مصري يوناني يرفع شعار «العلاج بالعودة للطبيعة»

حول تجربته مع المرض إلى مركز لنشر الوعي الصحي

TT

«نؤمن بالطبيعة ونرى فيها غذاء وعلاجا للروح والجسد، ونرى في العودة إليها عودة إلى أنماط الحياة الصحية والآمنة».. بهذه الفلسفة تعمل مؤسسة «سبيروس قسطنطين موروس الخيرية» بالقاهرة، التي لا تحمل فقط اسم مؤسسها المصري ذا الأصول اليونانية، وإنما تحمل تجربته المرضية التي مر بها وحاول نقلها للآخرين من غير أن يحتفظ بأسرار الشفاء لنفسه.

أسس سبيروس هذه المؤسسة الخيرية في عام 2000 بهدف أن تكون منبرا لتنمية المجتمع ونشر الفكر الصحي السليم، إضافة إلى تدعيم مفاهيم العودة للطبيعة والتوازن البيئي والطب البديل والزراعة الطبيعية، وكل ما من شأنه أن ينعكس على صحة الإنسان وبالتالي على حياته كلها.

يقول توني قسطنطين موروس، رئيس مجلس أمناء المؤسسة، عن نشاطاتها لـ«الشرق الأوسط»: «(سبيروس) مؤسسة خيرية أسسها أخي الراحل الذي أصيب بالسرطان، ليحاول مساعدة الآخرين على تخطي أزماتهم الصحية، فأحد أهم أهداف المؤسسة هو عرض الخبرة لمن يريد الاستفادة منها، ولكن دون أن نركز على مفهوم أننا صواب وغيرنا خطأ، فنحن نحاول مساعدة الآخرين على تخطي أزماتهم، فمن لديه مشكلة متعلقة بجسمه أو بصحته قد تكون مشكلة حياة أو موت، خاصة إذا كان الأمر خطيرا ولا بد أن يؤخذ بجد.. فعادة، المريض يتجه إلى الطبيب ويتناول الأدوية دون أن يكون له يد أو دور في الأمر، وهذا خطأ، فالمعركة هي معركة الشخص، ويجب أن يسعى للدفاع عنها، فحالته النفسية، على سبيل المثال، أحد أهم العوامل التي من شأنها التعجيل بالشفاء، كما أن عنصر الإيمان بالله في هذه الحالات عنصر أساسي».

ولأن مشكلات الصحة والأسلوب الصحي هي مشكلات عامة يعاني منها كل الناس على اختلاف مستوياتهم، فإن المؤسسة تعمل على إعطاء معلومات مهمة عن الصحة بشكل عام، وتساعد الناس على تجاوز أزماتهم وعلى الحياة بشكل صحي، وفي سبيل هذا تقوم بإعداد الكتب والمطبوعات وتوزيعها مجانا على الناس، إلى جانب القيام بعمل بعض الوسائط المرئية والمسموعة لمن لا يستطيع القراءة، وإقامة بعض الفعاليات الثقافية والندوات للتعريف بنشاطاتها ولنشر أهداف المؤسسة بين جموع الناس، وما يميز هذه النشاطات هو أنها تجمع بين مختلف أطياف البشر متعددي المستويات والاتجاهات.

ويكمل توني: «فكرة العودة للطبيعة كأسلوب علاجي هي فكرة جيدة جدا إذا تم تطبيقها بشكل علمي، فنحن نعتمد على العلاج بأحد أنواع الصبار يسمى صبار (أربو رسنس) Aloe Arborescens، نقوم بزراعته خصيصا وتجهيز المادة التي نعطيها للمرضى مجانا دون أي مقابل، لأننا لا نهدف للربح، وقد حقق هذا العلاج نجاحات جيدة مع كثيرين؛ أولهم أنا، حيث شفيت تماما من السرطان، كما أن هذا العلاج حقق نتائج جيدة مع أخي الذي لم يتوقع له الأطباء أن يعيش أكثر من ستة أشهر، لكنه عاش لمدة سنتين».

وتابع: «نمتلك مزرعة خاصة بنا في منطقة وادي النطرون أطلقنا عليها اسم (جنينة الحياة)؛ حيث نقوم بزراعة الصبار وإنتاج العسل الذي يقدم مجانا للمرضى، ويسير كل شيء في هذه المزرعة طبقا لقواعد الطبيعة ودون إخلال بالتوازن البيئي الطبيعي، كما أننا سنبدأ مشروعا آخر لزراعة نبات (البلانتاجو) الذي ثبتت فائدته في علاج حساسية الصدر، ولنا نشاط وتعاون بحثي مع جامعة طنطا في هذا الأمر، حيث تتم دراسة النبات واختباره معمليا، وإذا نجح يعمم ليكون حلا للمشكلات الرئوية، فليس كل شخص قام بتجربة أو تعاطي شيء ونجح معه يمكن أن نعتبر أنه يصلح للجميع إلا بعد اختباره بشكل علمي».

ولا تقتصر نشاطات المؤسسة على مجرد مقاومة الأمراض الخطيرة، لكنها تمتد إلى كل ما هو طبيعي، حيث يركز القائمون عليها على موضوعات مثل تشجيع الرضاعة الطبيعية باعتبارها اللبنة الأولى في حياة الإنسان التي سترتكز عليها صحته ومناعته في المستقبل، والاهتمام بموضوعات الزراعة الطبيعية التي لها تأثير مباشر على صحة الإنسان، إلى جانب احترام قواعد الطبيعة في مجال الزراعة، لأن عدم احترامها سينعكس بطريقة مباشرة على صحة الناس وحياتهم. ويضيف توني: «كل هذه المبادئ نسعى لنشرها وجعلها جزءا من حياتنا، وما نفكر فيه مستقبلا هو إنشاء مركز يساعد الناس على إدارة حياتهم وتجنب الأخطاء التي قد تؤثر على حالتهم بشكل غير مباشر، فهذا ليس أسلوبا علاجيا، ولكنها طريقة لإدارة الحياة والتعامل معها. وبالطبع، هذا سينعكس في النهاية على الصحة، وهذا أمر معقد، لأن احتياجات الجسم تتغير من مرحلة لأخرى ومن وقت لآخر، والجسم البشرى له متطلبات لا بد من مراعاتها، والعودة للطبيعة هو الأسلوب الأمثل الذي يمكن أجسامنا من العمل على الوجه الأمثل».

أما الخبير البيئي، نائب رئيس مجلس أمناء المؤسسة الدكتور محمد الزرقا، فيوضح أنه تعاون مع المؤسسة لسنوات طويلة لإيمانه بفكرة العودة للطبيعة والحفاظ على التوازن البيئي، وأهمية أن يكونا من أولويات حياتنا في كل المجالات مثل الصناعة والزراعة وأسلوب الغذاء، لأن هذا سينعكس على كل شيء في حياة الناس وعلى صحتهم التي تعتبر أغلى ما يملكونه.

ويبين أن «المؤسسة لها نشاطات وأهداف متعددة تصب في صالح صحة الإنسان وحياته، ونسعى من خلال المؤسسة إلى أن نهتم بجانب العلم والبحث العلمي، ولنا تعاون بحثي مع مراكز وجامعات في داخل وخارج مصر منها جامعة كوبيو في فنلندا، التي أجرينا معها شراكة بحثية عن تأثير الصبار وخرجنا بنتائج جيدة جدا نشرت في عدة دول، لإيماننا بأن فكرة العودة للطبيعة لا بد أن يساندها العلم، وأن كلا منهما لا يتعارض مع الآخر؛ بل يصلان بالإنسان إلى ما هو أفضل».