مزارعو بريدة يأملون أن ترتفع درجات الحرارة خشية مفاجآت نجم «سهيل»

سحب أغسطس تنضج التمر وتساوي حرارة الليل بالنهار

جانب من تدفق السيارات المحملة بالتمور على مدينة التمور في منطقة القصيم («الشرق الأوسط»)
TT

مع دخول الأيام العشرة الأخيرة من شهر أغسطس (آب)، الذي ترتفع معه درجات الحرارة لمعدلات قياسية، والذي يصادف هذا العام شهر رمضان المبارك، يأمل مزارعو وأهالي بريدة أن تشتد حرارة الجو خلال هذا الأيام المتبقية من شهر أغسطس وأن تكون حرارة الليل مقاربة لنهار وتتجاوز 40 درجة مئوية ليكتمل معه نضوج التمر، الذي تكون بدايته من مطلع هذا الشهر حتى نهايته، لأصناف محددة من التمور تشتهر بها بريدة.

ويستبشر المزارعون كلما ارتفعت درجات الحرارة، ويتخوف المزارعون والعاملون في سوق التمور ببريدة أن تهطل أمطار «سهيل» قبل أن تنضج تمورهم ويفسد محصولهم لهذا العام، وقد يتسبب هذا في خسائر كبيرة للعاملين بقطاع التمور، مع العلم أن هناك أصنافا من التمور يستمر نضوجها حتى منتصف شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. ويعرف سكان الجزيرة العربية نجم «سهيل» أو سهيل اليماني، وهو نجم يخرج في نهاية هذا الشهر من جنوب الجزيرة العربية، وتتضح بوادر تأثيرات هذا النجم بالظهور، منها قصر النهار، وبرودة الجو، لينتظره سكان شبه الجزيرة العربية، ليبشرهم بقرب انتهاء حرارة الجو وبدء موسم الأمطار.

ويعد شهر أغسطس شهر الفرح لأهالي مدينة بريدة التابعة لمنطقة القصيم (وسط السعودية)، التي ينخرط جل أهلها في زراعة النخيل، وهو ما يعتبرونه إرثا من الأجداد، وهو الأمر الذي قاد إلى أن تبلغ أعداد النخيل في منطقتهم أكثر من 6 ملايين نخلة، تنتج قرابة نصف إنتاج المملكة من التمور.

هذا الشهر طالما كان سببا في أن ترسم الابتسامة على محيا مزارعي المنطقة، لا سيما وهم يراقبون إنتاجهم من التمور وقت نضوجه أو استوائه، وتنتقل البسمة معهم إلى أسواق التمور، حيث تنعكس على المتعاملين بمدينة التمور مع عودة الحياة إليها خلال هذا الشهر، الذي يحبون أن يطلقوا عليه أو يسموه بـ«طباخ التمر»، والذي يشهد وجود بعض السحب في السماء، نتيجة سكون الهواء ليلا وانبعاث حرارة الأرض التي اكتسبتها في النهار، ليستمر لأكثر من 3 أيام متواصلة، وفي الغالب ما تؤدي هذه السحب إلى نضوج كامل لثمار النخيل، التي تجلب عوائد مالية للمزارعين.

وتتدرج عمليات نضوج التمر في السعودية، وتبدأ منذ شهر مايو (أيار)، وتكون البداية في المناطق الغربية والجنوبية، التي تعرف بحرارتها العالية، لتأتي تمور وسط السعودية التي يبدأ قطفها من أول شهر أغسطس، ومن ثم تأتي متأخرة تمور مناطق شمال المملكة، بمدة تصل إلى شهر كامل نتيجة برودة أجواء تلك المناطق ليلا.

وقد شهدت مدينة التمور ببريدة في منطقة القصيم ذروتها خلال هذه الأيام، وهي التي تحتضن مهرجان التمور، الذي تم تدشينه مؤخرا على يد الأمير الدكتور فيصل بن مشعل نائب أمير منطقة القصيم، وشهد خلال الأيام الماضية تدفقا واسعا لمنتجي التمور، لتسويق إنتاجهم.

وبحسب القائمين على السوق فإن الكميات المتداولة بالسوق زادت بشكل ملحوظ مع دخول الأيام العشرة الأخيرة لهذا الشهر، وهو الأمر الذي أرجعه الدكتور خالد النقيدان المدير التنفيذي لمهرجان التمور في بريدة إلى نضوج التمر بكميات كبيرة في المزارع، وانعكس ذلك على السوق، حيث يصل عدد المركبات التي تدخل السوق يوميا محملة بالتمور ما يتجاوز 2500 سيارة، وتوقع أن يرتفع الإنتاج لهذا العام ليصل إلى أكثر من 200 ألف طن.

وذكر الدكتور خالد النقيدان أن هناك تدفقا موازيا من قبل زبائن السوق، الأفراد والتجار، وارتفع معه الطلب أيضا على التمر، وتجاوز سعر الصندوق الصغير الذي لا يتجاوز وزنه 5 كيلوات 450 ريالا، وهو أعلى سعر سجله المهرجان.

وهنا يذكر عبد الله البسام، أحد مزراعي منطقة بريدة، أن هاجس أمطار «سهيل» يخفت الابتسامة قليلا، وخصوصا نهاية هذا الشهر تخوفا من وقوع أمطار قد تكون سببا في خسارة هذا الموسم. وأرجع عبد الله البسام سبب تخوف المزارعين من أن المطر على التمر في النخلة وغير المجني يفسده ويجعله غير صالح. ويحرص المزارعون على مراقبة السماء، وظهور السحب يربكهم ويقلقهم، خوفا من هطول الأمطار، في حين يتنفس مزارعو بريدة الصعداء عند ابتعاد تلك السحب الركامية عن مزارعهم.

وذكر عبد الله أن المزارعين يستبقون «سهيل» بقطع الماء عن النخيل تماما للإسراع في نضوج التمر، وهي العملية التي تجعل النخيل يعتمد ذاتيا على تغذيته، مما يجعل البلح أسرع بعملية النضوج.

وقال عبد الله إن هناك مَزارع تشهد حراكا مستمرا طوال اليوم نظرا لعمليات الجني الواسعة للتمور من قبل المزارعين، ليسابقوا الزمن تأهبا لمفاجآت «سهيل».