الخاطب السوداني.. طبيب زوج العشرات ولا يزال يبحث عن بنت الحلال

د. خالد سر الختم لـ «الشرق الأوسط» : أنا أنتظر من تخطبني

د. خالد يعطي وصفات لطريقة التعامل بين الزوج والزوجة وفق المبادئ الإسلامية التي تقوم على الاحترام والتقدير والكلمة الطيبة
TT

يلقبونه بـ«فالنتينو» على الرغم من رفضه لهذا اللقب الذي لا يعبر عن قناعاته. جاء خالد سر الختم إلى البلقان من أجل الدراسة، حيث إنه على وشك حصوله على الدكتوراه في علم النفس. وفي الوقت نفسه، يعلّم القرآن لأبناء وشباب الأحياء التي يسكنها، فهو لا يملك بيتا. وعلى الرغم من بلوغه الثلاثينات من عمره، لا يزال يبحث عن بنت الحلال المناسبة.

التقته «الشرق الأوسط» لتتعرف على هذا الرجل الذي ذاع صيته، ودخل نسيج المجتمع البوسني، بطبقاته وفئاته، ومشاربه المختلفة. دخل المساجد، وحلقات الحديث، والمقاهي بمختلف أنواعها، والبيوت في الأرياف والمدن، وتعرف على سلمها الاجتماعي، ومستوياتها المتعددة.

عن مجيئه للبوسنة يقول الدكتور خالد - أو الشيخ خالد - كما يلقبه كثيرون هنا، «أتيت إلى البوسنة قبل 19 عاما، وعندما بدأت الحرب البلقانية في التسعينات، وكان الناس يفرون، والأجانب يعودون إلى بلدانهم، بقيت في سراييفو تحت القصف». ويصف تلك الفترة بأنها «كانت أوقاتا عصيبة جدا، إذا طلع الصباح ظننا أننا لن ندرك المساء، وإذا أقبل الليل ظننا أننا لن ندرك الصباح»، ويتابع: «لم يكن هناك ماء كاف للشرب فضلا عن الاستحمام، وأذكر أني كنت أستحم بقارورة ماء واحدة وعند الضرورة فقط، لم يكن هناك طعام، وإذا ما حصلت على قطعة خبز وقليل من الفاصوليا المطبوخة بالماء والملح يكون ذلك عيدا، ولم تكن هناك ملابس كافية، فضلا عن التدفئة، ومع ذلك لم يظهر المسؤولون أي مظهر من مظاهر الضعف والخور والاستسلام، وكانوا يردون على القصف ورصاص القناصة، بإشاعة المزيد من تعابير الحياة، وإعلانات البقاء في وسائل الإعلام، والشارع، مع دعم الصمود في الجبهات». وعما رآه وسمعه في تلك الفترة، أجاب: «الناس يقتربون بعضهم من بعض أكثر في الملمات والمصائب والكوارث، العدوان جعلهم إخوة وأخوات، يقتسمون كل شيء». وعما إذا كان قد استفاد من كل ذلك، أكد الدكتور خالد سر الختم أن «الحرب علمتني أن أكون فدائيا بالمفهوم الإنساني المجرد، فلا شيء يستحق في هذه الحياة، أن تستأثر به لنفسك، إلا ما تحرم منه نفسك من أجل الآخرين».

وحول موضوع الزواج ودوره في عقد المئات من الزيجات، أشار إلى أنه لا يحب الحديث حول هذا الأمر لوسائل الإعلام، ولا لأي شخص، إلا أنه استجاب لشبكة «الإسلام اليوم» لأسباب شخصية على حد قوله، «لا أريد الحديث في هذا الموضوع، ولو جاءني شخص آخر لما قبلت الحديث معه في هذا الموضوع»، ويتابع: «نسب الطلاق ترتفع في جميع دول العالم، وهي بين 30 و70 في المائة حسب المناطق والثقافات، وتكثر نسبة الطلاق في المجتمعات التي بلغت مرحلة متقدمة في ما يسمونه التطور، ليس بسبب السرعة، وتحول كل شيء حتى الحب إلى، فاست لوف، على غرار، فاست فود، وإنما لقلة خبرة الزوجين، بمتطلبات الحياة الزوجية، ومعايير ومقاييس الاختيار»، وأردف قائلا: «غالبا ما يعجب الشاب بفتاة جميلة فيرغب في الزواج بها، ويجري خلفها حتى توافق على الزواج به، وتحكم هذه المقاييس أغلب الفتيات الراغبات في شاب وسيم، وحبذا لو جمع مع ذلك الثراء، وعندما يتوقف الاختيار على هذه المعايير، يكون الفشل هو نهاية العلاقة بين الطرفين».

