أبو سند.. أكبر مرشد سياحي في السعودية بتزكية رسمية من جهاز السياحة والآثار

يجيد 4 لغات عالمية ولم يدخل مدرسة في حياته

أبو سند.. أكبر المرشدين السياحيين في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

لم تثن سنوات عمره الـ75 سنة، ولا حال شعره الأبيض، دون عمل سعيد كمال سعيد آل سعيد في مجال الإرشاد السياحي في منطقة نجران الساحرة، بجنوب المملكة العربية السعودية. وللعلم، فإنه حاصل على درع التميز، كأكبر مرشد سعودي مصرح له من قبل هيئة السياحة والآثار السعودية.

آل سعيد، أو «أبو سند» - كما يعرف على مستوى منطقته - حريص على زيه النجراني الذي يحاكي عبق التاريخ الخاص بنجران، التي تحتضن الكثير من قصص عصور منذ آلاف السنين، كأصحاب الأخدود الذين جاء ذكرهم في سورة البروج في القرآن الكريم، واللافت أنه يتكلم 4 لغات أجنبية مختلفة مع أنه لم يدخل مدرسة في حياته قط.

لـ«أبو سند» حضور لافت في مناسبات المنطقة الرسمية، كان آخر مناسبة من هذا النوع حضوره في منتدى الاستثمار الأخير في نجران. وهناك رسم صورة الرجل النجراني المكافح والمحافظ على أصالته، الذي يعمل بحس وطني بحت، كمرشد لآثار بلاده، على الرغم من كبر سنه، رافضا بشدة التخلي عن مهمته الوطنية التي لا يزال يمارسها منذ 20 سنة.

«أبو سند» قال خلال لقائه مع «الشرق الأوسط» في أروقة المنتدى: «أبلغ من العمر75 سنة، وأتكلم الإنجليزية والألمانية والفرنسية، بالإضافة طبعا إلى العربية. ومع أنني لم أدخل مدرسة قط في حياتي، فإنني أحمل بداخلي رغبة شديدة في التعلم، ولقد تعلمت هذه اللغات التي أجيدها اليوم من خلال احتكاكي بمتكلميها عندما كنت أعمل عام 1963 مع الصليب الأحمر الدولي خلال فترة حرب اليمن، أما عن العمل كمرشد سياحي فقد بدأت العمل في هذا المجال في نجران قبل 20 سنة، وذلك إبان وجودي في فندق هوليداي إن - نجران، وكنت آخذ الوفود إلى بعض المواقع السياحية في المنطقة، وأيضا المناطق القريبة منها. وفي هذه الفترة، قابلت أعدادا كبيرة من السياح من مختلف دول العالم، واكتسبت من كل واحد منهم ما رأيته مناسبا».

وروى آل سعيد قصة حصوله على التصريح الرسمي، بقوله «تم استدعائي من قبل الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة السياحة والآثار، وخرجت له حينها بالزي النجراني. وقابلني حينها وسألني عن اللغات التي أجيدها، فتحدثت له بعفوية بلغاتي الأربع، وضحك حينها. ثم قال لي كنت أود منحك دورة، إلا أنني وجدت فيك المقدرة الكاملة». ومن ثم منحني التصريح وكرمني بدرع أكبر مرشد سياحي سعودي».

عمل آل سعيد في بداية حياته في شركة «أرامكو» - السعودية، ثم انتقل للعمل في الصليب الأحمر الدولي في ألمانيا، مما أكسبه خبرة لغوية ومعرفة طيبة بسلوكيات الأجانب، وخاصة السياح منهم، فبات يعرف ما يرغبون في التعرف عليه.

وهو يقول إن الله - عز وجل – أسبغ على منطقة نجران، الواقعة في الجنوب الغربي من السعودية، مقومات سياحية متميزة، وأعطاها موقعا استراتيجيا كواجهة على طرق الصحراء، وهذا وذاك بجانب مناخ معتدل صيفا وشتاء». والواقع أن منطقة نجران، التي تعد رابع أكبر منطقة سعودية من حيث المساحة التي تبلغ 360 ألف كلم مربع، تشتمل على 3 بيئات جغرافية، هي: منطقة سهلية خصبة تقع في وسط نجران وتمثل الثقل التاريخي والبشري، وتضم العديد من الأودية، أشهرها وادي نجران، ومنطقة جبلية في الغرب والشمال، وتضم العديد من المتنزهات الجميلة وأشجار السدر والآثار التاريخية العريقة. ومنطقة رملية في الشرق، وتعد جزءا من صحراء الربع الخالي.

وتعد مدينة «الأخدود» الأثرية أهم المواقع التاريخية في منطقة نجران. وهي المكان الذي كانت تقوم عليه منطقة نجران القديمة، ويقع على الضفة الجنوبية لوادي نجران، وفيه مدينة مركزية يحيط بها سور بطول 532 مترا، وعرض 220 مترا، ولقد بنيت أساساتها من الأحجار المنحوتة بعناية، بارتفاعات تتراوح ما بين 2 إلى 4 أمتار. وتمثل القلعة الفترة الرئيسية للاستيطان في الأخدود، التي بدأت قبل 600 سنة قبل الميلاد، واستمرت حتى نهاية القرن الثالث الميلادي. وهي الفترة التي تتزامن مع ازدهار حضارة جنوب الجزيرة العربية. أما خارج السور، فتنتشر تلال أثرية تحتوي على أساسات مبان من الحجر والطين، تنتشر عليها الكسر الفخارية بكثافة، وتمثل الفترة التالية لحضارة جنوب الجزيرة العربية إلى جانب الفترة الإسلامية.

على صعيد ثان، تحتضن منطقة نجران ومحافظاتها، مواقع تراثية وتاريخية وسياحية أخرى، من أبرزها «آبار حمى»، التي تشتمل على الرسوم الآدمية والحيوانية، إلى جانب الكتابات بخط البادية المعروف بالثمودي والمسند الجنوبي والخط الكوفي، بالإضافة إلى قصر الإمارة التاريخي وقصر العان، وقلعة جبل رعوم، ومتنزه الملك فهد، وسد وادي نجران وشلال السعود، ومحمية عروق بني معارض، وغيرها من المواقع.