«سيكل إيجيبت».. دعوة مصرية لاستخدام الدراجات في الحياة اليومية

بعد تفاقم أزمتي المرور والتلوث

مجموعة من الشبان المصريين الذين كرسوا فكرة استخدام الدراجات داخل المدن («الشرق الأوسط»)
TT

يتسامح المصريون مع فكرة استخدام الشباب والفتيات الدراجات الهوائية في الرحلات أو «المصايف» كنوع من الترفيه. إلا أن هذا التسامح المؤقت لا يكون له مكان في المدن الكبرى، لا سيما العاصمة القاهرة. ثم، باستثناء الطبقات الفقيرة التي اعتادت أن تستخدم الدراجات كوسيلة نقل داخل المدن، وكذلك الأطفال المسموح لهم باللهو حيثما كانوا، لم يكن من المتصور أن يشاهد المصريون فتيات وفتيانا يستقلون الدراجات حتى في أيام العطلات على سبيل الترفيه.

الأمر تبدل قليلا مع إصرار مجموعة من الشباب عزموا قبل سنوات قليلة على فرض الأمر الواقع وتكريس فكرة استخدام الدراجات داخل المدن، متجاهلين التعليقات الساخرة والنظرات المستغربة التي لاحقتهم من مكان إلى مكان. ومع الوقت تشكلت مجموعة «سيكل إيجيبت» التي أخذت على عاتقها الدفاع عن هذا الحق البسيط والدعوة إليه.

ومن ثم دفع النجاح المشهود هذه «المجموعة» إلى طرح مبادرة تهدف إلى الحفاظ على البيئة وخفض مستويات التلوث، إذ دعا أعضاؤها المجتمع المصري إلى استخدام الدراجة في الحياة اليومية، وكسر الحاجز النفسي لفكرة استخدام الدراجة كوسيلة نقل داخل المدن.

«تقف حجر عثرة أمام تحول المبادرة إلى واقع حي أسباب اجتماعية وثقافية».. هكذا يلخص الأمر أحمد الحيطي، المسؤول عن المبادرة، ويوضح لـ«الشرق الأوسط» قائلا إن «هناك من يعتبر أن هذه الفكرة مرفوضة وخارج السياق العام للمجتمع المصري، رغم أن استخدام الدراجات يقدم حلا حقيقيا لمشكلات كثيرة». ويفصل الحيطي هذه المشكلات بقوله «لدينا اليوم أزمة مرورية حادة في المدن المصرية الكبرى، وبخاصة القاهرة والإسكندرية، وثمة مشكلة أكثر إلحاحا هي مشكلة التلوث. إن استخدام الدراجات الهوائية كوسيلة نقل يقضي على هاتين المشكلتين تماما».

الحيطي يعتقد بقوة أن نجاح المشروع يعتمد على استقطاب عدد أكبر من الأنصار. وفي هذا الإطار تنظم مجموعة «سيكل إيجيبت» مسيرات بالدراجات يوم الجمعة من كل أسبوع داخل كل من القاهرة والإسكندرية، غير أن العقبة التي بقيت ماثلة أمام «المجموعة» هي واقع أن عددا كبيرا من الراغبين في تجربة الفكرة لا يملكون دراجات.. وهو الأمر الذي يهدد نجاحهم.

وبطبيعة الحال، حاول القائمون على المبادرة تجاوز هذا التحدي بتوفير دراجات لمن لا يملك واحدة، وذلك من أجل تشجيع عدد أكبر من الشباب والفتيان الذين قد لا يتحمسون كثيرا لشراء دراجة خاصة بهم. وحقا، أظهر هذا التكتيك فعالية كبيرة، حتى وصل عدد المشاركين في هذه المسيرات الأسبوعية إلى نحو 600 مشارك.

من ناحية ثانية، لم يكن القائمون على المبادرة يتوقعون التنوع الملحوظ في أعمار المشاركين، وهذا ما أشار إليه الحيطي بقوله «هناك طلاب مدارس وجامعات، وهناك أطفال أيضا.. وبل اشترك معنا أشخاص تتجاوز أعمارهم الستين».

تحد آخر، هذه المرة يتعلق بمهارة استخدام الدراجات نفسها «فالبعض يرغب في الاشتراك معنا لكنه لا يجيد ركوب الدراجات.. ولهؤلاء خصصنا برنامجا تدريبيا معتمدا من اتحاد الدراجات، وحققنا بفضله نتائج جيدة مع أشخاص كانوا لا يستطيعون قيادة الدراجة مطلقا. أضف إلى ذلك أننا اعتمدنا على أنواع جيدة من الدراجات، وهي أسهل بكثير لجهة القيادة» كما يؤكد الحيطي، الذي يشير أيضا إلى التغيير الكبير في سوق الدراجات بمصر. ويستطرد «أصبح التجار يوفرون أنواعا أصلية وخامات جيدة يجري استيرادها من الخارج بأسعار معقولة».

ويتطرق الحيطي إلى البعدين السياحي والثقافي للمسألة، فيشرح «نسعى أيضا إلى نشر فكرة سياحة الدراجات، فمصر تفتقر تماما إلى هذا المفهوم على الرغم من إمكانية تنفيذه بسهولة وبتكلفة ضئيلة جدا. وقد قمنا بالفعل بتنظيم رحلات سياحية بالدراجات في إحدى المناطق بمحافظة كفر الشيخ (140 كيلومترا شمال غربي القاهرة) لركوب الدراجات في مناطق ريفية للاستمتاع بمشاهدة الحقول، وكانت الرحلة ناجحة وممتعة جدا، وشارك فيها نحو 20 شخصا كلهم من الأجانب».

وتحاول مجموعة «سيكل إيجيبت» عبر هذه الفكرة جذب المصريين إلى تنشيط السياحة الريفية لتصبح جزءا من ثقافة السياحة لدى المصريين من جانب، ونشر فكرة سياحة الدراجات من جانب آخر، كما تسمح كذلك بنشر ثقافة استخدام الدراجات في الحياة اليومية خارج القاهرة والإسكندرية... وهو الهدف الرئيسي للمبادرة التي تسعى لتحقيق بيئة أقل تلوثا وأكثر متعة.