«الروديو» تدخل الثقافة اللبنانية.. وأبطالها «كاوبوي» محليون

الرياضة الأميركية تسلك طريقها لتصبح تقليدا سنويا

«الروديو».. على الطريقة اللبنانية («الشرق الأوسط»)
TT

«الفكرة جديدة، المغامرة كبيرة، أما النجاح فما زال يكبر»... عبارة يختصر بها بول نعيمة انطلاق رياضة «الروديو» للمرة الأولى في لبنان والعالم العربي، في حدث فريد من نوعه في المنطقة. وقال نعيمة، رئيس نادي الرانشو الرياضي، إن مهرجان «ذي سيدر ستامبيد روديو آند وايلد ويست فيستيفال» (مهرجان الأرز للستامبيد روديو والغرب الأميركي) الذي نظمه في أغسطس (آب) 2010 كان «ضربا من الجنون» أوصله إلى 30 ألفا من الحضور خلال أيام قليلة، وهو ما شكل حافزا كافيا لتنظيمه هذا العام بصورة أكثر تنظيما وأشمل مشاركة.

رياضة «الروديو» - لمن يجهلها - تعني التحكم بالخيل والبقر البري، ويبرز فيها المتبارون مهاراتهم الفنية في ركوب الحيوانات الجامحة والهائجة، وتطويقها بالحبال، في منافسات عاصفة ومثيرة بشكل يعكس التوازن بين الفارس على الخيل في أصعب الأوضاع. كما يتوجب على راعي البقر أثناء امتطائه الحيوان أن يمسك بالسرج بيد واحدة ويترك الأخرى حرة في الهواء. وتنقسم المباريات إلى مجموعتين، هما: مباريات الحيوانات غير المروضة، وتشمل ركوب فرس بري (برونكو) من دون سرج، وركوب فرس بسرج، وركوب ثور بري. والمباريات المقيدة بزمن، وعددها خمس مباريات، وتشمل تطويق عجل بري، وصرع ثور بري صغير، والتطويق الجماعي لثور بري صغير، وتطويق ثور بري صغير، وسباق البراميل.

ويأخذ قضاة التحكيم في الاعتبار عند إعطاء النقاط للمتسابقين في هذه المباريات إلى أسلوب الأداء، ومدى قدرتهم على همز الحيوانات بطريقة صحيحة. أما في المباريات المقيدة بزمن، فيعتمدون على السرعة التي يكمل بها المتسابق مهمته. ولا تخلو هذه الرياضة من العروض الإضافية المسلية.

وهكذا، إلى عالم حلبة «الروديو» بكل ما فيها، خصوصا ترويض الخيول والثيران، يتوافد الآن رعاة البقر «الكاوبوي» اللبنانيون ومشجعوهم متحمسون، يوميا، في مشهد يناقض الملل، تمهيدا لخوض الجولة الثانية من المسابقة الغريبة عن الثقافة اللبنانية. وهي شكلت نقلة نوعية في السياحة الرياضية في الشرق الأوسط تحت إشراف وزارتي السياحة والشباب والرياضة.

القرية الهندية الحمراء «داكوتا فيليدج» فتحت أبوابها بكل ثقافاتها وتقاليدها المميزة، بانتظار إكمال العمل بـ«القرية الأميركية» و«القرية المكسيكية»، على مساحة 300 ألف متر مربع في منطقة غدراس الجبلية بمنطقة فتوح كسروان (شمال شرقي بيروت)، حيث يقوم مشروع الرانشو الرياضي - البيئي والسياحي والثقافي، معتمدا مبدأ الاكتفاء الذاتي في كل منتجاته الطبيعية، وهو ينتظر نيل شهادة «طبيعية بيولوجية» من شركة عالمية تعنى بهذا الشأن. ومن المتوقع أن تشارك 12 دولة في مسابقة هذا العام، بينها لبنان، الذي استطاع حصد أرقام قياسية عام 2010، على الرغم من مشاركة أبطال يمثلون 4 دول، هي: الأردن وسورية وبريطانيا وأميركا.

