سوق مستلزمات المدارس في مصر بلون الثورة

شعاراتها انطبعت على الكراريس والأقلام وحوائط الفصول

سوق الأدوات المكتبية والمدرسية تأثرت سلبا في مطلع العام الدراسي
TT

يبدو أن ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) في مصر لم تقتصر فقط على ميادين الثورة وأمور السياسة، بل امتدت أيضا لتصل إلى المحال التجارية ومواسم دخول المدارس والجامعات، وتصل كذلك إلى مستلزمات التلاميذ المدرسية والمكتبية من كتب وأدوات مدرسية.

سوق الملابس، التي غالبا ما تنتعش قبل دخول المدارس والجامعات، وينتظرها كثير من التجار كل عام لجني الأرباح وزيادة المبيعات اعتمادا على انتعاش الطلب في هذه الفترة من العام، تأثرت هذا العام بـ«الثورة المصرية»، التي دخلت على خط المواسم التجارية أيضا.

الواضح أن موسم المدارس والجامعات هذا العام يختلف عن سابقه، فإضرابات المعلمين في المدارس وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات قبل بدء هذا العام الدراسي كان لها أكبر الأثر على هذه السوق المنتعشة، مما زاد من آلام الأسواق المصرية التي تعاني ركودا كبيرا منذ الثورة.

يقول محمد حسن، بائع بأحد متاجر وسط القاهرة «على الرغم من التخفيضات الهائلة المعتادة المتزامنة مع دخول المدارس، والعروض والتخفيضات السعرية التي تقدمها المحلات بعد انتهاء فصل الصيف، فإننا لم نشهد إقبالا كبيرا على الشراء بالنظر إلى تخوف العديد من الأسر من بدء الدراسة، في خضم الإشاعات التي كانت تشكك في بدئها في موعدها، وكذلك التخبط حول موعد فتح الجامعات. وبالنتيجة، لاحظنا البطء المبكر في حركة السوق، وهو ما أثر سلبا على مبيعاتنا التي تراجعت بنسبة كبيرة عما كنا نحققه في الأعوام الماضية في مثل هذا الوقت من العام».

أما عادل جلال، الذي يمتلك محلا تجاريا في منطقة فيصل بجنوب غربي القاهرة، فقال «الأمور في البداية كانت صعبة، وكان هناك نوع من تراجع الإقبال مقارنة بالعام الماضي، ولكن مع استقرار الأمور وبدء الدراسة في المدارس بالفعل، ومن ثم انتهاء إضراب المدرسين، أخذت الأمور تعود إلى ما كانت عليه، بل هي أفضل في كثير من الأحيان، خاصة مع التخفيضات والعروض بمناسبة انتهاء الموسم الصيفي». وأرجع جلال «البطء في البداية إلى أن الأسرة المصرية ما كادت تنتهي من موسم شهر رمضان وعيد الفطر السعيد حتى دخل عليها موسم المدارس، وما يترتب على ذلك من مصاريف تتكبدها الأسرة المصرية، وفي ظل حالة اقتصادية صعبة يعاني منها كثير من المواطنين». ولم تكن سوق الملابس هي الوحيدة المتأثرة سلبا بأحداث الإضرابات والاعتصامات التي أعقبت الثورة في مصر، بل تأثرت أيضا سوق القرطاسية والأدوات المكتبية والمدرسية. ولكن بعيدا عن سوق الملابس وأزياء المدارس الموحدة، تلونت سوق القرطاسية والأدوات المكتبية والمدرسية بلون الثورة، إذ تغيرت ألوان الأدوات التي يحملها الأطفال والطلاب معهم إلى المدرسة أو الجامعة وأخذت بريق الثورة، وكتبت على أقلام التلاميذ وأدواتهم وكراريسهم وكذلك أجندات طلاب الجامعات شعارات الثورة. وأيضا تغيرت أغلفة أوراق الحائط التي تزين بها الفصول (الصفوف المدرسية)، وساعد هذا التغيير إلى حد ما على إنعاش السوق بعدما انطلق الموسم الدراسي مشوشا هذا العام.

وحسب سناء أحمد، وهي ربة منزل كانت تشتري مستلزمات مكتبية لأطفالها من إحدى المكتبات الكبرى بالقاهرة «لا يتأثر موسم دخول المدارس بالإضرابات والاعتصامات، خاصة أن معظم أبنائي يدرسون في مدارس خاصة، وتبدأ الدراسة في موعدها المحدد إذ لا توجد إضرابات أو اعتصامات للمعلمين في هذه المدارس. وعند بدء العام الدراسي قمنا مثل كل عام بشراء مستلزمات الأولاد من الكتب الدراسية والأدوات المكتبية، ولم نتأثر كثيرا هذا العام إلا بسبب القلق بعض الشيء من حالة الانفلات الأمني، لأن مدارس الأولاد تقع خارج القاهرة. لكن هذه المخاوف تبددت مع بدء العام الدراسي بأمان وسارت الأمور بشكلها الطبيعي».

مع هذا، فإن الأعباء الدراسية لا تعاني منها مختلف الأسر على شاكلة واحدة، فالمصاعب التي تصاحب دخول الدراسة عند الأسر التي تسكن المناطق الشعبية تختلف كليا عن المصاعب التي تواجهها سناء. فأولاد سكان المناطق الشعبية، في الغالب، يذهبون إلى المدارس الحكومية، حيث أضرب هناك المعلمون مطالبين بتحسين ظروفهم المعيشية وزيادة الأجور. وكما قال سيد عبد الله، وهو موظف حكومي «الأمور لم تتغير كثيرا، لأننا قبل دخول المدارس بدأنا بالفعل في شراء المستلزمات المكتبية للأولاد، لأن غالبية أبنائنا يعتمدون على الدروس الخصوصية التي في الغالب تبدأ قبل بداية الدراسة في المدارس بعدة أسابيع».

والشيء نفسه أشار إليه محمد عبد الرحيم، أحد الباعة في منطقة بولاق القاهرية، إذ قال «لم تتأثر كثيرا سوق الأدوات المكتبية هذا العام بإضرابات واعتصامات المدرسين وأساتذة الجامعات، خاصة أن الأدوات المكتبية هذا العام أخذت شكل الثورة وأعجبت الكثير من الأطفال وكان عليها إقبال جيد. واللافت في الأمر أن المدارس لم تغلق أو تتوقف الدروس الخصوصية حتى مع إضراب المعلمين، لذا كان الإقبال متوسطا في البداية ثم عاد لمعدلاته الطبيعية مع إنهاء إضراب المدرسين ودخول الجامعات بعدها بفترة قليلة، وهو ما أنعش السوق مرة أخرى».

وما بين إضرابات المدرسين ومطالب أساتذة الجامعات تنتظر غالبية الأسر المصرية من الثورة الآن الحلول الناجعة لمشكلات التعليم في مصر، وتخفيف أعبائه التي تتزايد على الأسرة المصرية سنة بعد سنة، بعد فشل النظام السابق في مواجهة هذه المشكلة، كما ينتظر الباعة وسوق الملابس والأدوات التجارية مزيدا من الاستقرار، حتى تعود عجلة المصريين للدوران في مسارها الصحيح.