روسيكادا الجزائرية تحتفل بعيد الفراولة

«عروس المتوسط» توزع الجوائز على أحسن المنتجين والعارضين

بدأت زراعة الفراولة في المنطقة في العشرينات من القرن الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

احتفلت مدينة روسيكادا (تسمية فينيقية) المترامية على شريط الساحل الشرقي الجزائري، أمس، بـ«عيد الفراولة» الذي يقام كل سنة احتفالا بفاكهة الفراولة التي تزرع بكثافة في أماكن كثيرة بالمنطقة. وأضحت روسيكادا، أو سكيكدة، (550 كلم شرق العاصمة) بهذه المناسبة قبلة لآلاف الزوار يأتونها من داخل الجزائر ومن خارجها.

اضطرت سلطات ولاية سكيكدة هذا العام إلى تأجيل الاحتفالات بالفراولة بيوم واحد، بسبب مباراة كرة قدم جمعت الفريق المحلي بفريق المدينة المجاورة، قسنطينة. وتعتبر المواجهة الكروية مصيرية بالنسبة للسكيكديين الذين يصارع فريقهم على البقاء في دوري المحترفين.

ونظمت محافظة عيد الفراولة بالمناسبة تظاهرات ثقافية ورياضية وفنية، وأهم ما ميزها تنظيم مسابقات وتوزيع جوائز. وجرت منافسة قوية للفوز بجائزة أحسن كعكة فراولة وجائزة أحسن مربى وأحسن عصير فراولة طبيعي. وشهد الحفل أيضا توزيع جائزة على أجمل منصة عرض لمنتج الفراولة. وشارك في المسابقات الأربع عدد كبير من منتجي الفاكهة الحمراء وبائعيها ومستهلكيها الذين اجتهدوا في تزيين أطباق المأكولات، التي تستخدم فيها الفراولة.

وجرت مسيرة استعراضية لوفود المنتجين والعارضين المشاركين في الحفل، انطلقت من ملعب المدينة إلى فندق بلدية سكيكدة حيث تم تنظيم المسابقات. وموازاة مع المنافسة بين المنتجين، جرت دورات في الشطرنج وكرة القدم وكرة السلة إناثا وذكورا وفي السباحة والكرة الحديدية والدراجات، ورياضة الزوارق الشراعية والكونغ فو، حسب برنامج التظاهرة بالموقع الإلكتروني الخاص بـ«عيد الفراولة». وشارك في المنافسات الكروية، تلاميذ المدارس والنوادي الرياضية المحلية ومن مناطق أخرى.

وتعد المناسبة فرصة أيضا لبروز مواهب في ميدان الغناء والموسيقى والرقص الفلكلوري المحلي. وتم تنظيم هذه الأنشطة في الساحات العمومية بمدينة سكيكدة الشهيرة باسم «عروس البحر الأبيض المتوسط». ونظمت لجنة الحفل مسابقة لاختيار أحسن عارضة أزياء تقليدية، ويطلق على المتفوقة في المسابقة بـ«أميرة الفراولة».

وقال رئيس «لجنة الاحتفالات بعيد الفراولة» حسين بن جامع، بالموقع الإلكتروني للتظاهرة، إنها «أصبحت تقليدا يأتيها الفضوليون والمتخصصون من كل مكان بالجزائر؛ إذ تمتزج فيها كل ثقافات الوطن». وذكر بأن سكان المنطقة والمشاركين في الاحتفالات «يستمتعون بعزف الزرنة (المزمار) وإطلاق البارود وصهيل الجياد أثناء الاحتفالات. فالألوان زاهية في هذا الحفل السنوي ويكون لون الفراولة أبزر الألوان». وفي الغالب تباع الفراولة بمبلغ رمزي في الأيام التي تسبق الاحتفالات، لأن الإنتاج يكون وفيرا عادة. لكن هذه السنة بيعت بـ300 دينار للكيلوغرام، ما يعادل 4 دولارات. وهو ثمن مرتفع قياسا إلى أسعار المنتج في السنوات الماضية.

وقد تم زرع الفراولة بسكيكدة لأول مرة عام 1920، ويقول كبار سكان المنطقة إن شخصا من إيطاليا هو من جاء بنبتة الفراولة في ذلك العام، وزرعها في بلدة ستورا بأعالي سكيكدة. ثم انتشرت زراعتها بأراضي المعمرين الفرنسيين أثناء الاستعمار الفرنسي للجزائر (1830 - 1962). وأصبحت سكيكدة منذ ثلاثين سنة على الأقل، أكثر مناطق البلاد إنتاجا للفراولة، لهذا السبب قررت السلطات المحلية تخصيص يوم 28 مايو (أيار) من كل عام عيدا لهذه الفاكهة.

وعرف الصنف الأول من الفراولة باسم «روسيكاد» وهو محلي. أما الصنف الثاني، فيسمى «تيوقا» و«دوغلاس»، وهما مأخوذان من رموز فينيقية، وهما أجنبيان عن المنطقة. وتمت زراعتهما لأول مرة في 1970 في إطار برامج «الإرشاد الفلاحي» التي أطلقتها الدولة لتطوير الزراعة.

ويقول المنتجون إن الكثير من المزارعين يعتبرون نبتة الفراولة نوعا من الخضراوات. أما الصحيح، بحسبهم، أنها شجرة صغيرة تنتمي لعائلة الورديات مثل التفاح والكرز والخوخ. ويبلغ عمر النبتة خمس سنوات فقط، وتبدأ في طرح الفراولة بدءا من السنة الثالثة بعد الزراعة.

ويتميز الصنف المحلي «روسيكاد» بكونه غني بالسكر، طعمه لذيذ وحجمه صغير مقارنة بالصنفين الآخرين. ولكن شكله ليس جميلا ولا يتحمل مشاق السفر، ومدة تخزينه ينبغي أن لا تتعدى ثلاثة أيام. أما «تيوقا» و«ودوغلاس»، فنسبة السكر فيهما قليلة وحجمهما كبير وجميل، ويتحمل مشاق السفر.