الجريمة تهدد الترام.. وسيلة النقل الأكثر شعبية في البلقان

بين الانتقادات الموجهة إليه قدم القطارات والازدحام الشديد

الترام.. وسيلة نقل مفيدة لكنها تواجه مشكلات («الشرق الأوسط»)
TT

يعتبر الترام، أو «الترنفاي» باللغات المحلية، في منطقة غرب البلقان، وتحديدا جمهورية كرواتيا اليوغوسلافية السابقة، وسيلة النقل الأكثر شعبية. في حين يعتبر قطار الأنفاق (المترو) من وسائل النقل المفضلة في عدد من دول أوروبا الغربية.

ويعود ظهور الترام في العاصمة الكرواتية زغرب إلى عشرينات القرن الماضي، وهي الفترة ذاتها التي ظهر فيها بدول أخرى، منها دول الجوار صربيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا وسلوفينيا، التي كانت كلها دولة واحدة في الفترة بين 1919 و1990.

ورغم تطور قطاع النقل بواسطة الترام، أو «الترامواي» بالإنجليزية - وهي الكلمة التي حرفتها العامة في مصر لتصبح «التروماي» -، ظلت عربات الترام في زغرب والمنطقة ككل قديمة، أغلبها يعود إلى العهد اليوغوسلافي السابق بين عامي 1945 و1990. ولكن مع ذلك ظل الترام وسيلة النقل الرئيسية داخل المدن، ولا سيما العاصمة. ولقد أفرزت حالة الاكتظاظ في عرباته، ظواهر سلبية كثيرة كالتحرش والسرقة والعنف، ناهيك عن الأجواء الخانقة والروائح الكريهة أحيانا، سواء بوجود مدمني الخمر والمخدرات بين الركاب أو بسبب القيظ في الصيف. وهذا مع تذكر أن غالبية مستخدمي الترام هم من الطلبة وأبناء الطبقات الوسطى والفقيرة في المجتمع.

ماريو أنجيلينو (22 سنة)، طالب التقته «الشرق الأوسط» فقال «أنا طالب في كلية العلوم السياسية بالسنة الثالثة، من إقليم دالماشيا (على البحر الأدرياتيكي). وكأغلبية الطلبة أنا مضطر لاستخدام الترام، عند الذهاب إلى الجامعة والإياب منها. وهو وسيلة النقل الوحيدة التي أستخدمها داخل زغرب». وتابع «لقد بدأت استخدام الترام منذ فترة الدراسة الثانوية.. وهو حقا قصة حياة، فكثيرون من الشباب، فتحوا عيونهم عليه، سواء صحبة الأم أو الأب، في مرحلة الصغر أو في مرحلة الدراسة الثانوية. ويومذاك كنا نقطع تذاكر سنوية مخفضة للطلبة. وبالتالي، كان للترام بالنسبة للطلاب ولكثيرين أيضا، مكانة خاصة، وبات جزءا لا يتجزأ من حياتنا». واختتم بالقول «إنه يتمنى إبدال العربات القديمة بأخرى جديدة لتجنب الازدحام، وتحسين نوعية الخدمة داخل المدن وخاصة زغرب».

مستخدم آخر للترام هو يادرنكو بيروفيتش (44 سنة)، يعمل في مقهى بضاحية يازيرو، إحدى ضواحي زغرب، وهو يستقله منذ عدة عقود، إذ إنه يتوجه به إلى العمل في الساعة الثامنة صباحا، ويعود به في الساعة الحادية عشرة ليلا. وعنه يثير قضية أخرى، إذ يشرح «إبان العهد اليوغوسلافي، لم يكن أحد يخشى أن يصيبه مكروه في الترام، أو في أي مكان آخر. فقد كان بمقدور المرء أن ينام في الشارع، ويعود إلى بيته في أي وقت يشاء دون أن يخشى على حياته أو ممتلكاته. الوضع للأسف مختلف اليوم.. صدقني، بت أخشى من أن لا أصل إلى العمل في الصباح، وألا أنام في بيتي في المساء، بسبب كثرة الجرائم التي تحدث في الترام هذه الأيام»، موضحا من الجرائم «الاعتداء من قبل بعض مروجي المخدرات ومدمنيها، على بعض الركاب، وهناك أيضا السرقات والتحرش».

وفي الواقع هذه الظواهر المتكررة أصبحت داخل المجتمع الكرواتي مثار قلق شديد وأحيانا تندر، من منطلق «شر البلية ما يضحك». وتشير تقارير الشرطة إلى أن أعمال العنف المرتكبة في عربات الترام بزغرب، تصل أحيانا إلى القتل، وهي في الغالب بين أحداث، سواء كانوا طلبة صغارا، أو شبان الشوارع الخلفية للعاصمة الكرواتية، وهي نزاعات تستعر غالبا تنافسا على الفتيات، أو تندلع بين عصابات المخدرات. ولكن كثيرا ما تطال الاعتداءات سائقي الترام، وموظفي قطع التذاكر ومراقبي شركة النقل، عند مطالبتهم الشبان والفتيان بدفع قيمة التذاكر أو المغادرة.

ويذكر، ألن أنتونوفيتش (29 سنة)، وهو عاطل عن العمل حاليا ولم يكمل دراسته الجامعية، «أن سائقي الترام كفوا منذ بعض الوقت عن مطالبة البعض بدفع أثمان التذاكر، وذلك بعد اعتداءات طالت زملاءهم وسببت لهم إعاقات أحيانا. بل إن بعض السائقين عندما يتوقعون الشر من شخص يقف أمامهم عند ظهورهم أثناء العمل يبادرون إلى مناولته وهم يبتسمون». وعن سؤاله عما تفعله الشرطة، ضرب ألن كفا بكف، وقال «أتدري أن الشرطة لا تنبس ببنت شفة عندما يكون بعض عناصرها داخل الترام، فهم عرضة للاستهزاء وحتى الاستفزاز. ولقد شاهدت بعيني وسمعت بأذني ذلك.. بعض الشبان يتعمدون إهانة الشرطي داخل الترام».

من ناحية ثانية، يذكر بعض الطلبة غير الكروات ممن يستقلون الترام في زغرب، أنهم يضطرون خلال الصيف لاستخدام بخاخات مطيبة للتخلص من الروائح الكريهة المنبعثة من عرق الركاب وسط الزحام الشديد، لكن تصرفهم هذا قوبل بالاستهجان، بل تعرض بعضهم للضرب لأن ركابا شعروا بالإهانة من تصرفهم، وهذا وسط الازدحام الشديد وانعدام التهوية اللازمة في العربات.