«البيلاتس».. رياضة جديدة تغزو المراكز الرياضية للنساء في القاهرة

تركز على القوة الكامنة في الجسم وتدفقها للأطراف

انتشرت «البيلاتس» بين النساء في دول أوروبا وأميركا نظرا لفوائدها العديدة للجسم («الشرق الأوسط»)
TT

تحولت رياضة جديدة اسمها (Pilates البيلاتس) إلى ما يشبه الموضة خاصة في أوساط النساء الباحثات عن الرشاقة بالقاهرة، وبدأت تنتشر بقوة داخل الصالات الرياضية في النوادي والمراكز المتخصصة، وتزاحم «اليوغا» الهندية بإيقاعها الذهني المشحون بالسكون والتأمل، طارحة نفسها كخصم عنيد، خاصة أنها تعتمد على مجموعة من التمرينات الرياضية، من شأنها أن تعيد إلى الجسم رشاقته وتحافظ عليها في الوقت نفسه.

ظهرت «البيلاتس» كرياضة بدنية في بداية القرن العشرين على يد جوزيف بيلاتس الذي كان مؤمنا بترابط الصحة البدنية بالصحة العقلية، وكان حال اليوغا هو حال البيلاتس في الانتشار، ولاقت نفس الإقبال، إذ وصل عدد ممارسيها في الولايات المتحدة عام 2005 إلى 11 مليون شخص. مما دفع العديد من خبراء اللياقة البدنية من بعد جوزيف بيلاتس، إلى العمل على تطوير فكرته، وتطعيمها ببعض المهارات البدنية الجديدة، حتى تحقق فضاء أوسع من الانتشار في العالم. وعلى ذلك قام كل من فيليب فريدمان وغايل إيشن بنشر أول كتاب حديث عن رياضة البيلاتس عام 1980، حددا فيه ستة مبادئ أساسية تعد بمثابة قواعد للبيلاتس، كما شرحا فلسفتها الروحية والبدنية، وطرائق ممارستها.

أول هذه المبادئ التركيز، فالبيلاتس تستلزم تركيزا عاليا على كل أنحاء الجسم أثناء القيام بالتمارين. والمبدأ الثاني التحكم، فكان جوزيف بيلاتس يشير إلى أن منهجه يعتمد بالأساس على التحكم بالعضلات، فلا يوجد تدريب في البيلاتس يمارس بطريقة عشوائية، ومن ثم، يحتاج الفرد أن يركز انتباهه في كل جانب من كل حركة يقوم بها. ويأتي التمركز كثالث مبدأ من مبادئ البيلاتس، موضحا أنه لكي يستطيع الفرد أن يتحكم بجسمه عليه أن يجد المركز الذي يبدأ منه، ويقال إن تدريبات البيلاتس تبدأ من القوة الكامنة في الجسد، ثم تتدفق خارجيا للأطراف. ورابع مبادئ البيلاتس يكمن في الانضباط الذي يلزم الفرد ليصحح من وضعية جسمه في كل حركة يقوم بها. وينحصر المبدأ الخامس في التدفق، حيث انسيابية الرشاقة في أداء الحركات. ويركز المبدأ الأخير الذي يعد الأهم بينها على التنفس؛ وقد ركز جوزيف بيلاتس كثيرا على هذا المبدأ بالذات، إذ لاحظ القيمة الكبيرة المكتسبة من زيادة الشهيق ودوران الدماء المملوءة بالأكسجين في أنحاء الجسم وأثرها في تنظيفه وتنشيطه من الشوائب الداخلية، وآثار العالم الخارجي عليه.

وتذكر نهى حسن (39) سنة مدربة آيروبكس وبيلاتس، أنها أصبحت منتشرة جدا بين النساء في الدول الأوروبية والولايات المتحدة، نظرا لفوائدها العديدة للجسم، فهي تركز على بناء وتقوية العضلات الرئيسية من أجل الحصول على جسم مشدود، وتعطي مظهرا صحيا وطبيعيا للجسم، هذا إلى جانب أن البيلاتس تعلم الوعي بعضلات الجسم والرشاقة في أداء الحركات وتحسين مظهر الجسم ومرونته، كما تقوم تدريبات البيلاتس بتمديد وتقوية مرونة العضلات وحركة المفاصل بدلا من بناء كتل عضلات قصيرة تكون أكثر عرضة للإصابة.

بدافع من الخبرة توضح نهى أنه على الرغم من هذا الانتشار للبيلاتس ما زال سائدا لدينا مفهوم خاطئ أن التمرينات الرياضية تصبح أكثر فعالية إذا مورست بكثرة وسرعة. وتلفت نهى إلى أن الكثيرات يصدمن في أول مرة يمارسن فيها البيلاتس بسبب الإيقاع الهادئ للتمارين وقلة العدات في التمرين الواحد، وندرة التعرق أثناء أداء التمارين فيظنون أنها غير مجدية. وتنبه نهى إلى أن فعالية التدريب تقع في قيمة المجهود المبذول وليس في الكم، إضافة إلى الوضعية السليمة للجسم وتوازنه والتركيز في أداء كل حركة والتنفس العميق السليم، مشيرة إلى أن الأمر قد لا يستلزم سوي ثماني أو عشر عدات للإحساس بفاعلية التمرين.

