دراسة للتقييم الدولي للطلاب تؤكد ضعف الدراسة في الصين

على الرغم من حصولهم على «القمة» في الرياضيات والعلوم والقراءة

المدارس الصينية جيدة للغاية في تجهيز طلابها لاختبارات معيارية (أ.ف.ب)
TT

التلاميذ الصينيون هم أبطال الامتحانات في العالم. وقد فجرت النتائج الكبيرة التي حققوها في البرنامج الأخير للتقييم الدولي للطلاب مفاجأة وإعجابا وحسدا.

إلا أن النجاح يخفي وراءه مشكلة متصاعدة، ففي حين أن الأطفال الصينيين ربما يكونون جيدين في التعليم القائم على الحفظ، فإن مستوى الابتكار عندهم يشكل معاناة شديدة.

وتصنف آخر دراسة للتقييم الدولي للطلاب أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تلاميذ من شنغهاي، شاركوا لأول مرة، على أنهم حصلوا على القمة في الرياضيات والعلوم والقراءة.

ويأتي النجاح بعد دفع الثمن؛ فنظام الدراسة الصارم يسرق من الطلبة الصينيين ليس طفولتهم فحسب، لكن أيضا قدرتهم على التخيل، مما يجعل النتيجة الجيدة لشنغهاي في التقييم الدولي للطلاب نموذجا لضآلة ما تقوله الدراسة أحيانا عن نوعية نظام التعليم في البلاد.

وتدرس تشياو فانج بالصف الثالث بمدرسة ابتدائية بشنغهاي. وقالت جدة الطفلة البالغة 8 سنوات: «تستمر الدراسة من الصباح إلى المساء»، وأضافت «الضغوط ضخمة، وليس هناك وقت أمامها للعب».

ويستمر أي يوم دراسي عادي متضمنا الواجبات المنزلية حتى التاسعة مساء، ثم تتوجه تشياو إلى النوم، وفي العطلة الأسبوعية تتلقى دروسا في اللغة الإنجليزية.

ووالدا الطفلة من المتعلمين، ويحصلان على دخل مرتفع. ولكي تحصل ابنتهما على وظيفة ذات دخل عال، فعليها أن تدرس بجدية.

ودون نتائج طيبة في الامتحانات، لن تكون هناك فرصة لدخول مدرسة ثانوية جيدة، وحينئذ تحتاج إلى اختبارات تفوق في الصف الخامس، أو سيتم تحويلها إلى مدرسة ثانوية أقل جودة.

وبعد ذلك سوف يحدد اختبار الالتحاق «جاوكاو» ما إذا كانت تستطيع الدراسة في جامعة كبيرة؛ بدورها تحدد مستقبل الوظائف هنا.

وعلاوة على ذلك يتأكد والدا تشياو فانج أن ابنتهم تدرس بجدية.

وليس هناك مكان في العالم يدرس فيه الأطفال بجدية من أجل الامتحانات، ولا مكان هم أفضل فيه في اختبارات الحفظ. لذا ليس من قبيل المفاجأة الكبيرة أنهم يؤدون بشكل جيد في دراسة التقييم العالمي للطلاب، الذي يركز على تلك الصفات.

لكن جيانج تشويكين، نائب مدير المدرسة الثانوية بجامعة بكين، يكره التحدث عن النجاح. فهو يرى أنه «علامة ضعف»، و«عرض من أعراض المشكلة».

وكتب جيانج مقالا نشر في صحيفة «وول ستريت جورنال» في وقت سابق من الشهر الحالي: «هما وجهان لعملة واحدة: فالمدارس الصينية جيدة للغاية في تجهيز طلابها لاختبارات معيارية». وأضاف: «ولهذا السبب فإنهم يفشلون في إعدادهم للتعليم العالي واقتصاد المعرفة».

وأوضح أن جوانب الفشل في ذاكرة الحفظ معروفة جيدا؛ نقص المهارات الاجتماعية والعملية، وغياب النظام الذاتي والتخيل، وفقدان الفضول.

وكتب جيانج أن الشركات متعددة الجنسية والصينية تنتقد نفس الشيء بشأن الخريجين الصينيين.

وقال جيانج إنهم يحتاجون إلى القدرة على تحديد المشكلات وتجميعها وتحليلها من زوايا مختلفة، وإيجاد الحلول التي يمكن نقلها عبر الحدود الثقافية.

ويحتاج الطلبة الصينيون إلى تعلم كيفية «التفكير بجدية» إذا كان عليهم أن يدخلوا نطاق المنافسة العالمية.

وقال مايكل بيتيز، الذي يقوم بالتدريس في مدرسة الإدارة بجامعة بكين، إنه يعتقد أن نظام التعليم الصيني يحرم الطلاب من الابتكار في مرحلة مبكرة من عمرهم.

وقال أستاذ الاقتصاد الأميركي: «طلابي عموما يستطيعون حل الألغاز الرياضية بشكل أفضل من طلابي الأميركيين والأوروبيين، وهذا يعكس بعض التدريب الجيد للغاية في الرياضيات».

من ناحية أخرى، قال بيتيز إنه يضطر للعمل الشاق ليجعلهم يفكرون فيما يتجاوز النماذج التي تعلموها في الفصل، وهو عمل سهل بالنسبة للطلاب الغربيين. وفي دراسة لـ21 دولة نشرت في نوفمبر (تشرين الثاني)، جاء الطلبة الصينيون في المركز الأخير عند اختبار مستوى تخيلهم. وفي تصنيفات الابتكار، جاءت الصين في المركز الخامس من المؤخرة.

وحذرت صحيفة «تشينا ديلي» اليومية من أن «هذه النتائج صادمة». وقالت الصحيفة إن الأطفال لم يكن أمامهم تقريبا أي فرصة لاستخدام قدرتهم على التخيل.

وأضافت: «منذ اليوم الأول في الدراسة يتم دفعهم إلى ثقافة الامتحانات والاختبارات، ومزيد من الامتحانات».