جمعيات غزة الخيرية تقدم لحوم الأضاحي للعائلات المعوزة

التكافل الاجتماعي قلص مظاهر الحرمان التي تكابدها الأسر الفقيرة

فلسطينيون يؤدون صلاة العيد في مدينة غزة (رويترز)
TT

بخلاف جميع أبناء العائلة، حرص يسري على النوم طوال ساعات اليوم الأول من عيد الأضحى، فهو يدرك أنه سيكون مضطرا للعمل طوال الليلة المقبلة في مجال ذبح وسلخ الأبقار والماشية في أحد المسالخ في المنطقة الوسطى من قطاع غزة لصالح إحدى الجمعيات الخيرية العاملة في المنطقة. وبالفعل، فبعد أن أدى صلاة العشاء انضم يسري إلى نحو ثلاثين من الشباب الذين تستخدمهم الجمعية كل عيد أضحى؛ حيث يتقاضى كل واحد منهم مبلغ مائة شيقل (27 دولارا) في الليلة. وقد عمل الطاقم طوال ليلتين؛ حيث يتم تنظيم العمل، بحيث تم تقسيم الشباب إلى مجموعات، منها من يتولى عملية الذبح، وأخرى تتولى السلخ، وأخرى تتولى تقطيع اللحم، ومجموعة تتولى عملية وزن اللحوم ووضعها في مغلفات بلاستيكية. ويتم نقل اللحوم المغلفة إلى ثلاجات كبيرة حتى يتم توزيعها في الصباح على العائلات حسب بيانات أعدها قسم البحث في الجمعية، الذي أعد قوائم بأسماء العائلات المعوزة، أو تلك التي لم تتمكن من ذبح الأضاحي لهذا السبب أو ذاك.

وحسب إدارة الجمعية، فإنه يتم تحديث البيانات المتعلقة بقوائم الأسر المعوزة كل عام؛ حيث إن القائمة باتت أطول بسبب انضمام المزيد من العائلات لهذه القائمة، بفعل تفاقم الأوضاع الاقتصادية. وفي معسكر المغازي للاجئين، وسط القطاع، توزع الجمعية اللحوم من خلال حافلة صغيرة على العائلات؛ حيث تحصل كل عائلة على عبوة يبلغ وزنها 1.5 كيلو من اللحم. وحسب القائمين على الجمعية، فقد قامت هذا العيد بذبح 20 رأس بقر و100 رأس من الغنم. وتحصل هذه الجمعية، كما هو حال غيرها من الجمعيات على الأموال اللازمة لشراء الأضاحي من جمعيات خيرية في الخارج ومن متبرعين من الداخل. وكما هو الحال في كل عيد، فقد دخلت على الخط، الفصائل الفلسطينية؛ حيث برز بشكل خاص دور حركتي حماس والجهاد الإسلامي في توزيع لحوم الأضاحي. وقد أعلن خضر حبيب، القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي، أن حركته قامت بتوزيع لحوم 100 رأس بقر في القطاع، بحيث استفادت منها نحو 20 ألف عائلة في جميع أرجاء قطاع غزة. وإلى جانب الفصائل الفلسطينية، يلعب بعض الموسرين دورا أساسيا في مد المعوزين بلحوم الأضاحي. ففي كثير من الأحيان يقوم بعض الموسرين بذبح أكثر من رأس بقر، بغية توزيع لحومها على العائلات الفقيرة. وفي حالات أخرى يقوم بعض الفلسطينيين الذين يعملون في الخارج بإرسال أموال لأقاربهم ويطلبون منهم شراء الأضاحي وتوزيع لحومها باسمهم على الأقارب والجيران المعوزين. وفيما يتعلق بأسر الشهداء والأسرى في السجون الإسرائيلية فإن الجمعيات الخيرية لا تكتفي في الغالب بتوزيع لحوم عليها، بل تقدم لها أضاحي كاملة.

وتدلل المؤشرات كلها على أن حالة التكافل الاجتماعي التي تسود قطاع غزة قد قلصت إلى حد كبير مظاهر الحرمان التي تكابدها الأسرى الفقيرة.