«شم النسيم».. عيد بروح الثورة المصرية

احتفل به آلاف المواطنين وسط كميات من «الرنجة» و«الفسيخ»

يحرص المصريون على الاحتفال بشم النسيم من جيل إلى جيل، والتي يتمثل أبرزها في تناول الرنجة والفسيخ والبصل وسط المساحات الخضراء («الشرق الأوسط»)
TT

خرج آلاف المصريين أمس إلى الحدائق والمتنزهات للاستمتاع والاحتفال بعيد «شم النسيم»، في أول الأعياد المصرية بعد أحداث ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، حيث نزلت الأسر إلى المساحات الخضراء منذ الصباح الباكر، وقاموا باصطحاب كميات من الأسماك والرنجة والفسيخ والبيض الملون الذي عادة يقوم الأطفال بتلوينه، بالإضافة إلى البصل والليمون، وهي الأطعمة التي لا تخلو مائدة هذا اليوم من وجودها.

ويأتي الاحتفال بهذا العيد كتقليد سنوي يحرص المصريون على الاحتفاء به وبطقوسه الفرعونية التي توارثها المصريون من جيل إلى جيل، والتي يتمثل أبرزها في تناول الرنجة والفسيخ والبصل وسط المساحات الخضراء.

ففي حديقة الحيوان بالجيزة، تدفق الآلاف من الصغار والكبار منذ السابعة والنصف صباحا، وهو ما ترجمه شباك التذاكر المزدحم للغاية، إلى درجة أن يظن الزائر للحديقة بفقدان الأمل في الحصول على تذكرة الدخول، التي وصل سعرها إلى جنيهين.

وفي أرجاء الحديقة افترشت الأسر الحشائش أو المقاعد، بينما فضل الأطفال اللعب بالبالونات والكرات، وقامت فرق موسيقية من الجيش المصري بعزف العديد من الأغاني الوطنية، مما حمس العديد من الزائرين للإقبال عليها وقاموا بترديد الأغنيات على أوتار الموسيقى العسكرية، التي قدمت أيضا الهدايا للأطفال.

يقول موريس عوض، موظف، الذي اصطحب أطفاله ليحتفل بـ«شم النسيم»: «لا بد أن نحتفل ونفرح جميعا، الثورة أراحت بالنا، واليوم هو أول احتفال رسمي بها».

أما إحدى السيدات فقد جاءت من محافظة المنيا بصعيد مصر، لتحتفل مع صغيرها الوحيد لكي يشاهد حيوانات الحديقة، والاستمتاع بالربيع.

الدكتورة فاطمة تمام، رئيسة الإدارة المركزية لحديقة الحيوان والحياة البرية، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن يوم «شم النسيم» هذا العام يأتي بروح الثورة المصرية، قائلة إن هناك روحا جديدة بين الناس، مما جعل الإقبال أكبر من الأعوام الماضية، «كان لدينا تخوف بسبب الانفلات الأمني، إلا أن الشرطة والجيش قاموا بدور كبير، فهم منتشرون لحماية المواطنين».

وفي حديقة الأورمان، توافد المئات لرسم البهجة على أوجه أطفالهم، بينما انتشر حول سور الحديقة بائعو الطعام والألعاب التي دائما ما يقبل عليها الأطفال، حيث يقول أحد الباعة ويدعى «عم محمد»: «أبيع صور شهداء الثورة والأعلام المصرية، فلا يصح أن يكون هناك عيد في مصر من دونهما، لأن الثورة أكبر عيد حدث في مصر».

أما الطفلة دينا (8 سنوات) التي دخلت إلى الحديقة بصحبة والديها فتخبرنا بأنها جاءت مع أسرتها للعب وسط الزهور، وتشير إلى تفضيلها تناول البيض الملون في «شم النسيم»، حيث قامت بتلوينه هذا العام بألوان العلم المصري.

وفي جانب من الحديقة التفت أسرة الجدة «أم مجدي» حول مائدة شهية من الفسيخ والرنجة والطحينة، وهي توضح أنها جاءت من محافظة المنوفية (60 كلم شمال القاهرة) لكي يلعب أحفادها في الحديقة، مبينة أنها سوف تستغل اليوم في التوجه أيضا إلى حديقة الحيوان التي لم تزرها منذ 8 سنوات.

بخلاف ذلك، استقبلت المدن الساحلية وحدائق ومتنزهات مدينة القناطر الخيرية أمس العديد من الرحلات للاحتفال بعيد «شم النسيم»، ونشطت الرحلات النيلية بالمراكب والأتوبيسات النهرية التي يفضلها المصريون في هذا اليوم. كما كان للمناطق الأثرية نصيب كبير من هذه الاحتفالات.

كانت الأجهزة الأمنية والصحية قد استعدت لهذا اليوم، خاصة للكشف عن أطنان الأسماك الفاسدة، وتبين الدكتورة سعاد الخولي وكيل وزارة الطب البيطري بالقاهرة، أن غرف عمليات لمتابعة الوضع على مستوى القاهرة تم تشكيلها لتقوم بمراقبة بيطرية من خلال شن حملات مفاجئة على محلات الأسماك للاطمئنان على جودة الأسماك.

إلى ذلك، شهد ميدان التحرير في قلب القاهرة الذي يعد مركز الاحتجاجات الشعبية التي دامت 18 يوما وانتهت بالإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، تجمع مئات من الأفراد الذين جذبتهم المقطوعات الموسيقية والألحان الوطنية التي عزفتها الفرق العسكرية، وبدا الإعجاب واضحا على وجوه الجموع بالميدان صغارا وكبارا، رجالا ونساء، الذين هتفوا «الجيش والشعب إيد واحدة».