سوريون يهوون جمع الوثائق والصور التاريخية النادرة

جمعتهم هواية واحدة أقاموا لها العديد من المعارض ووجدوا فيها متعة الغوص بالتاريخ القريب وشخصياته المؤثرة

الموثق السوري محمد حسان العظم مع وثائقه في معرض لها بدمشق («الشرق الأوسط»)
TT

انتشرت في السنوات الأخيرة هواية جمع الوثائق التاريخية والتراثية بين السوريين وخاصة كبار السن والمتقاعدين من عملهم الوظيفي حيث وجدوا فيها متعة وغوص في عمق التاريخ القريب فأقاموا لوثائقهم المعارض في المراكز الثقافية وصالات العرض بالمدن السورية وحاز العديد منهم على شهادات تقدير من مؤسسات حكومية وأهلية. من هؤلاء السوري (محمد حسان مؤيد العظم) السبعيني الذي اجتهد منذ سنوات بالبحث الجمع لوثائق تاريخية وصور قديمة تقدم بانوراما عن الحياة السورية قبل مائة عام. يروي العظم لـ«الشرق الأوسط» حكايته مع هذه الهواية التي يعتبرها مفيدة ورائعة قائلا:”منذ سنوات شبابي وأنا أعشق الخوض في التاريخ القريب والبعيد من خلال الوثائق المكتوبة كما رافق ذلك تعلقي بجمع الصور القديمة والأشياء ذات القيمة التراثية.” و يمضي العظم في سرد ذكرياته “بعد تقاعدي من عملي الوظيفي في عام 1997 تفرغت بشكل كامل لهذه الهواية واشتركت في معارض توثيقية متنوعة ومن ثم شكلت مع خمس زملاء وهم:(أكرم رزق وبشار منافيخي وصلاح صلوحة وعلي خلف وأنا) لديهم نفس الهواية مجموعة صغيرة نشطت في مجال إقامة المعارض للوثائق والصور والمقتنيات التي نمتلكها لتتاح الفرصة للجمهور لمشاهدتها وأطلقنا على مجموعتنا ومعارضنا الدورية شعار (التوثيق ذاكرة الوطن).

وتضم الوثائق صور للمشاركين في معركة ميسلون ولوحات من معارك تاريخية ونضال المرأة السورية ونماذج من الصحافة السورية واحتفالات الجلاء وطوابع تذكارية وصور تاريخية لمدينة دمشق جمعت بجهود فردية. و يشير العظم إلى أنه أقام مؤخرا معرضا فرديا للوثائق التي جمعها في مركز الهامة الثقافي بريف دمشق. ويشرح العظم كيفية حصوله على مقتنياته النادرة قائلا: “كان توجهي بجمع الوثائق والصور المتعلقة بالأماكن الأثرية السورية وخاصة المغمورة منها وغير المعروفة للناس مثل بيوت عربية قديمة موجودة في مدينتي حماة حيث أتعاون في هذا المجال مع مصور من حماة وهو(ماهر جروا) ولبيوت قديمة في دمشق أيضا فأقوم بتصويرها وتوثيقها وأعرضها على الجمهور. “لدي صور لشخصيات سورية تاريخية هامة تركت بصماتها في التاريخ القريب فأعرضها في المعارض مع تعليق مكتوب عن اسم الشخصية وتاريخها وحياتها وماذا أبدعت وأضافت للحياة السورية مع صور لنماذج من كتبه وأعماله”.و يضيف العظم أن من هؤلاء الشيخ عبد القادر العلواني الذي كان من أوائل مدرسي اللغة العربية في مدينة حماة حيث ولد سنة 1906وتوفي سنة 1958وهناك الطبيب والشاعر وجيه البارودي وهو أول من افتتح عيادة طبية في حماة سنة 1932والمجاهد والمربي قدري العمر المولود في حماة أواخر القرن التاسع عشر والكاتب المؤرخ عبد الحسيب الشيخ سعيد الذي أصدر سنة 1919صحيفته(الهدف) وأغلقت بعد عدة سنوات من قبل السلطات الفرنسية للأحاديث والمقالات الحماسية ضدهم وقد أسس مع عدد من رفاقه النادي الأدبي في حماة واشترك مع المجاهد سعيد العاص بتأسيس جمعية في حماة تحت عنوان جمعية ومدارس ملجأ الأيتام الإسلامي. و يحتفظ العظم أيضا بصور نادرة لمجاهدين ورياضيين قدامى يعرضها مع صور للنياشين والجوائز التي حققها في حياته. يقول العظم أنه يمتلك حاليا نحو 200وثقية،ومن أندر الوثائق التي يمتلكها صور لقبة قصر العظم بمدينة حماة ولقصر الطيارة وعن طواحين حماة القديمة.

وحول أسباب اهتمامه بالتوثيق يقول العظم: “أهدف من ذلك إظهار التاريخ وجعل شخصياته العبقرية موجودة في أذهان الناس بشكل دائم وبرأيي أن أي إنسان مهم يكرم لساعتين في حفل ما ومن ثم وبعد سنة لو سألنا أي إنسان عنه لن يجيب لأنه نسيه ونسي كتبه بينما في عملية التوثيق نظل محافظين على حياة هذا الشخص العبقري.” وحول صفات ومتطلبات من يخوض مثل هذه الهواية يقول العظم أن عمل التوثيق مجهد لأن البحث عنه والتعمق به لذة فائقة فهو هواية محببة في إظهار التاريخ لأن الاثنين مربوطان ببعضيهما. وحول مصير مايمتلكه من وثائق وإمكانية أن تباع من قبل أولاده يؤكد العظم أن أولاده ليس لديهم نفس الهواية ولكنه أوصاهم بعد رحيله عن الدنيا بأن يعطوها لأحد زملائه الخمسة الموثقين.