شبان مصريون يجمعون تبرعات للحفاظ على النظافة والأمن في القاهرة

يتطوعون بالوقت والجهد لرفع القمامة وطلاء الأرصفة وتسيير حركة المرور

متطوع مصري يساهم في تنظيم المرور («الشرق الاوسط»)
TT

ثلاثة طلاب في ضاحية دار السلام، الواقعة جنوب القاهرة، اشتروا، بما يساوي 20 دولارا، أكياسا من البلاستيك، وقاموا بتوزيعها على المواطنين في شارع جمعة عضيم، من أجل استخدامها في جمع القمامة من الشقق السكنية، بينما كان مجموعة أخرى من طلاب أكاديمية المعادي بشارع الجسر البراني، في الضاحية نفسها، يطوفون بسيارة بيك أب مستأجرة لنقل النفايات إلى المكب العمومي الواقع في أقصى الجنوب.. ويزيد عدد الشباب المصريين المتطوعين يوما بعد يوم في الشارع للحفاظ على النظافة والأمن، في ظل شح بالإنفاق الحكومي العام.

وتظاهر عشرات آلاف المصريين عدة مرات عقب تخلي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن سلطاته، مطالبين بزيادة الأجور وتحسين أحوالهم المعيشية، وشمل ذلك قطاعات من موظفي مرافق حكومية وشرطية وعمال شركات بالقطاعين العام والخاص، بما فيها شركات نظافة وجمع قمامة.

ومن المتوقع، حسب المصادر الحكومية، أن تواجه الموازنة المالية المقبلة للدولة، في الأول من الشهر بعد المقبل، انخفاضا قد يصل إلى 185 مليار جنيه مصري (نحو 31 مليار دولار)، وهي نسبة تقول الحكومة إنها أكبر من أن تستطيع تحملها؛ حيث يشير المراقبون إلى أن ثورة «25 يناير» تركت شحا في الإنفاق على الخدمات العامة أصبح مثار حديث عامة المواطنين.

ويقول رجل مرور، في تقاطع شارع الكورنيش مع شارع الملك الصالح جنوب العاصمة المزدحمة: في السابق كنا نحصل على إكراميات من بعض السائقين، لكن الظروف بعد الثورة تغيرت «لا نقبل إكراميات، لكننا نحتاج إلى تعويض هذا بزيادة الرواتب، كما أن الحكومة لا بد أن توظف رجال مرور جددا، لحمل العبء معنا».

وبالإضافة إلى محاولات آلاف الشبان والطلاب لتنظيف الشوارع، عن طريق تطوعهم لهذا العمل وجمع التبرعات من المواطنين المقتدرين، يقول رجل المرور هذا إن مدة عمله في تسيير حركة المرور تنتهي عند الساعة العاشرة مساء، وحيث لا يضمن أن يأتي زميل له لتسلم الخدمة بدلا منه، فإنه يشير إلى أن بعض الشبان المتطوعين يقومون بالمهمة. وكان رجال الشرطة والمرور قد بدأوا في العودة إلى أعمالهم، إلا أن الرواتب المتدنية، التي ورثوها عن نظام الحكم السابق، لم تعد مقنعة للبعض منهم. ويجلس رجل عجوز يمتلك محلا للحلاقة في شارع الروضة بضاحية المنيل في القاهرة كل مساء للاطمئنان على وصول شبان الضاحية لتنظيف الأرصفة، وجمع القمامة وتنظيم حركة المرور. ويقول الرجل، ويدعى سيد، إنه يراقب من أمام محله ثلاثة تقاطعات رئيسية في الشارع الحيوي الواصل بين كوبري عباس وكوبري الملك الصالح، ويضيف أن عمله نوع من التطوع من أجل مشاركة الحكومة في الحفاظ على النظافة والأمن، ويضيف ضاحكا: «نعمل مع الشباب.. كلنا حكومة».

وفي الكثير من ضواحي القاهرة وشوارعها يمكن أن تلاحظ بعض المتغيرات التي صنعتها سواعد متطوعين غير معروفين، على الرغم من الازدحام وكثرة الخلق، منها رصف لجوانب الأرصفة باللونين الأبيض والأصفر، كما حدث في ميدان العتبة، وتشجير بعض الأماكن التي كانت مهجورة على النيل، وأصبحت تصلح الآن لجلسات السمر الأسرية على الكورنيش من دون مقابل، كان آخرها منطقة ميناء جزيرة الدهب.

ويذكر بهاء الدين، صاحب محل الإطارات الموجود عند نفق مراد، الواصل بين شارع مراد وشارع البحر الأعظم، أن بداية النفق كانت حفرة تعوق حركة سير السيارات، وتجعل المرور يتكدس بشكل غير معقول أمام المحل، وبعد أيام جمعنا مع سكان المنطقة تبرعات وردمنا الحفرة وغطيناها بالإسفلت، وهو عمل كان من المفترض أن تقوم به في السابق إدارة الطرق بالمدينة «لكن حتى ذلك الوقت، سنقوم بما يجب بأيدينا كل حسب قدراته».

ووعدت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما برفع مليار دولار من ديون مصر ومنحها مساعدات اقتصادية في حدود مليار آخر، بينما قدمت المملكة العربية السعودية 4 مليارات دولار لمساعدة الحكومة المصرية. وناشد المجلس العسكري، الذي أصبح يدير البلاد منذ الإطاحة بحكم مبارك، المواطنين مساعدة الحكومة في إعادة الاستقرار إلى البلاد من أجل التغلب على المشكلة الاقتصادية الكبيرة التي بدأت تلوح في الأفق.