في دبي.. الدلافين تثقف وتمنح المرح بـ«الرقص»

عندما تسري المشاعر من الزعانف إلى الأيدي

سباحة مع الدلفين.. في دبي («الشرق الأوسط»)
TT

إحساس غريب يعتريك عند ملامسة الدلفين، لكنه يتصاعد إلى أقصى الدرجات إذا كان تصنيف هذا الحيوان المائي اللبون يندرج تحت قائمة الحيوانات الأكثر ذكاء، إذ يسهل استئناسه، فيتقبل التواصل مع البشر.

في الحقيقة، تحمل الأساطير الكثير من الحكايات التي ترقى إلى حد الدهشة عن الدلافين، وهي من فصيلة الحيتان وتمتاز بذكائها الحاد. وكثيرا ما تحدثت قصص البحار عن إنقاذ الدلافين أناسا من الغرق وإيصالهم إلى بر الأمان. كذلك وتستطيع الدلافين أن تتفاعل مع الإنسان، خاصة الأطفال، فتتعرف على نقاط ضعفه وتشعره ببالغ السعادة، مما يساعد في اتخاذ التقرب منها علاجا لبعض الحالات النفسية والعضوية.

سيرج زالوف، المدير التنفيذي للعمليات في منتجع «أتلانتيس النخلة» في دبي، قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن الدلافين الـ28 رشيقة الموجودة في مياه المنتجع «إنها تنتمي إلى عائلة واحدة، وتستهلك نحو 320 كلغ من الأسماك لطعامها يوميا، ولكل منها اسمه ومدربه الخاص للتعامل مع البشر الذين يسعدهم قيام الدلفين بمحاكاتهم وتقبيلهم، وحتى الرقص معهم، كما في الأساطير».

وبإيقاعات راقصة، يمد الدلفين زعنفتيه الأماميتين ليحتضن الأيادي ويبدأ في الرقص برشاقة تحسده عليها راقصات الباليه، وسط صفقات واستحسان الجمهور الحاضر، لا يقطعها سوى ظهوره على السطح مرة أخرى ليلقمه المدرب بضع سمكات طازجة.. شكرا وتشجيعا لتكرار الوصلة مع راقص جديد.

التجربة المثيرة تنطلق عقب إرشادات وتوجيهات سريعة يقدمها مدربو الدلافين، التي تعيش في خليج مخصص لها. وكما سبقت الإشارة تنتمي كلها إلى سلالة واحدة ومن عوائل متقاربة، مما يجعل مسألة التعايش معها تجربة أكثر متعة، وهذا، مع تأكيد المدرب على الاستفادة من طريقة التلامس المباشر، لكن فقط التحذير من مس عينيها.

وعبر طريق معد خصيصا لـ«تقبيل» الدلافين، أو «الرقص» معها، يسير الزوار على خط مستقيم خلف المدرب للوصول إلى موقع محدد يطفو فيه أحد الدلافين للترحيب بالقادمين، في حين تتقافز دلافين أخرى لمسافات عالية مصدرة أصوات الترحيب متناغمة مع صافرة المدرب. ومن ثم يظهر مادا ظهره لتلقي «تربيت» الزوار عليه، باعثا في المكان شعورا بالسعادة، قبل أن ينفلت بعدها ليعود طارحا قبلاته التي تنيرها فلاشات الكاميرا فيما يسمى الـ«فوتو فن».

يعود زالوف بالقول «من النشاطات التي يستطيع الزائر القيام بها في خليج الدلافين مرح التقاط الصور والتفاعل معها في مستويات الماء المتوسطة. ويقدم الـ(أتلانتيس) عبر ذلك فرصة للتعليم بكيفية التعامل مع الدلافين والتعايش معها. أما بالنسبة لأولئك الذين لا يحبون السباحة، فبمقدورهم حجز بطاقة للمراقبة فقط، والاكتفاء بمشاهدة الدلافين عن بعد من دون لمسها أو الاقتراب منها». تعتبر كل خطوة مع الدلافين تجربة مميزة بحد ذاتها، ذلك أنها تمنح الزائر فرصة التعرف على هذا الحيوان اللطيف، والتعايش معه ضمن برنامج منسق، يتعاون فيه الزائر مع المدرب. ويبدأ البرنامج بالإشارة للدلفين لكي يقترب من الزائر ويسمح له بلمسه، فيعطي الحيوان ثقة بشخص الزائر لكي يصبح قادرا على الرقص واللعب معه وحتى تقبيله.

ويستقطب برنامج الدلافين جميع الأعمار، لكنه بما يخص به وقعه الخاص والمميز عندما يلتقون الدلافين. وهنا ثمة نصائح وإرشادات تؤكد أن حساسية الدلافين تتطلب معاملة خاصة، كما أن تهيئة لقائها تتطلب تحاشي ملامسة أعينها، والامتناع عن ارتداء أو وضع كل ما من شأنه إثارة قلقها أو إزعاجها.. من ساعات وخواتم وأشمغة، ناهيك من الهواتف الجوالة والكاميرات.

من ناحية أخرى، ثمة اتفاق على مستوى العالم، أن الدلافين من ألطف الحيوانات وأكثرها رشاقة وحبا للمرح. ولهذا فهي من الحيوانات المفضلة عند مشاهدي الحياة البرية عبر العالم. وللعلم، تقفز أنواع كثيرة منها خارج المياه، وتثب وثبات مرتفعة عموديا من المياه لتشاهد محيطها، كما أنها تتبع السفن في تشكيلات متزامنة تشبه رقص الباليه المائي.

ومن الواضح أن حب الصداقة عند هذه الحيوانات وانجذابها إلى الناس من الصفات التي لا يمكن أن تمر من دون أن يلحظها أحد. وعادة ما تفضل الدلافين الطعام الذي تحصل عليه من أيدي الناس، على البحث عن الأسماك الحية التي تسبح معها في الأحواض. ويؤكد اختصاصيون أن الظروف التي تعيش في ظلها الدلافين تحت مراقبة الإنسان هي الأفضل لإثبات قدرتها على بناء صلات مع الإنسان. إذ تتوافر الفرصة للاتصال اليومي مع الاختصاصيين المؤهلين الذين يرغبون في الاتصال معها، ويمكن أن تشجع الحيوانات هذه الرغبة.

كذلك تظهر الرغبة في الاتصال بالإنسان على خلفية الرعاية التي يوليها للدلافين، فتتعاظم لديها عاصفة من الفرح متمثلة في القفز والضرب على المياه، ورفع نافورات الرش، والصفير والنقر التي يعبر فيها الدلافين عن المشاعر التي تملأها. وإذا ما دخل الشخص الذي لديه علاقات ودية مع الدلافين إلى الماء، وخصوصا إذا كان يبحث عن التفاعل واللعب معها فإن رغبة الدلافين في التواصل معه تنعكس بشكل عملي، إذ يسبح الدلفين بالقرب منه ويقدم له جسده لكي يمسه، وطبعا، تكتمل علاقة الود بتقديم الحافز (الطعام) للدلفين.