الطلبة المغاربة يستبدلون الحدائق والمقاهي بالمكتبات ودور المطالعة

الأحياء الجامعية بالرباط في حالة استنفار استعدادا للامتحانات

في رأي بعض الطلبة المغاربة فإن الحدائق وأجواءها ليست مملة كما في البيت والمكتبة عند الاستعداد للامتحانات («الشرق الأوسط»)
TT

مع اقتراب موعد امتحانات نهاية السنة، تدب حركة دؤوب وسط الطلاب المغاربة؛ حيث تبدأ التحضيرات للامتحانات النهائية.

في «مدينة العرفان» في الرباط؛ حيث توجد أكبر المعاهد ومدارس التعليم العالي والأحياء الجامعية، يمضي الطلاب أياما بطعم القلق، يحاولون خلالها السباق ضد الساعة عبر قضاء معظم الوقت في مراجعة دروسهم.

ومع اقتراب هذه الفترة من كل سنة، تسري حالة أقرب ما تكون إلى الاستنفاد بين الطلاب؛ حيث تتغير وجوههم وتقل أوزانهم، ويخرج معظم الطلاب في الأحياء الجامعية إلى الحدائق يفترشون الأرض بحثا عن نسيم عليل وهدوء يخفف من ضغط هذه الأيام.

منذ ساعات الصباح الأولى تتوافد أعداد من الطلاب نحو حدائق وساحات الأحياء الجامعية، في حين يفضل آخرون الليل والسهر، أو التحضير في قاعات المطالعة المخصصة لهذا الغرض. وتختلف العادات لاستعدادات كل طالب خلال هذه الفترة، بعضهم يستهلكون المنبهات بشراهة، خاصة القهوة، للتركيز وتجنب النعاس والتعب، ومنهم من يلجأ إلى الفيتامينات وبعض المقويات، بحثا عن الطاقة والحيوية.

ومع كل موسم تظهر عادات «طلابية» جديدة، ولعل «موضة» هذا الموسم الدراسي هي التحضير لامتحانات آخر السنة في المقاهي والحدائق؛ حيث لم يعد من المستغرب أن تلمح طالبين أو مجموعة من الطلاب يمضون ساعات في أحد المقاهي وسط المدينة، ليس لاحتساء الشاي الأخضر، أو تمضية بعض الوقت مع أصدقائهم، بل للحفظ ومراجعة الدروس.

وهكذا أصبح الطلاب يشكلون نسبة مهمة من زبائن بعض المقاهي في الرباط، خاصة مع انتشار خدمة الإنترنت في هذه المقاهي، كما أن بعضها صار حكرا على الطلاب. وهي مقاهٍ مميزة تجذب الطلاب، فإما أنها توجد في مناطق هادئة وقريبة تتيح لهم المطالعة في أفضل الظروف، وإما أن أسعار خدماتها معقولة وتناسب قدرات هؤلاء الشباب. بالإضافة إلى المقاهي، أصبح الطلاب المغاربة يلجأون كذلك إلى الحدائق والغابات لمراجعة دروسهم، مستفيدين من وفرة المناطق الخضراء الهادئة في العاصمة المغربية، وكذا من الطقس المعتدل خلال هذه الأيام. يلجأون إليها هربا من ضغط المدينة وضجيجها، وكذا للابتعاد عن الأجواء المشحونة في الكليات. ويفضل عدد كبير من الطلاب التحصيل في أماكن خاصة وهادئة مثل الحدائق، على الذهاب إلى أماكن تذكرهم بأجواء الدراسة والكلية.

تقول سارة جابر، طالبة مغربية في شعبة الاتصال، إنها تهيئ لامتحاناتها في أحد المقاهي، الذي اجتذبها بهدوئه وموقعه المميز في أحد أحياء الرباط الراقية، ومنذ ذلك الوقت صارت تذهب إليه برفقة صديقتها؛ حيث تبقيان هناك ساعات تحضران فيها لامتحاناتهما. وأردفت: «الأمر يبدو غريبا للوهلة الأولى، لكن بمجرد أن جربت ذلك وجدت أن أجواء المقهى مميزة وليست مملة كما في البيت أو المكتبة، خاصة أن المقهى الذي أذهب إليه يتميز بالهدوء وبموقعه المميز». وأضافت: «هناك حرية أكثر في هذا المكان؛ حيث يمكنني أن أدرس وأتوقف عن ذلك عندما أشاء وآخذ قسطا من الراحة، مع رفيقتي نحتسي خلالها مشروبا مثلا أو نتحدث فيها عن مشاغل تبعدنا عن جو المطالعة ولو للحظات. لست ملزمة هنا بالتقيد بنظام المكتبات ودور المطالعة». وجدت سارة ضالتها في المقهى الذي يبعدها عن أجواء الضغط والقلق التي تعيشها بسبب الامتحانات، ولن تتردد في تشجيع أخريات لخلق جو من التعاون والاستمتاع في الوقت نفسه.

لم تعد دور المطالعة والمكتبات لها الأولوية خلال هذه الفترة؛ حيث بدأت تفقد وهجها ومكانتها تدريجيا في أذهان الطلاب لفسح المجال لأماكن كان يرتادها الناس عادة، من أجل التسلية والترويح عن أنفسهم أو في أحيان كثيرة من أجل الاحتفال بنجاحهم في الامتحانات.