«عشاء في الظلام».. تجربة مصرية لتبادل الأدوار بين الكفيف والمبصر

ليلة فريدة شارك فيها نجوم الفن والإعلام لاختراق عالمهم

في الأمسية قاد عدد من الأطفال المكفوفين نجوم الشاشة الفضية مثل يسرا وأحمد عز وعزت أبو عوف والمطربة سيمون عبر دروب عالمهم وأخذوا بأيديهم خلال «عشاء في الظلام» («الشرق الأوسط»)
TT

لم تكن قائمة الطعام المكتوبة بطريقة برايل هي الصعوبة الوحيدة التي واجهت عددا من نجوم الفن والإعلام في مصر خلال حفل عشاء دعت إليه «الجمعية المصرية لدارسي العلوم الصحية» في أمسية فريدة أنارتها ظلمة حالكة، بل كانت هذه الصعوبات هي الهدف على وجه التحديد من التجربة.. أن يخوض هؤلاء النجوم لساعات تجربة العيش في الظلام لإدراك مشاعر المكفوف واختبار عالمه.

في تلك الأمسية قاد عدد من الأطفال المكفوفين نجوم الشاشة الفضية يسرا وأحمد عز وعزت أبو عوف والمطربة سيمون، والإعلامية بثينة كامل والكاتبة نجلاء بدير، عبر دروب عالمهم وأخذوا بأيديهم خلال «عشاء في الظلام» من أجل توعية المجتمع المصري بحقوق المكفوفين ومعاناتهم، ونقل مشاعر الكفيف إلى الشخص المبصر. تبادل النجوم الأدوار مع هؤلاء الأطفال بمساعدتهم فعرفوا طريق مقاعدهم واختاروا وجبة العشاء من قائمة الطعام.

وطوال ساعتين هما زمن تلك التجربة التي نظمتها «الجمعية المصرية لدارسي العلوم الصحية» للعام الثاني، تم تقديم مجموعة من التجارب الناجحة التي تهتم بالمكفوفين، مثل كيفية دعمهم ومراعاتهم، وحاجتهم من الأجهزة المختلفة التي تساعد الكفيف مثل الهواتف الجوالة وأجهزة الحاسب الآلي المخصصة له، إضافة إلى عرض أول مجلة للمكفوفين، واستعرض عدد منهم مهاراته ومواهبه في الغناء.

وخلال الأمسية تم عرض تجربة الفنان أسامة حلمي، فنان الأوريجامي (فن طي الورق)، في إقامة ورش عمل للمكفوفين لتعلم هذا الفن؛ حيث أظهروا نتائج رائعة ربما تتفوق على المبصرين، إلى جانب عرض تجربة المصري سيد الشيشيني أول خبير تنمية بشرية كفيف.

من بين المشاركين في التجربة: الفنانة يسرا، التي أبدت سعادتها بالتجربة، وقالت إنها شعرت بسعادة شديدة خلال هذا الحدث؛ حيث أعطتها التجربة طاقة كبيرة لحب الحياة، مضيفة: «لم أشعر بالوقت إطلاقا؛ حيث فوجئت بأننا أمضينا ما يقرب من ساعتين ووجدت أن الأطفال مستمتعون جدا عند دخولي إلى عالمهم، واكتشفت أنهم يستمتعون بحواسهم أكثر منا، وأن لديهم مواهب كثيرة، يجب أن نستفيد منها ومن طاقاتهم الفكرية والعقلية، وبشكل عام هذه التجربة أثرتني كثيرا فجعلتني أشعر بقيمة نعم الله علينا، كما جعلتني أشعر بالمسؤولية تجاه الآخرين».

أما الفنان أحمد عز، فأوضح: «أنا سعيدا جدا بالتجربة على الرغم من أنني كنت أشعر بغرابة في الموضوع منذ البداية، وكنت أشعر أنني سأفيد الآخرين ولكنني وجدت أنني استفدت أكثر، وما أتمناه أن تكون هناك رعاية واهتمام لهؤلاء الأطفال حتى يخرج من بينهم مبدعون مستقبلا؛ لأن لديهم مواهب جميلة تحتاج إلى تنمية ولديهم قدرات ليست عند أشخاص مبصرين».

من جانبها، قالت الإعلامية بثينة كامل: «تجربتي اليوم مختلفة، فأنا لست في استوديو أناقش موضوعا مع متخصصين، ولكني مع أطفال بكامل براءتهم قدموا أجمل ما فيهم، أعتقد أن هذه التجربة سوف تفيدني كثيرا في المستقبل».

بينما قالت الكاتبة نجلاء بدير: «لم أكن أتصور أنني سأكون سعيدة إلى هذه الدرجة ولم أتصور إطلاقا كيف ستكون هذه التجربة وكيف يمكن للمضيف أن يكون شخصا كفيفا وكيف سيقوم بالمهمة بإحساس وذكاء، لقد شعرت أن الظلام يجعل إحساسنا بالأشياء أكثر، كما شعرت في الظلام أن المشاعر أقرب، وأن جميع الموجودين كانوا أقرب لي مكانيا ونفسيا».

على نحو مختلف، جاءت تجربة الكاتبة الصحافية يمنى مختار التي قالت إن تجربتها مختلفة بعض الشيء عن النجوم الآخرين الذين شاركوها التجربة؛ فهذه المرة لم تكن الأولى بالنسبة لمختار التي شاركت من قبل في حفل الجمعية الأول بصفتها المهنية، لتغطية فعالياته.

قالت مختار إنها شعرت بحالة من الاطمئنان في الظلام هذه المرة، معربة عن شكرها العميق للقائمين على هذا العمل، وتابعت: «الحدث كان رائعا وكان أفضل مما توقعت.. فتجربة العيش في الظلام تظهر جانبا إنسانيا جديدا داخل كل فرد، وأتمنى تكرار التجربة مرات عدة».

جدير بالذكر أن «الجمعية المصرية لدارسي العلوم الصحية» هي جمعية أهلية مصرية تهدف إلى منح القدرات اللازمة لدارسي العلوم الصحية لإحداث التغيير الإيجابي في المجتمع الذي يعيشون فيه من خلال توفير المناخ المناسب لهم، حتى يستطيعوا القيام بكل المشاريع التنموية التي يحلمون بها.

وبينما كان البعض من القائمين على الحفل يتخوف من فشله؛ نظرا للصعوبة التي يمكن أن تواجه الحضور في الظلمة التي خيمت على حفل العشاء، إلا أن النجاح الذي حققته التجربة أثبت أن تلك الظلمة بالذات كانت مضيئة على نحو لم يتوقعه أحد.