اهتمام لافت من الأجانب المقيمين بأول معرض تشكيلي لذوي الإعاقة في السعودية

أقيم تحت عنوان «رغم الإعاقة.. إبداعاتنا بلا حدود»

جانب من معرض «رغم الإعاقة.. إبداعاتنا بلا حدود» الذي أقيم شرق السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

ذهول كبير، ذلك الذي أصاب حضور المعرض التشكيلي الأول للفنون، الخاص بذوي الإعاقة، الذي أقيم شرق السعودية، نتيجة الانبهار بما قدمه أكثر من 100 معاق شاركوا في تشكيل 40 لوحة احترافية في المعرض الذي حمل عنوان «رغم الإعاقة.. إبداعاتنا بلا حدود»، الذي نظمه مجمع الأمير سلطان لتأهيل المعاقين، بمدينة الدمام، حيث يعد المعرض الأول من نوعه على مستوى المنطقة، من حيث عرض التجارب والمواهب الخاصة للمشاركين، الذين تحدوا إعاقتهم بأنامل فنية.

وتصف المشرفة على المعرض، هيلدا إسماعيل، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إقبال الزوار بـ«الكبير والمفاجئ»، مضيفة بأن «المعرض حظي باهتمام لافت من الأجانب المقيمين في السعودية، الذين أذهلتهم أعمال الأطفال المعاقين، وحرصوا على شراء الكثير من اللوحات»، إلى جانب اهتمام جهات أخرى زارت المعرض، مثل جمعية الثقافة والفنون، ووفد من غرفة الشرقية، وبعض المستشفيات، ومجموعة من الفنانين التشكيلين، وعدة جمعيات، وفرق تطوعية.

ويلفت نظر زائر المعرض وجود ركن متخصص باللوحات المستمدة من روح التراث، متضمنا قطعا قديمة من الحلي النسائية المطعمة بالفضة والأحجار الكريمة، إلى جانب الأختام القديمة التي كانت تستعمل في السابق، وبعض الأبواب الخشبية المليئة بالتصدعات، بالإضافة إلى نماذج لبدايات ظهور الراديو والتلفزيون في السعودية.

وجميع أعمال هذا الركن شكلتها الفنانة عالية القرني، التي كانت طالبة في مجمع التأهيل (من ذوي الإعاقة السمعية)، ثم أصبحت اليوم معلمة للتربية الفنية.

حول هذه التجربة، تحدثت منال العوفي، وهي من منسوبي مجمع الأمير سلطان للتأهيل، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن القرني تركز في جميع أعمالها على الإكسسوارات التراثية والقطع القديمة، وهو ما يجعلها محط أنظار الوفود الأجنبية الراغبة في اقتناء الهدايا واللوحات التذكارية ذات الطابع المحلي، بينما تفصح القرني أن «لوحاتها على الرغم من تميزها، فإنها لا تجد إقبالا خارج المجمع»، وترى أن السبب يكمن في عدم الاهتمام بذوي الإعاقة ومشاركاتهم في المعارض، حسبما ترى. وعن باقي أجنحة المعرض، فقد جاءت الأعمال بخامات متعددة، ما بين النحت والتلوين وتنسيق قصاصات الصحف واستخدام القوالب الجاهزة بعد رشها بالألوان، إلى جانب تشكيل قطع المرايا، واستخدام المحارم الورقية بعد تجفيفها وتشكيلها بصمغ الخشب، وهي أعمال تؤكد منسوبات المجمع أن معلمات التربية الفنية كن متابعات لكل خطوة فيها كي تخرج بالشكل الاحترافي المطلوب، وهنا تفيد العوفي بأن المعرض «ضم 70 طفلا وأكثر من 45 طالبة»، جميعهم من منسوبي المجمع.

وهنا تعود مشرفة المعرض، هيلدا إسماعيل، لتقول: «كان يتم أحيانا تصميم الفكرة من قبل معلمات الفنية، ومن ثم يقمن بتدريب الطالبات على إخراجها داخل حدود اللون والمساحة، وذلك مراعاة للقدرات المتفاوتة ومدى المقدرة على استخدام الأيدي وحركة الأصابع التي غالبا ما تكون غير مرنة بسبب الإعاقات الحركية، وعلى الرغم من ذلك، كانت إبداعاتهم بلا حاجز وبلا حدود، تماما كما تجسَّد في هذا المعرض، الذي يعد خلاصة إنتاج العام الدراسي من الناحيتين الفنية والإبداعية».

وتبين إسماعيل أن التحضير للمعرض استغرق 6 أشهر، موضحة أنه يتم يوميا إدخال الأطفال المعاقين في ورش للمهارات، تخص قسم التأهيل المهني في المجمع. وبسؤالها عن المدة التي تطلبها إعداد الأطفال، أفادت بأن ذلك استمر على مدى عام كامل، حتى تمكنوا من إنهاء جميع اللوحات بصورة جماعية، وتضيف بالقول: «جاءتنا الآن عدة عروض بأن يكون هناك سلسلة لمعارض أخرى مماثلة، إلى جانب المشاركة مع جهات أخرى ومع فنانين تشكيلين موجودين على الساحة الفنية». وجاء لافتا في أقصى زوايا المعرض وجود ركن مختلف، ضم نحو 10 لوحات تم تشكيلها بألوان الشمع الصارخة، التي مثلت المشاركة الوحيدة من خارج مجمع الأمير سلطان للتأهيل، ببصمة الفنان بسام السنان، وهو شاب موهوب لا يتجاوز عمره الـ22 عاما، وتتمثل إعاقته في متلازمة داون، وقد حضرت والدته في اليوم المخصص لزيارة السيدات كي تتحدث عن أعمال ابنها.

وتبدي والدة بسام، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، سعادتها بالإعجاب الكبير الذي لقيته أعمال ابنها، مشيرة إلى أن والد بسام رسام وخطاط؛ مما دفعه لاحتضان موهبة بسام ورعايتها ودعمها للمشاركة في عدة معارض للفن التشكيلي، وتضيف: «تركز لوحات بسام على الألوان القوية، خصوصا الأزرق والأحمر، أما الأفكار فيشكلها من رأسه، لأنه لا يحب أن يمليها عليه أحد».

من جهته، يوضح مدير عام مجمع المعاقين، عبد الله المغامس، في بيان تسلمته «الشرق الأوسط»، أن هذا المعرض «جاء بصدد كشف مهارات المعاقين والتأكيد على إبراز مواهبهم وأدواتهم الإبداعية وتطوير شخصياتهم»، مضيفا بقوله: «هذا المعرض يمثل صورة ديناميكية متجددة دائمة التغيير تحمل في طياتها تلك الألوان العاطفية لهؤلاء المبدعين، ونحن بدورنا نساعد على دمج تلك المواهب في المجتمع ورفع الروح المعنوية التي تساعدهم كمعاقين على مجابهة الحياة».