تضيف نهى: من الصعب على السيدات الحوامل المواظبة على ممارسة التمارين الرياضية خاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل بسبب الشعور بالتعب والغثيان، لكن بعد ذلك تجد الكثيرات من السيدات الحوامل أن البيلاتس من أفضل التمارين التي يمكنهن ممارستها خلال فترة الحمل لتقوية العضلات الرئيسية، مما يسهل فترة الحمل ويجعل عملية الوضع أكثر راحة وأمانا، نظرا لما تقوم به البيلاتس من تقوية لعضلات البطن والظهر والحوض، هذا إلى جانب أن البيلاتس تساعد السيدات في استعادة رشاقتهن بعد الولادة.

مريم عامر (24) سنة؛ مدربة بيلاتس تتفق مع كل هذا وتقول: للأسف لا يدرك الكثيرون ممن يمارسون البيلاتس في مصر أهميتها ويمارسونها على أنها موضة، خاصة النساء، فالكثيرات منهن يأتين لممارسة البيلاتس اقتداء بصديقاتهن أو لما سمعنه عن فعالية التمرينات في الحصول على عضلات بطن مسطحة وهذا صحيح، فالبيلاتس تعمل على تشغيل عضلات البطن العميقة وتساعد أيضا في تخفيف آلام الظهر لأنها تركز دائما على الوضعية الصحيحة للرقبة والمنطقة العليا من الظهر والمنطقة السفلى من الظهر والحوض والأرجل فهي من أكثر الرياضات أمانا، لذلك لا يجب التعامل معها كموضة، تتغير في كل وقت وفصل.

وتروي أماني عبد العزيز (49) سنة: أمارس الأيروبيكس منذ بضع سنوات وخسرت الكثير من الوزن ولكنني بالكاد حققت ما كنت أصبو إليه من أجل الحصول على مظهر أفضل لجسدي. لكن حين بدأت في ممارسة البيلاتس منذ نحو ستة أشهر لاحظت تحسنا في شكل جسمي، فظهري أصبح أكثر انتصابا، ومظهر كتفي أصبح أفضل، وأشعر بقوة أكبر في عضلات جسمي وبحيوية أكثر أثناء تأدية التمارين.

ملمح آخر للبيلاتس تضيفه سولين الأعصر (37) سنة قائلة: ألعب الرياضة بشكل منتظم كالأيروبيكس والتنس والاسكواش؛ وبدأت في ممارسة البيلاتس منذ ثلاث سنوات وأنا خارج مصر لما سمعته عن فوائدها، وواظبت على ممارستها على الأقل أربع مرات أسبوعيا، فهي تشعرني بفاعلية التمارين في شكل جسمي، فبعد أول شهر من الممارسة وعلى عكس الرياضة التقليدية التي تساعد على خسارة الوزن، تعطي البيلاتس مظهرا أفضل للجسم، خاصة العضلات الرئيسية التي هي محور تمارين البيلاتس، كما أن ممارسة الرياضة التقليدية مع البيلاتس تعطي شكلا أمثل للجسم، إضافة إلى إنها حسنت تنفسي وطريقة جلوسي ووضعية ظهري. في المجمل أحدثت فرقا ملموسا في جسمي وصحتي.

وتلفت ميلا بونفيني (29 سنة) مدربة بيلاتس إيطالية الجنسية إلى أن البيلاتس لا تسهم في تخفيف الوزن بل تعطي مظهرا صحيا للجسم وتنشطه، كما أنه من الصعب الاعتماد على البيلاتس فقط على أمل أن نخسر بضعة كيلوغرامات، فخسارة الوزن تحتاج إلى نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة التقليدية التي ترفع من معدل دقات القلب. وتخلص بونفيني إلى أن «البيلاتس تعتبر مكملا رياضيا للحصول على جسم ممشوق بطريقة طبيعية».

ورغم شهرة البيلاتس بين الأوساط الرياضية النسائية فإن صداها بالكاد يصل إلى الأوساط الرياضية الرجالية، فقد عرف عن البيلاتس أنها رياضة تخص النساء دون الرجال. ومع أنه يوجد قسم خاص في رياضة البيلاتس للرجال، فإنهم يقومون بممارسة الرياضات التي من شأنها بناء العضلات القصيرة التي تكون أكثر عرضة للإصابة، ويلجأ الرجال لممارسة البيلاتس في حالات الإصابة خاصة إذا كانت في منطقة الظهر أو بعد الإصابة، فالبيلاتس تساعد في تأهيل أجسامهم للعودة لممارسة الرياضة مرة أخري وكثيرون منهم واظبوا عليها مع الرياضات الأخرى.

ويلفت أحمد موافي، وهو طبيب شاب، إلى أن البعض يقارن بين اليوغا والبيلاتس لما بينهما من تشابه من حيث التركيز الشديد على وضعية الجسم والتنفس والتوازن، لكن معظم تمارين اليوغا تعتمد على الوضعية الساكنة للجسم والاسترخاء، بينما تمارين البيلاتس أكثر حيوية، إذ يؤدى كل تمرين بتروٍّ وتركيز شديدين ولبضع عدات فقط، وقد ساعدتنني البيلاتس في الشفاء من مرض ألم بظهري في الآونة الأخيرة.