مصر: «محطة الشهداء» بدلا من «محطة مبارك».. بعد استطلاع للرأي

الشباب يساعدون بوضع لافتات الاسم الجديد داخل محطات المترو

الاسم الجديد للمحطة الشهيرة («الشرق الأوسط»)
TT

تغير «ميدان رمسيس» أحد أشهر ميادين العاصمة المصرية القاهرة. فقبل خمس سنوات، لأسباب تتعلق بالخوف عليه كرمز حضاري من دبيب المترو والقطارات، رحل عنه تمثال رمسيس الثاني، أشهر فراعنة مصر. وكان التمثال الضخم قد قبع في الميدان الذي يحمل اسم صاحبه نحو 50 سنة. كذلك رحلت معه النافورة الشهيرة، فافتقد أطفال الميدان اللعب في بركة الماء الذي كان ينساب من بين أصابع الفرعون الكبير. غير أن ذلك لم يمنع عامة المصريين من الإبقاء على اسم الميدان، كنوع من التقدير التاريخي لحضارة يعتزون بها.

واقتحم مترو الأنفاق في أواخر ثمانينات القرن الماضي الميدان، ولكن قبل 24 سنة اختير لمحطة المترو الأساسية اسم «محطة مبارك»، بدلا من محطة رمسيس. وظلت المحطة تحمل اسم الرئيس المصري السابق إلى أن استجابت وزارة النقل المصرية لمطالب المواطنين وقررت مؤخرا تغيير اسمها إلى «محطة الشهداء» تخليدا لذكرى شهداء ثورة 25 يناير التي أطاحت بحسني مبارك. أما رمسيس الثاني، فإنه بانتظار أن يتبوأ صدارة بهو المتحف المصري الكبير، الجاري تشييده بالقرب من سفح الأهرام بالجيزة. ويذكر أن الرئيس السابق اختار أن يوضع اسمه على محطة ميدان رمسيس، كونها المحطة الرئيسية لخطوط مترو الأنفاق منذ إنشاء المرحلة الأولى للخط الأول من حلوان إلى ميدان رمسيس عام 1987، ومن ثم افتتاح المرحلة الثانية من رمسيس إلى المرج في عام 1989. وفي المقابل، وضع اسما الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات - على التوالي - على المحطتين الأقل شهرة من رمسيس، وهما محطة الإسعاف (ناصر) نسبة إلى مقر إسعاف القاهرة، ومحطة التحرير (السادات) في ميدان التحرير الذي اندلعت منه الثورة. ميدان رمسيس توجد فيه «محطة مصر» - أو «باب الحديد»، وهي محطة القطارات المركزية إلى جميع مناطق جمهورية مصر العربية، ولا يمل المصريون من مشاهدة الفيلم الذي حمل اسمها، وأخرجه الراحل يوسف شاهين عام 1958، وضم كوكبة من نجوم السينما المصرية في حينه.

كذلك يحتل ميدان رمسيس صفحات مهمة في تاريخ مصر الحديث، إذ كانت بدايته عبارة عن قرية تسمى «أم دنين»، تمركز فيها الفاتحون العرب وبنوا فيها مسجدا سمي «مسجد أولاد عنان»، وقد أعاد بناءه في العصر الفاطمي الحاكم بأمر الله وسمي «جامع المقس». ولاحقا هدم الفرنسيون ذلك المسجد إبان الحملة الفرنسية على مصر، قبل أن يعود تحت اسم «مسجد الفتح» حاليا.

في عهد محمد علي باشا، تحول ميدان رمسيس إلى متنزه بأمر منه. ثم في عهد عباس الأول شق شارع رمسيس - الذي عرف آنذاك بشارع عباس الأول - ووصل إلى منطقة «الريدانية» - أي العباسية حاليا. كذلك أنشئت محطة سكك حديد مصر بعد توقيع الخديو عباس اتفاقية مع الحكومة البريطانية لتأسيس خط للسكك الحديدية يربط بين القاهرة والإسكندرية، وكانت ثاني محطة قطارات تقام في العالم بعد محطات لندن. ومن ثم، ظل الشارع يحمل الاسم نفسه حتى عهد الملك فاروق الأول حين غير الاسم إلى شارع «الملكة نازلي»، والدة الملك فاروق. وبعد وضع تمثال «نهضة مصر» في وسط الميدان للمثال المصري العالمي محمود مختار في عام 1926، الذي أزاح عنه الستار سعد باشا زغلول أطلق على الميدان اسم «ميدان نهضة مصر» والشارع «شارع نهضة مصر». ولكن بعد ثورة يوليو (تموز) 1952 نقل تمثال «نهضة مصر» إلى جوار حديقة الحيوان بالجيزة، ووضع مكانه تمثال لرمسيس الثاني، جلب من متحف ميت رهينة، لربط المصريين بتاريخهم المصري القديم. ومن يومها توحد اسم شارع رمسيس بميدان رمسيس.

حول المسمى الجديد لمحطة المترو، قال أحمد عبد الهادي، المسؤول الإعلامي لشركة مترو أنفاق القاهرة، إن المهندس عاطف عبد الحميد، وزير النقل المصري، وافق على إطلاق اسم «الشهداء» على محطة مترو «حسني مبارك»، وذلك بناء على اقتراح اللجنة الوزارية التي شكلها من قيادات شركة المترو لاختيار اسم بديل، تنفيذا لحكم القضاء برفع اسم الرئيس السابق وزوجته من الميادين والمنشآت العامة.

وأضاف عبد الهادي لـ«الشرق الأوسط» أن «اللجنة الوزارية راعت في اقتراحها للاسم البديل عدة عوامل منها: أهمية المحطة، واستطلاع الرأي الذي أجرته الشركة على صفحتها الرسمية في الموقع الاجتماعي (الفيس بوك) الذي اشتمل خمسة أسماء مقترحة هي (الشهداء) و(25 يناير) و(رمسيس) و(الثورة) و(محطة مصر)...»، لافتا إلى أنه وافق على اسم «الشهداء» أكثر من 33 ألف مواطن، وأضاف أن اللجنة قررت بعد نتيجة الاستطلاع اختيار هذا الاسم تكريما لشهداء «ثورة 25 يناير». وتابع عبد الهادي، موضحا أنه سيصار في البدء إلى تغيير اسم المحطة داخل محطات المترو، وداخل القطارات في خطى المرج - حلوان، وشبرا - الجيزة.

من ناحية أخرى، رحب «ائتلاف شباب الثورة» بإصدار القرار، وقال محمد عباس عضو الائتلاف لـ«الشرق الأوسط» معلقا أن «يوم أمس انتصار جديد للثورة المصرية»، مرحبا باختيار اسم الشهداء «حتى لا تنسى الأجيال القادمة في المستقبل من ضحوا بأنفسهم من أجل مصر». وأضاف عباس أن «الائتلاف سيساعد وزارة النقل في تغيير (لافتات) الاسم في جميع محطات القطار».