ويشرح الدكتور خالد ذلك: «عندما يتزوج الشاب فتاتا لجمالها، يكون ذلك أول شروط انهيار زواجه، فبعد الليلة الأولى يبدأ العد التنازلي لذلك الدافع، وربما فضل عليها من هي أقل جمالا منها بعد ذلك، وهذا حصل ويحصل في الحياة، وإذا لم يكن الإعجاب يتخطى الجمال إلى الأخلاق وما يسميه القرآن المودة والرحمة واستشعار المسؤولية، تكون النتيجة ما نرى في المحاكم». وعما إذا كانت هناك أسباب أخرى، وما إذا كان ذلك دافعا لتدخله في ربط علاقات بين شباب وفتيات يعرفهم، قال: «يعجب الشاب بالفتاة وتعجب الفتاة بالشاب، ولكن ذلك ليس شرطا، فالقبول وحده لا يكفي، وغالبا ما يعتقد الشاب والفتاة أن حياتهما بعد الزواج ستكون سعيدة، ولكن يفاجأ أحدهما الآخر أو يفاجآن بعضهما بعضا، فالحياة بعد الزواج ليست مثل الحياة قبله، فالشاب والشابة يلتقيان في النادي أو الجامعة أو المقهى أو غير ذلك وهما في أحسن حال، لباس نظيف وروائح طيبة وهندام لائق، ولكن عندما يعيشان تحت سقف واحد تظهر العيوب، ويبدأ التأفف والمناوشات وحتى الصراع الذي يؤدي في أحيان كثيرة للطلاق». ويضيف: «لذلك على الشاب والفتاة ألا يعيشا في الأحلام والأماني وأن يتوقعا ما يحصل في البيوت، فاللقاء في النوادي ليس مثل وقت القيام من الفراش، وعودة أحد الزوجين من الخلاء، أو عند مرض أحدهما، وإذا لم يكن الطرفان مستعدين لذلك يكون الفشل هو النتيجة الحتمية لأي زيجة من هذا القبيل»، ويستطر قائلا: «ما أقوم به هو محاولة لمنع فشل الزواج، من خلال دراسة الحالات التي أعرفها، وعندما أجد شابا وشابة متوافقان في الطباع، أعرفهما بعضهما ببعض، وغالبا ما يكون الزواج».

إلى جانب ذلك، يقوم الدكتور خالد بإعطاء وصفات لطريقة التعامل بين الزوج والزوجة وفق المبادئ الإسلامية، التي تقوم على الاحترام، والتقدير، والكلمة الطيبة «قل لعبادي يقولوا التي أحسن»، وهي كما يقول «أحد أسباب استمرار الحياة بين البشر أزواج وغيرهم، فالمودة والرحمة تشمل كل ذلك مع الحب المرتبط برضا الله سبحانه، فإغضاب الزوج أو الزوجة أو القول الجارح من العوامل السلبية في العلاقات الإنسانية فضلا عن الزوجية ولذلك وجب تجنبها، وهذا ما أقوله للجميع». وعن عدد الذين قام بتزويجهم، وكيفية التعرف عليهم أوضح الدكتور خالد أن سمعته بين الناس جعلته محل ثقتهم، فأحيانا تأتيه فتاة لتستشيره في شأن شاب، والعكس، ودخوله بيوتا كثيرة ومعرفته لأهلها جعله يعرف من تزوج ومن لم تتزوج، «زوجت العشرات من الشباب العرب ومن أهل المنطقة، وهم يعيشون في هناء وسعادة». وعن أسباب عدم زواجه وما إذا كانت شهادة الدكتوراه التي ينتظر الحصول عليها نهاية العام، ووضعه المادي الضعيف وراء ذلك، أجاب ضاحكا: «لكل أجل كتاب.. أنا أنتظر من تخطبني».