«باب الحد».. سوق الرباط الرائجة للأجهزة الإلكترونية والرقمية

غيرت إيقاع الحياة والحركة التجارية فيها

مغربية تتسوق في سوق «باب الحد» (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

تعتبر سوق «باب الحد» في العاصمة المغربية من أكثر الأمكنة التي يرتادها سكان أو زوار الرباط، يذهبون إلى هناك سواء للتبضع أو معرفة جديد السوق، أو تزجية الوقت هربا من إيقاع الحياة الراكضة، حيث يجدون في «باب الحد» حركة وحياة بنكهة أخرى، وأهم من ذلك الجديد.

لم تبق سوق «باب الحد» بعيدة عن مسايرة العصر ولغته الرقمية، ولم تعد تقتصر فقط على التجارة التقليدية التي ظلت تعرف بها هذه السوق مثل تجارة الملابس والمواد الغذائية، إذ مع التطور التكنولوجي برزت أنشطة تجارية تركز على الأجهزة الإلكترونية والرقمية، حيث أصبحت «سوق الحد» مكانا يمكن أن تجد فيه جميع أنواع الأقراص المدمجة والشرائح الإلكترونية، وآخر موديلات الهواتف الجوالة وكذا أجهزة الكومبيوتر وكذا برامج المعلومات. بل قد تجد فيه أفلاما سينمائية يتزامن عرضها في السوق بعد أيام قليلة من إنتاجها.

عبر الأزقة وفي مدخل سوق «باب الحد» في الرباط العتيقة، يوجد عدد من المحلات تختلف باختلاف ما تبيعه من سلع، هناك من يبيع الهواتف الجوالة الجديدة والمستعملة، أو من يبيع أجهزة التقاط القنوات الفضائية، وآخرون متخصصون في بيع وإصلاح أجهزة الكومبيوتر، ومنهم من يمارس كل ذلك.

عند مدخل السوق توجد طاولات ممتلئة عن آخرها بأقراص مدمجة تحوي أفلاما عالمية وموسيقى لمشاهير من مختلف أنحاء العالم، حيث يباع الشريط بنحو 5 دراهم (نصف دولار تقريبا) إضافة إلى محلات متخصصة في بيع الأجهزة الإلكترونية بما في ذلك الهواتف الجوالة في آخر صيحاتها، وبين بائعي العصير، والساندويتشات، والملابس التقليدية المغربية وأحذية من ماركات عالمية مزورة ستجد أفلام فلليني، ستيفن سبيلبرغ، ديفيد كرونبرغ، هيتشكوك ودجون فورد ويوسف شاهين.

داخل محلات صغيرة في هذه السوق، يلفت انتباهك شباب من مختلف الأعمار يعرضون خدماتهم في إصلاح وبيع جميع الأجهزة الإلكترونية وفك شفرة أي جهاز، ونسخ أي شيء من آخر الأفلام السينمائية إلى جميع برامج الكومبيوتر، يقبلون على الزوار وهم يسألون «تود أن تصلح هاتفا أم جهاز كومبيوتر؟ هل تود أن تشتري أم تبيع؟».

في «باب الحد» حركة ورواج لافت، هناك من يبحث عن آخر ما استجد من الأفلام العربية والغربية، ومن يستفسر حول آخر صيحة في عالم الهواتف الجوالة، ومن يسأل حول سلبيات وإيجابيات بعض البرمجيات المتخصصة، وهناك أيضا من يبحثون عن كل ما له علاقة بالسينما والموسيقى والألعاب الإلكترونية، والزبائن ينتمون إلى جميع الشرائح منهم المتعلمون والنقاد والكتاب والموظفون والطلاب والسياح، وغالبا ما يضع تجار أقراص الأفلام والأغاني المدمجة سلعهم في الأزقة أو في بعض الدكاكين الصغيرة، والتي كانت قبل سنوات قبلة لزبائن الكتب القديمة والنادرة، لكنها تحولت في الآونة الأخيرة إلى كل ما له علاقة مع عالم الرقميات.

وفي أحد الدكاكين بسوق «باب الحد» يرتب خالد علوان محله الصغير ترتيبا منظما يجعل الزبون يتعرف على أحدث ما يوجد في السوق، ابتداء من برامج وأنظمة الكومبيوتر إلى أقراص الكتب والترجمات، والأفلام السينمائية. يتاجر علوان في كل ما يريده الزبائن، من أولئك الذين يريدون تزويد جهاز كومبيوترهم بأحدث الأنظمة الإلكترونية أو الرقمية، إلى الباحثين عن آخر الأفلام السينمائية.

يقول خالد علوان البائع «نحن نوفر للجمهور الفن السابع بسعر معقول، لا ننسخ آلاف الأقراص كما هو حال البعض، بل نحن نساهم في تهذيب الذوق العام، فأغلبنا مجازون في القانون أو الآداب أو العلوم وعاطلون عن العمل، فهل يضيرنا أن نعمل بهذه الطريقة». وتدخل أحد الزبائن وهو أحمد رفيق طالب جامعي قائلا: «أعتبر ما يسمى بالقرصنة مقاومة الضعيف للقوي، فأنا طالب جامعي أهوى السينما أشتري أحدث الأفلام بأسعار معقولة، لذلك محاربة القرصنة لا معنى لها إذا لم تنخرط في تغيير كامل لمجتمعاتنا». داخل أحد المحلات يجلس عادل السليمي وهو شاب في العشرينات من العمر، يضع أمامه حاسوبين محمولين وآخر مكتبيا، إضافة إلى بعض الهواتف الجوالة التي تنتظر دورها في الإصلاح، وبينما يبحث داخل الشبكة العنكبوتية عن رموز من أجل فك تشفير أحد الهواتف الجوالة المستوردة يقول: «بينما كنت أعمل على استقطاب بعض الزبائن لبعض المحلات هنا بسوق (باب الحد)، استطعت أن أتلقن جميع الطرق السرية للتشفير والتصليح، وأنا اليوم أملك محلا خاصا بي، ولي زبائن أوفياء».

وإلى جانب تجار الأقراص المدمجة ومحلات بيع الهواتف الجوالة والحواسيب، تنشط بسوق «باب الحد» كغيرها من الأسواق الشعبية بعض الأنشطة التجارية الصغيرة، مثل عاملات النظافة اللائي يبحثن عن أعمال مؤقتة، والكهربائيين والحمالين إضافة إلى الباعة المتجولين، وتتقاطع في سوق «باب الحد» ثلاثة أحياء رئيسية وهي «حي السويقة» أو ما يعرف بـ«سوق الصباط» و«حي سيدي فاتح» ثم «حي القناصلة» الذي يقود إلى قصبة الأوداية، وأصبحت هذه السوق حاليا هي الأكثر شهرة ليس داخل الرباط العتيقة فقط بل في جميع أنحاء المغرب، لأن نشاطها يرتبط بالعصر.