبارة عن ستة أعمال أجريناها في شهر رمضان الماضي، بمشاركة أكثر من 3000 متطوع». وعن الفائدة التي سيجنيها الفريق التطوعي الفائز بالجائزة، قالت «سترفع من قيمة الفريق نفسه من دون التقليل من قيمة الفرق الأخرى».

وحول كثافة عدد الفرق التطوعية في منطقة واحدة فقط، ذكرت الدوسري «أن 25 فريقا ليس أبدا بالعدد الكبير. فنحن مثلا نعمل الآن على مشروع تجميع ملابس الشتاء للمحتاجين، وليست كل الفرق متفرغة لهذا العمل، لا سيما في ظل التزامات الدراسة أو الوظيفة لدى كثرة من المتطوعين، وبالتالي، فأي نقص في جانب قد يغطيه فريق آخر».

غير أن الدوسري تنتقد حالة «الاستنساخ» التي تمر بها نشاطات الفرق التطوعية، قائلة «المشكلة أن لدينا أكثر من مشروع لا نستطيع تنفيذه لنقص الدعم، ولا بد من رفع خطاب وأخذ موافقة وإجراءات طويلة. أي أننا لا نستطيع العمل مباشرة، ولذا تخرج الأعمال التطوعية بصورة مكررة، لأن العمل التطوعي الواحد يحتاج إلى بذل مجهود كبير».

أما فريال التركي، وهي منسقة الأنشطة في فريق «من أجل التغيير» التطوعي، فترى أن دمج الفرق الـ25 في 4 أو 5 فرق تطوعية سيرفع جودة أو مستوى الأعمال والأنشطة التطوعية ويزيد تأثيرها، مضيفة «الآن أصبح أي فرد يستطيع إنشاء فريق تطوعي، ثم يكتفي بالذهاب إلى دار للأيتام وأخذ بعض الهدايا معتقدا أن هذا فقط هو مفهوم التطوع!».

وعن سبب التركيز على الأنشطة الاجتماعية دون سواها، من زيارات المستشفيات ودور الرعاية، ردت التركي «لأن متطلباتها بسيطة. فقط يلزم إحضار بعض الهدايا. ولأن العاملين على الفرق التطوعية لا تتوفر لديهم الكفاءة أو القدرة على التخصص في موضوع معين أو التركيز على المجالات التي يغيب عنها التطوع و«ترى أن 70 في المائة تقريبا من الفرق التطوعية قاموا بالأعمال نفسها وبشكل مكرر».

عودة إلى جائزة جمعية «جود» لأفضل فريق تطوعي، فإنها تأتي بعد أيام قليلة من احتفال العالم بـ«اليوم العالمي للتطوع» الذي يصادف الخامس من شهر ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، والذي كان قد اعتمد من قبل الأمم المتحدة ليكون اليوم الذي يحتفل فيه العالم تكريما للعمل التطوعي والمتطوعين، ولدعم دورهم في التنمية الشاملة في المجتمعات، وفي تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة.

ويهدف هذا اليوم إلى تحفيز المشاركة المجتمعية، وإلى إيجاد سياسات تشجع الأعمال التطوعية، وتسهم في توسيع الأنشطة التطوعية، والاعتراف بأهمية دور العمل التطوعي في تنمية المجتمعات، اجتماعيا واقتصاديا. وتتحقق هذه الأهداف عن طريق الشراكات الفاعلة بين أجهزة الأمم المتحدة والحكومات والمنظمات والمؤسسات التطوعية والمتطوعين الأفراد، بالإضافة إلى مساهمة الإعلاميين وأعضاء هيئات التدريس والقطاع الخاص وقطاع الرياضة والشباب لترسيخ مفاهيم العمل التطوعي، في كل مجالات العمل التنموي والإنساني، من صحية واجتماعية وبيئية، وفي مواجهة الكوارث والحروب والمجاعات والفقر والأمية والجهل.