«مقهى بطناية».. رواده مسيحيون يرفضون الهجرة من العراق

يقصدونه من شتى مناطق بغداد طلبا للأمان

رواد مقهى بطناية في بغداد يقصدونه طلبا للأمان («الشرق الأوسط»)
TT

«بطناية» مقهى شعبي صغير في حجمه بسيط بمحتوياته وأدواته ولكنه عميق في تاريخه فهو يمتد إلى أكثر من ثلاثين سنة يضم المسيحيين بمختلف طوائفهم. ورغم بساطة المقهى فإنه يختزن في جوانبه ذكريات لأناس هاجروا البلد وبقي ذووهم وهم من رواد المقهى يتحدون الإرهاب الذي يلاحقهم ويهدد أمنهم ويقتل أبناءهم ويسعى إلى تشريدهم.

رواد هذا المقهى اتفقوا على لغة واحدة وهي أنهم يرفضون مغادرة البلد رغم قسوة الظروف والبعض منهم هجره الأهل والأبناء ومنهم من فقد أبناءه وبيته إلا أنهم يجتمعون في هذه المقهى لأنه يضمهم كالعراق. صاحب المقهى الحاج رؤوف كمال، كردي مسلم، قال لـ«الشرق الأوسط» استقطب هذا المقهى المسيحيين لأن المنطقة التي يوجد فيها أغلب قاطنيها من المسيحيين ويرتادها في المتوسط كل يوم 50 شخصا أغلبهم من المسيحيين والألعاب التي يمارسونها «الورق» و«النرد» و«الدومينو» والجائزة أقداح الشاي يشتريها الخاسر.

ويقول كمال إن مقهاه يفتح أبوابه في الساعة السادسة صباحا ويغلق الساعة التاسعة مساء. وبعد حادثة كنيسة سفينة النجاة قل رواد المقهى الذين يأتونها الآن من جميع المناطق كالدورة وكم سارة وبغداد الجديدة والغدير وهي مناطق ذات غالبية مسيحية. ويضيف كمال أن مقهاه استهدف عدة مرات من الإرهابيين إلا أن رواده ما يزالون مصرين على ارتياده.

أحد هؤلاء الزبائن «أبو جوني» كان يعمل في محل لبيع المشروبات وتلقى تهديدا بالقتل فاضطر لغلق محله وصار جليس البيت مما جعل أسرته يفكرون في الهجرة فهو لديه خمسة أولاد، أصغرهم عمره 12 سنة، أغلبهم في الجامعة وزوجته تعمل في قطاع التدريس كلهم هاجروا العراق ومنذ سنتين هم في الأردن أما هو فيرفض الهجرة ويقول: «لا أستطيع أن أترك العراق وهذا المقهى يعطيني إحساسا بالأمان والترابط القوي بيننا كأبناء مجتمع ونسيج واحد إضافة إلى ذلك فإن دماثة خلق صاحب المقهى تجعلنا نواصل الحضور إلى المقهى».

باسم عبد الأحد الياس تم تهجيره من مدينة بعقوبة قال «هاجموا بيتي وزوجتي وهددوني بالقتل وأرغموني على رفع صورة مريم العذراء من البيت وتم خطف ابني وتعرضت إلى الضرب حيث أصبت بكسر في الجمجمة وحضرت إلى بغداد». ويتابع باسم: «مع ذلك لا أستطيع مغادرة العراق حتى لو توفرت الفرصة»، مضيفا: «أنا لا أملك فرصة عمل ولا أملك حتى قوت يومي وأعيش على مساعدة إخواني هنا في هذا المقهى وهو ملاذي الوحيد».

أبو مريم أيضا يرفض الهجرة ويقول: «مسقط رأسي العراق ولا أستطيع مغادرته، إخوتي كلهم في الخارج لدي ثلاثة إخوة في أميركا كانوا من رواد المقهى وإلى الآن يسألون عنها ويشتاقون لها».