يشرح فادي قدوم، 30 سنة، مخرج تلفزيوني، تجربته، مشددا على أن الشعور مختلف في كل تمرين بسبب التصرفات غير المتوقعة للثور، مضيفا «قوة القلب، سرعة البديهة والالتزام بتعليمات المدربين هي أبرز العناصر المطلوبة لخوض رياضة لا يغيب عنها حس المغامرة أبدا. إذ يواكبك تدفق الأدرينالين في كل لحظة». قدوم الذي يتمرن لمدة عشر ساعات وبمعدل مرتين أسبوعيا لم يصدق وصول «الروديو» إلى لبنان، واصفا ذلك بـ«حلم تحقق»، مؤكدا أنها رياضة ستروق لكل من يجربها، لأنه سيدمنها ويدهش بجمالها.

من جهتها، تقول حياة فاخوري عن تجربتها: «إنها شغف حقيقي، وأكثر من هواية بالنسبة لي. فنحن نختبر السرعة والحماسة والتركيز والتسلية في أجواء مليئة بالمغامرات، والطريف أن أصدقائي باتوا ينادونني بالـ«كاو غيرل» (Cowgirl)... تقولها حياة وأمارات السعادة ترتسم على محياها لأنها، حسب كلامها، «تعشق هذه الرياضة الأميركية الموغلة في القدم».

لدى سؤالها عن المخاطر تجيب: «كل الاحتمالات واردة، ومنها أن السقوط من على الخيل في أي لحظة، وكذلك فقدانه توازنه وسقوطه فوقي... لكنني لا أقلق لأن الحوادث لا تستثني أي رياضة». وتوضح حياة فاخوري، التي تصف نفسها بـ«المجنونة برياضة الروديو» وتصف التجربة بالشيقة والمثيرة للاهتمام، بأنها تتمتع ليس فقط بخوض المباريات، ومنها سباق البراميل، بل تتمتع بالفرجة أيضا، كما أنها بدأت بتدريب الأجيال الشبابية. ثم تقول: «بالشجاعة والأمل والبراعة والتفاؤل يمكننا بناء لاعبين أفضل، وأشعر وكأنني في ولاية تكساس لدى دخولي الرانشو، خاصة خلال ممارستي الروديو. فكل شيء منظم وفق القواعد الأساسية للعبة»، مضيفة «الجدية والإبداع يتطلبان من اللاعب أن يبصر بعينيه وعقله وقلبه في آن».

أما النظرة حيال الخيول والثيران، فإننا نجدها عند الأميركية جينيفر ويليامز، 27 سنة، التي تصف «الروديو» بـ«الرياضة الممتازة للاستمتاع بالطبيعة ولتعلم الكثير عن الحيوانات، وتدريبها على بذل أفضل ما عندها». وتضيف «أحب الخروج في الويك إند لركوب الخيل، لأن الأمر ممتع ومريح للأعصاب.. وعلى الناس أن يدركوا أنها رياضة فيها احترام كبير للحيوان، لأنه نجم هذه الرياضة».

«الصحة الجيدة ضرورية للحيوانات»، بحسب وليامز، الحريصة على تغذيتها وراحتها، التي تؤكد أن «التمرينات المنتظمة مهمة للتأكد من أن الحيوان وممتطيه يعرفان جيدا ما يجب فعله في أي ظرف، تحاشيا للمخاطر المحيطة بهما... فما من مكافأة من دون مخاطر في أي رياضة كانت».

وتبقى الإشارة، إلى أن «الروديو» في لبنان تخضع لمعايير عالمية تحفظ سلامة الحيوانات، ومنها حصر مشاركة كل حيوان بمدة دقيقتين يوميا تحت إشراف الأطباء البيطريين لتأمين الأداء المطلوب، ويقابل هؤلاء أطباء ميدانيون للاعبين لمعالجة أي حادث عارض.