السعودية: «الجواهر».. أصغر فرقة طربية اقتحمت الأعراس النسائية بفن «المجس»

يبلغ أكبرهم 14 سنة ولا يتجاوز صغيرهم الـ7 سنوات

جانب من إحدى حفلات «فرقة الجواهر» («الشرق الأوسط»)
TT

لم يعد دخول فرق المجسّات الحجازية إلى قاعات الأعراس النسائية في المملكة العربية السعودية أمرا مستحيلا، رغم الخصوصية التي تتمتع بها تلك الأعراس، فبعد أن كانت الفرقة لا تتجاوز جدران قاعات الرجال لنقلها «صوتيا» إلى النساء، بات «الجسّيس» يعتلي منصة الرقص النسائية مع رفاقه لتأدية عروض حيّة للوحات شعبية متعدّدة كالمزمار والينبعاوي وغيرهما.

كل هذا أصبح أمرا سهلا في ظل ظهور فرقة طرب شعبية مكوّنة من مجموعة أطفال، أطلقت على نفسها اسم «الجواهر». ويؤدي هؤلاء الصغار مهاما قد يراها البعض صعبة عليهم، لكنهم استطاعوا تأديتها بشكل احترافي لا يختلف عن الكبار سوى في أحجامهم.. والأعمار طبعا.

فرقة «الجواهر»، التي انطلقت قبل نحو سنة، من منطقة الطائف، وهي تحتضن ما يقارب 23 طفلا، من بينهم 9 أشقّاء، كان والدهم هو صاحب فكرة تشكيلهم مجموعة طربية. ولقد لاقت نجاحا كبيرا لتصبح في ما بعد أصغر فرقة طرب شعبية على مستوى السعودية.

مشعل فواز الجوهرجي، ابن الـ13 ربيعا، ذكر لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاء معه أن عدد أعضاء فرقته وصل إلى نحو 23 طفلا، أكبرهم لم يبلغ الـ15 سنة، في حين يبلغ عمر أصغر أعضاء الفرقة ما يقارب 7 سنوات، لافتا إلى أنهم جميعا من أبناء منطقة الطائف، بغرب المملكة العربية السعودية.

وتابع في حديثه: «جاء قرار تشكيلنا فرقة طرب بمحض الصدفة، إذ إننا كنا في جلسة مع والدي بإحدى الاستراحات، وفجأة اقترح علينا تشكيل فرقة شعبية، وهو ما جعلنا نبدأ بحفل زواج أحد معارفنا، ومن ثم المشاركة في مهرجان محلّي».

وأوضح مشعل أن فرقة «الجواهر» تضم تسعة أشقاء بينهم هو، في حين أن الآخرين من «الأصدقاء وأبناء الحارة»، مشيرا إلى أنهم أثناء الإجازات الرسمية يخرجون خارج الطائف لإحياء العديد من الحفلات، بينما يقتصر دورهم إبان الدراسة على نهاية الأسبوع فقط.

في الواقع، فرقة «الجواهر» ليست مجرد تجمع لأفراد يتشاركون الأداء في كل حفل بشكل عشوائي، بل تضم أفرادا لكل منهم تخصّص معيّن، إذ يلعب مشعل - مثلا - دور «الجسّيس»، في حين يقوم شقيقه تركي بردّ الصوت عليه وتأدية «رقصة المزمار» الشعبية، إلى جانب مشاركة الأخ الثالث سلطان في الغناء والردّ أيضا.

وبالعودة إلى مشعل، الذي أضاف قائلا: «من منطلق اهتمام والدي بجلسات الطرب الشعبي، كنت ألتقي بفرق كبيرة وجسيسين مشهورين على مستوى المنطقة، وهو ما دفع بي إلى محاولة تقليدهم وتأدية المواويل الحجازية التي نجحت فيها، بجانب كتابة والدي لكلمات المجس كي أحفظها وأؤديها». وأردف خلال الحديث أنه وأعضاء فرقته قد أدّوا وصلة طربية أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أثناء تدشينه مشروع زمزم بمكة المكرمة.

وحول مشاركة والد مشعل - فواز الجوخرجي - معهم في الغناء، أوضح مشعل أن والده «يكتب كلمات المواويل فقط، بينما نتولّى نحن مهمة الغناء»، شارحا في الوقت نفسه أن والدهم كوّن فرقة أخرى تابعة لهم غير أنها تضم أعضاءً كبارا باعتبار أن فرقتهم تضم أطفالا فقط.

من ناحيته قال فيصل (15 سنة)، شقيق مشعل وأكبر أعضاء الفرقة سنا، إنه وإخوته كانوا يحرصون منذ الصغر على حضور جلسات المزامير الشعبية مع والدهم، الأمر الذي جعلهم يبدأون في التعلم على العديد من الآلات الموسيقية التراثية كالزار والمرد والعلبة والمرجاف وغيرها. وسرد لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «لقد قمنا حتى الآن بإحياء ما يقارب 32 حفلة زواج على مستوى منطقة الطائف، من بينها حفلات نسائية، فضلا عن مشاركتنا في المهرجانات المحلية بمختلف مناطق السعودية»، أما عن الأجر الذي تتقاضاه الفرقة، فقال إن الأجر عن الليلة الواحدة يتراوح ما بين 3 و4 آلاف ريال، موضحا أن والده هو مَن يحدد السعر.

الشقيق الثالث سلطان (12 سنة)، انضم إلى الحديث، مشيرا إلى «وجود إقبال قوي من قبل أفراد المجتمع على فرقة الجواهر كونها تعد أصغر فرقة شعبية على مستوى السعودية».

وأضاف: «في الحقيقة لم نكن نتوقع أن نقوم بإحياء أكثر من 32 حفل زواج منذ أول سنة لتكوين الفرقة، إلى جانب مشاركتنا في العديد من المحافل الرسمية التي تتضمن استقبال الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، فضلا عن تحقيق شقيقي مشعل المركز الخامس في المملكة كأفضل جسّيس».

وبالنسبة إلى مدى تدرّب أفراد الفرقة المسبق على أدوارهم قبل إحياء أي حفل، ذكر سلطان أنهم لا يحتاجون إلى ذلك كونهم يعزفون في الأساس منذ الصغر، ولا سيما أنه شخصيا بدأ في العزف على الآلات الموسيقية الشعبية قبل أن يتجاوز الثامنة من عمره. ثم زاد «لا تقتصر هوايتنا على تأدية الألوان الشعبية فقط، وإنما نمتلك وإخوتي هواية الرقص الغربي، بالإضافة إلى رياضة التزلج التي شاركنا بها في بعض المسابقات الدولية».

«طموح (الجواهر) لا يقف عند هذا الحد، بل يمتد إلى تحقيق الشهرة حتى على المستوى العالمي»، كما قال سلطان، الذي استطرد متابعا «الكثير من الإيجابيات استطعنا الوصول إليها من خلال فرقتنا، خصوصا وأنها تعد وسيلة جيدة مفيدة أفضل من جلستنا في الشوارع، وهذا عدا عن المتعة التي نشعر بها وحصولنا على النقود أيضا».